الأربعاء 6 أيلول 2023 10:58 ص

اللواء إبراهيم بعد جولة في جبيل يستبعد أي حلّ قريب: مصرّون على وحدة لبنان


* جنوبيات

رأى اللواء عباس إبراهيم "إن الأمور في لبنان حتى اللحظة صعبة وتبدو مقفلة للأسف"، وأعلن أنه "لم ير حلاً في الأفق، ولكن كلني رجاء إن يتحقق الأمل بانتخاب رئيس للجمهورية"، مؤكداً أننا "لن نسمح لأحد، ما بقينا وحيينا، أن يضرب معاوله في ركن هذا الوطن".
وقال: "إننا من مدرسة قال قائدها من يطلق النار على دير الأحمر والقاع وشليفا إنما يُطلق النار على قلبي وأولادي وبيتي، وبهذه المدرسة آمنا، وبتعاليمها سنكمل الطريق مصرين على وحدة لبنان والتعايش والتكامل والتكاتف والتضامن في وجه معاول الهدامين".
كلام اللواء إبراهيم جاء في خلال جولة قام بها على مرجعيات جبيل الروحية، تخللها زيارة لسوق المدينة وقلعتها  ودير مار شربل في عنايا.

استهل اللواء إبراهيم جولته، بزيارة دار الإفتاء الجعفري وكان في استقباله المفتي الشيخ عبد الأمير شمس الدين، عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب رائد برو، مسؤول قطاع جبيل وكسروان في "حزب الله" الشيخ حسين شمص، رئيس انطش جبيل الأب سيمون عبود، رئيس جمعية "أنصار الوطن" شادي باخوس وسامر جمال حسين وفاعليات.
وتحدث المفتي شمس الدين مرحباً باللواء إبراهيم وبحضوره في "مدينة العيش المشترك في جبيل"، وقال:"نرحب بكم في هذا المركز الذي هو بيت جميع اللبنانيين ولا يختص بطائفة أو مذهب، وهو بيت يتشرف باستقبال اي لبناني من أي مذهب أو حزب كان، ونرحب باللواء عباس إبراهيم الذي ما رأيناه في كل جولاته من خلال مركزه في الأمن العام، ما رأيناه إلا إنساناً مصلحا ويعمل بوطنية وصدق لمصلحة كل لبنان دون النظر إلى طائفة أو حزب، إنما كان يتفانى من أجل مصالح وطنه ولذلك أعتبره على رأس المُواطنين اللبنانيين الصالحين".
وذكر المُفتي شمس الدين بالآية القرآنية الكريمة التي تحكم الأخوة والتصافي بين الناس: (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها في كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون).
وتوجه إلى الحضور بالقول: "أيها السادة هذه سنة إلهية تجري في التاريخ بإذن الله، فالكلمة الطيبة لن تذهب هباء إنها كشجرة طيبة عميقة الجذور ضاربة في العمق مرتفعة في السماء تنشر ظلها  الوافر على الأرض، فينعم بها الآخرون، وأن الكلمة الطيبة هي كلمة الحق تبقى تنشر عبقها في التاريخ بكل ثبات وقوة، وتهز قلاع الظلال وتشدد من عزيمة المستمع المنصف وتزرع النور في القلوب وكان هؤلاء رعاة الإصلاح في البلاد والعباد والشجرة، الطيبة دائمة العطاء بإذن ربها ومثلها الكلمة الطيبة يجري غطاؤها عبر الأجيال وفي مقابل ذلك تشبه الكلمة الخبيثة التي لا أصل أنساني لها الشجرة الخبيثة التي لا تجني إلا ثمراً مُضراً مضافة إلى أن لا جذور لها فهي قلقة وفي مهب الريح، ولا يمكن أن يمر بها خيراً والكلمة الخبيثة لا نفع لها ولا استقرار".
وتابع المفتي شمس الدين بكلام الإمام علي بن أبي طالب قائلا توجه أمير الكلام "ما خلق الله عز وجل شيئا أحسن من الكلام ولا أقبح منن فبالكلام ابيضت وجوه وبالكلام اسودت وجوه"، وأضاف إخواني أصحاب الوجاهة  والإيمان أود أن ألفت نظركم إلى أننا  نحن المتعبدون وبكلام الله تعالى وكتابه المجيد الذي يقول: "أن الذين آمنوا والذين عادوا والنصارى والصائبين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
وقال: "نحن نعتبر من ذكرهم الله في هذه الآيات الكريمات إخوانا لنا في الإيمان والإنسانية نتعاطى معهم كما نتعاطى مع بعضنا كمؤمنين ولا نميز أنفسنا عنهم، وان مضمون هذه الآية الكريمة جاء من الله تعالى رداً على دعاوى اليهود العنصرية أنهم شعب الله المختار والمغفور لهم سلفا فيقرر القرآن أن باب السعادة والقرب الإلهي مفتوح لجميع على اختلاف قومياتهم وانتماءاتهم سواء كانوا مُسلمين عاملين بإسلامهم أو يهودا أو مسيحيين، إذا كانوا قد آمنوا بالله واليوم الآخر واتبعوا الشريعة التي كلفوا بها في زمانهم وهكذا يأمن من يوكل أمره وقيادته".

