في هذه الرّحلةِ الطويلةِ من الحياة، ستجدُ الكمّ الهائل من الصّعاب، وستُواجه الكثيرَ من الأقنعةِ والقليلَ من الوجوهِ. فإيّاك أن تُخدعَ بالمظاهر وتتلوّنَ بالمفاخر فتقعَ مذمومًا مدحورًا، لا حمدًا ولا شكورًا.

تحت أي مسمّى: 
ثورة 
انتفاضة 
حراك 
طالبت النّاس المقهورة بوقف الهدر والفساد والرشوة بكلّ أنواعها واستعادة الأموال المنهوبة أينما وُجدت، فكانت الطّامّة الكبرى: مصادرة أموال الشّعب ومدّخراته وجنى عمره، وإفقاره وتجويعه وإذلاله إلى حدّ الموت بلا هوادة.

النّظام اللبنانيّ ومعادلة القهر والقمع والاستبداد وإهدار الحقوق... لم أرَ بحياتي مثل ما أراه اليوم، وأعتقد أنّني لن أرى في الكون مثيله.
والأنكى والأدهى والأشدّ كراهية عندما تجد من فتكوا بك يريدون أن يضعوا آليّات للمعالجة، ويجترحون المعجزات على حسابك أنت وأنت فقط. 

يسرقون جنى عمرك، يسلبون زهرة شبابك، ينهبون أيّامك كلّها، فلا متّسع لأمل، ولا حلول لأجل، ولا جدوى من عمل. فالمهمّ عندهم أن تبقى ثرواتهم بمنأى عن سيف المحاسبة، وإرثهم مصانًا في تقلّبات الزمان. 

وأنت أيّها المواطن اللبنانيّ المسكين، كيف ستتعايش مع زمرة من النصّابين، وحفنة من المسؤولين، أصحاب الذمم الرخيصة، والنفوس الرهيصة؟

إليك أقول:
اعـتزل مع نفسـك قـدر ما تستطيـع، وصاحـب الذيـن ربّما يستطيعـون تحسين حالتك، ورحّـب بمن تستطيـع تحسين حالهم، والعملـيّة متبادلـة: فالبـشر يتعلّمـون عندمـا يُعلِّـمـون.

اللهمّ يا شاهدًا غير غائب، ويا قريبًا غير بعيد، ويا غالبًا غير مغلوب، اجعل لنا من أمرنا هذا فرجًا ومخرجًا، وارزقنا من حيث لا نحتسب.
آمين يا ربّ العالمين.