الأربعاء 13 أيلول 2023 11:07 ص

"الحاجة تبلور معادن النّاس"!


* جنوبيات

 

كان بعض العرب من أهل البداوة يسكنون الخيام المصنوعة من الجلد والوبر. 

وفي أحد الأيّام كان الجوّ باردًا  وممطرًا وهبوب الرياح لا يهدأ. وبسبب هذا الطقس الماطر قام أحد الأشخاص المشهور بكرمه وشهامته بنحر أحد جمالهِ ليوزّعه على المحيطين به.

وأرسل لهذا الغرض أحد أعوانه يدعو النّاس للعشاء. إلّا أنّ المرسل لم يدعُ النّاس إلى العشاء، بل على العكس أخذ يصرخ وينادي بأعلى صوته بأنّ بيت "أبو فلان" انهار على عائلته وحلاله، فهبّوا لتقديم يد العون، وفعلًا فزع بعض النّاس لا الكثير منهم. وعندما وصلوا إلى البيت وجدوه مرفوعًا والمواقد تشتعل، وقدور اللحم تغلي على النار، وكلّ شيء على مايرام، و‏لكن عدد الذين حضروا كان قليلًا، وأكثرهم ليسوا من الوجوه المقرّبة لصاحب الدعوة.
 ‏نادى صاحب البيت الدّاعي يسأله عن غياب معظم الناس، فقال له الداعي :‏
 أنا لم أقم بدعوتهم للعشاء بل قلت إنّ بيتك وقع على عائلتك وحلالك، وطلبت فزعتهم (أي نجدتهم) ‏فلم يفزع لك إلا الذين تراهم، وأظنّهم هم الذين يستحقّون التكريم، والعشاء لهم ولعائلاتهم فقط.
‏لا تعرف الناس إلّا عند حاجتك لهم، فقد يتخلّى عنك أقرب المقرّبين، ويقف إلى جانبك من لا تتوقّع منه ذلك. وقد قيل: "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ".
 تلك المقولة التي تفيد بقيمة الشّيء، أو الشّخص الغائب في ساعة الحاجة الماسّة إليه.
 فلا يمكنك أن ترى النّجوم إلّا في الظّلام، كذلك هم بعض الأشخاص في حياتنا لا يظهر معدنهم إلّا وقت الشدّة، وفي الشّدائد يتساقط الكثير، وتبقى النّخبة من ثلّة الخير الذين على العهد باقون.

المصدر :جنوبيات