بدوره قال اللواء إبراهيم: "جبيل تجمع ولا تفرق وشكرا لكم من القلب. سبب زيارتي إلى جبيل بدعوة من المفتي اللقيس ولا تكتمل الزيارة إلى جبيل دون أن أمر إلى بيتي وهو دار الإفتاء الجعفري وبيتي في كنائس جبيل، ونحن من مدرسة قال قائدها التعايش الإسلامي المسيحي ثروة يجب أن نتمسك بها ومن يطلق النار على دير الأحمر والقاع وشليفا إنما يطلق النار على قلبي وأولادي وعلى بيتي، ومن هذه المدرسة تخرجنا جميعاً وبهذه المدرسة آمنا وبتعاليم هذه المدرسة سنكمل الطريق، ونصر  على وحدة لبنان والتعايش والتكامل والتكاتف والتضامن  في وجه معاول الهدامين، ولن نسمح لأحد بأن يهدم أي ركن من أركان لبنان، لبنان واحد وسيبقى واحدا ما تنفسنا وما عشنا، وما نبضت خلاجات قلوبنا، ومن دافع عن لبنان إلى حد الاستشهاد سيقاتل عن لبنان بالكلمة، والكلمة أقوى من الرصاص وسنصر على الكلمة والحوار".
وأضاف: "إنما حضوري في جبيل مدينة الحوار والحضارات وكما قيل لي هي المدينة الأولى أو الثانية في تاريخ البشرية، وهذه المدينة التي تختزن أبناء الوطن بكل تلاوينهم وطوائفهم ستبقى مدينة التعايش والنور والكلمة".

وختم: "لن نسمح لأحد، ما بقينا وحيينا، أن يضرب معاوله في ركن هذا الوطن وأقول انه في كل لبناني، مسلماً كان أو مسيحياً، معايير مشتركة بين الأديان وهذه الحضارة الفريدة بالعالم التي لا يفهمها احد والتي إذا ذهبنا شرقا وغربا  لن نجد من يفهم هذه الحضارة الفريدة ونحن نمثل حوار الحضارات في هذا العالم، والمشهد الذي رأيته في دار الإفتاء الجعفري بالتنوع والتميز أثلج قلبي".
ثم قلد البروفسور مُخلص الجدة باسم المُنظمة العالمية لحوار الأديان والحضارات اللواء إبراهيم الوسام الذهبي من الدرجة الأولى، "وهو الوسام الأول في الشرق الأوسط للواء الذي أطفأ الحروب ومثل السلام بكل التعليم التي وجهها القرآن الكريم والإنجيل، وان كان الإمام السيد موسى الصدر قد غيب قسرياً ومع الأسف الإمام محمد مهدي شمس الدين قد غيب اختياريا ولم نكرمهم فاليوم يُمثل نهجهم في السلام والحوار اللواء عباس إبراهيم فنكرمه ولنا الشرف".

