السبت 19 آب 2023 18:52 م

رفض الواقع


* جنوبيات

كم حياة يعيشها الإنسان في عمره، وكم مرة يموت في اليوم الواحد، كيف يتأثر بالبيئة ويتأثر بها، أسئلة تتراءى لنا في خضمّ المتغيرات للطبقات الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع، وفي خضمّ التأويلات للتحولات التي ما لبثت ان ألقت وشاحها على المجتمع البشري، يبدو ان الفرد بات يبرز كل أسلحته لمقاومة كل الشر المتواجد في أروقة المجتمع، او البيئة التي تحجب عنه كل الإمكانيات وكل الأسباب لإعلان ثورة على الموروثات من العادات ومن السلوكيات الآخذة نحو الإنتفاضة في وجه الطغيان والقهر والذل، ومن ثم يأخذنا هذا الواقع الى رفض المسلمات وإشعال فتيل النهوض من الكبوة تلك التي توصف بالتقوقع والرضوخ لما هو متواجد، ولما يحمل الإنسان من هموم على أكتافه تثقل كاهله وتأخذه الى مكان هو يقبع به منذ ان ترعرع وأصبح شاباً، إذ لا سبيل للعصيان والتمرد دون الإستناد الى أرضية راسخة من العلم والمعرفة بالقدرة على التغيير والتأثير بالآخر.

هنا نتساءل، ما هي العناصر التي تساعد الفرد على الإستكانة والعيش والقبول بالواقع كما هو دون الإعلان من قبل القيمين على قواعد اللعبة بالتغيير، من ذا الذي يقبل ما يتأتى عليه من الخارج دون ان يكون لديه آلية التحكم عن بعد وآلية التغيير لمداخل الرقعة والمساحة التي هو يشغرها، من هو صاحب القرار الخفي الذي يفرض عقليته وافكاره دون المساس بمعتقدات الجماعة الاجتماعية السائدة، هنا نطرح التساؤل الكبير، لماذا يشعر الإنسان بأنه مغلوب ومحكوم على امره من قبل قوة طرف آخر؟ متى يسود ذلك الشعور بالتفوق والنجاح والقدرة على احكام السيطرة على الظالم؟ الذي لا يلبث يحاول الإيقاع بغريمه مهما تكلف من حروب نفسية بالمعنى المجازي؟
في الواقع يحيا الإنسان حياته وهو يحاول إرضاء الآخرين غافلاً انه مشروع للإستبدال عند اقرب فرصة، وعلى الرغم من ذلك نرى الإنسان نفسه راض بواقعه ويأبى التغيير من خلال رفض الواقع ومقاومته، فالبيئة التي هو فيها تحكم قبضتها عليه وتعلم كيف تحوله الى آلة لتنفيذ الأوامر دون اعتراض او تسجيل موقف، هذا التحول وهذا الرضوخ يكلف الإنسان عمره الذي افناه، فنراه مجرد آلة لتنفيذ مخطط العدو دون الإعداد له او سبقه ومفاجأته لما هو جليّ ان يقع به، فالوضع بات أشبه بسفينة غارقة وكل راكب يحاول تخليص نفسه من الموت المحقق، لكن السفينة مصيرها الغرق والركاب مصيرهم الموت وعدم النجاة، هذه السفينة اذا تعمقنا لوجدنا ان الغرق ليس من مخططاتها لكن الأحداث تقع على الرغم من عدم التوقع، أي كذلك الإنسان من الممكن اكتشاف حقيقة بعض البشر على الرغم من عدم توقعه ذلك، لا وبل انه يطمئن نفسه بين الحين وآخر ويأمل ان يكونون اسوياء ويحملون كل الإيجابية، لكن الواقع سرعان ما ينكشف ويضع كل انسان في موضعه الطبيعي.
أخيراً نقول ان الحياة تخبئ للإنسان المفاجآت فإنما ان يحذف اشخاصاً ويضيف اشخاصاً على القائمة خاصته، وانما ان يعلن حالة تأهب لكل فرد يقابلة ، فخطة الحياة تخبئ له ما لم يكن متوقعا، وهو لا بد من الأخذ بهذه المجريات التي تحمل في طياتها أسباب الإنقلاب والتغييربما يتناسب مع التطورات الحياتية .  

المصدر :جنوبيات