بعدها زار اللواء إبراهيم دير مار شربل في عنايا حيث جال في أرجائه، وكان في استقباله رئيس الدير  الآباتي طنوس نعمة الذي قال: "سررت اليوم بزيارة الجنرال الوطني المحب لكل اللبنانيين دون تفرقة، والذي بذل جهوده خدمة للبنان واللبنانيين، واليوم ببركة مار شربل سيكون اللواء أقوى".

أما اللواء إبراهيم فقال: "رأيت في هذه الزيارة كل العائلات اللبنانية تدخل إلى الدير على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم، مسلمين ومسيحيين، وحتى منظر الأخوات المُحجبات المُسلمات أفرحني وهذا دليل أننا نؤمن برب واحد وما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا والقرآن الكريم في آياته تعالوا إلى كلمة سواء وهذا ما شاهدناه في دير مار شربل عنايا".
ثم دعا الاباتي نعمة اللواء إبراهيم إلى إضاءة شمعة على نية انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، واللواء إبراهيم أجابه "إن شاء الله".

كما زار اللواء إبراهيم راعي أبرشية جبيل للموارنة المطران ميشال عون حيث كان في استقباله رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مارتينوس ورئيس بلدية بلاط عبدو عتيق.
 ورحب المطران عون باللواء إبراهيم وأكد أن "العلاقة مع اللواء كانت دائمة وكنا نقدر الجهود التي كا يبذلها والتي كانت تحل المشاكل الشائكة التي كان يكلف بها، وهذه موهبة من الله، كان اللواء يبدع  بها وزيارته اليوم لنا لها معنى كبير لنا أولاً لأن جبيل هي مدينة الحوار، ونحن كمطرانية منفتحون دائما على هذا الحوار وأسسنا في قضاء جبيل لجنة وطنية للحوار الإسلامي المسيحي".

وأكد أن "الحرب  الداخلية ممنوع أن تدخل وطننا"، مُستذكراً إعلان عنايا عام 1975 الذي شجع على الحوار ونبذ الحرب، ونؤكد أن لبنان لا يقف على رجليه إلا بالعيش معاً كمُسلمين ومسيحيين وبالحوار".
من جهته، شكر اللواء إبراهيم، المطران عون على استقبال وقال: "لم اشعر هنا إلا أنني في بيتي وليس فقط في دير أو كنيسة، وهذه زيارة عنوانها محبة وحوار ومثل ما قال المطران عون لا خيار لنا إلا الحوار، ولن نسمح أبداً جميعاً، أن يعلو صوت الرصاص على صوت الكلمة".
وأشار إلى أن "هذه الزيارة هي زيارة محبة ورجاء قيامة لبنان، وإنا اعلم انه بعد أيام عدة  قادم عيد الصليب، وهو عيد ليس فقط للمسيحيين بل للجميع ونحن أعيادنا مُشتركة وأتمنى أن يكون هذا النهار لقيامة لبنان وليس لصبر لبنان ولعذابه".

وختم: "حتى اللحظة الأمور صعبة وتبدو مقفلة للأسف، ولكن الرجاء بالكلمة والحوار ونحن نعلق أمال على هذه الآمال"، وقال رداً على سؤال عما إذا كان شهر أيلول شهر انتخاب الرئيس: "إنا لا أبصر ولكن استطيع أن أقول لكم إنني لا أرى حلاً في الأفق، وكلي رجاء أن يتحقق".

وفي ختام الجولة، أقام مُفتي جبيل للطائفة السنية الشيخ غسان اللقيس مأدبة غداء على شرف اللواء إبراهيم في دارته، في حضور عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب زياد الحواط والوزير السابق مروان شربل.

وقال المفتي اللقيس: "أهلاً وسهلا بك حضرة اللواء في جبيل، هذه المدينة العريقة الضاربة في التاريخ والتي تكاد أن تكون أول مدينة في التاريخ، أهلاً بك في مدينة الحرف، أهلاً بك اليوم وغدا وفي كل يوم. سعادة اللواء المرء يحار فيك كيف يبدأ ومن أين يبدأ، وما أود أن أقوله بأنك اختصرت القيادة والسياسة فكنت المدير للأمن العام وأديت الرسالة والأمانة، حافظت عليها كما يحفظ الرجل ابنه، وعملت على حماية الوطن عبر العمل على الاستقرار الدائم الذي عملت به ونجحت، وحافظت على الهدوء والاستقرار السياسي في ما بين الرئاسات، وكم سعيت في الخفاء لحل مشاكل كادت أن تحدث بين الرئاسات، وأمور كثيرة كنت صمام أمان لبنان، لكل لبنان، وكنت المُدير والنائب والوزير والرئيس والمرؤوس في سعيك الدؤوب هنا وهناك وكان لا يهدى لك بال حتى تجني النجاح، وفي الخارج كنت سفيراً فوق العادة، وكنت المفاوض الأول الذي حرر المخطوفين والأسرى في مراحل عدة".
وختم: "سيادة اللواء نكرر ترحيبنا بكم اليوم وغدا وساعة ما تشاؤون جبيل مدينتكم ونحن أهلكم وانتم أصحاب الدار".

أما شربل فاستذكر العلاقة مع اللواء إبراهيم، وقال: "افتخر باللواء الحبيب والتي عملنا لفترة طويلة في حلحلة بعض المشاكل والأزمات، وندمت لأنني لم أكن اعرف اللواء إبراهيم قبل أن استلم وزارة الداخلية في حينها بسبب العقل الأمني الكبير والمجهود الذي كان يبذله مُنذ أول حياته العسكرية والتي كان نصب أعينه حماية الوطن، كل الوطن".

أما الحواط فقال: "ما يجمعنا مع اللواء إبراهيم كل الاحترام والصداقة، فهو خير من استلم مهام في الدولة والدليل انه سلم مؤسسة على أفضل ما يرام على عكس الكثير من المسؤولين والقيادات التي استلمت مراكز، وسلموها بحالة انهيار تام، ونحن اليوم في مرحلة فراغ رئاسي، والبلد يتحلل وعلينا كنواب واجب وهو الذهاب إلى المجلس وانتخاب رئيس للجمهورية، ولأنه لم يعد هناك خيار آخر إلا الانهيار التام والذي ليس مصلحة لأحد، ونحن في جبيل متمسكون بنموذج العيش المشترك وبالأخلاق والقيم، وحرصاء على أن نحافظ عليها وطالما جبيل بخير في العيش المُشترك فيجب أن ينعكس على كل لبنان"، وختم مُؤكداً: "لسنا ضد الحوار".

أما اللواء إبراهيم فقال: "رأيت في جبيل الكثير من التجمعات والمنتديات والجمعيات التي يمثل  عنوانها النهائي الحوار، وجبيل مدينة الحوار وهي مدينة الحرف وليس الحرب، ومن هنا من جبيل، ندعو إلى الحوار ونصر عليه ولا يمكن أن يدعى للحوار من مكان أكثر من جبيل، نحن جميعا على الكرة الأرضية أصبحنا مهددين بصراع الحضارات بعد التفلت الأخلاقي الذي يروج له، وبعد كل الشحن الطائفي في العالم فنحن نسير في اتجاه صدام الحضارات والمؤامرة على وطننا الكبير بهويته الحضارية، وعلينا الدفاع والتمسك بهذه الهوية، وعنوان هذه الهوية هو الكلمة، الكلمة فقط وإذا فكر أحد باغتيال الكلمة  في البلد نقول له صعبة جدا هذه القضية".
وكان اللواء إبراهيم قد جال برفقة المفتي اللقيس في سوق جبيل وزار المستوصف الإسلامي وزار سرايا جبيل والتقى القائمقام نتالي مرعي الخوري في حضور الشيخ أحمد غسان اللقيس ورئيس جمعية أنصار الوطن وسامر حسين، كما زار عضو اللجنة السياسية في بكركي الدكتور إلياس باسيل في بلدة لحفد، ومقام الخضر في بلدة رأس أسطا.

المصدر :جنوبيات