كشف عضو اللجنتين التنفيذية لـ"مُنظّمة التحرير الفلسطينية" والمركزية لحركة "فتح" المُشرف على الساحة الفلسطينية في لبنان عزام الأحمد أنّ "الأدوات التي استُعمِلَتْ في اغتيال العميد أبو أشرف العرموشي (قائد "قوّات الأمن الوطني" في منطقة صيدا)، وتوتير مُخيّم عين الحلوة، على مستوى أجهزة دول مُتداخلة، والهدف الأساسي منها هو تدمير المُخيّم".
وأكد الأحمد أنّ "تحرّكنا لمعالجة الوضع في عين الحلوة لا يُعتبر تدخّلاً في الشؤون اللبنانية، بل إنّ الدولة اللبنانية هي صاحبة السيادة على كافة المُخيّمات المُتواجدة على أرضها"، مشدّداً على أنّ "أراضي المُخيّمات هي أراضٍ لبنانية، والسيادة عليها للبنان، وهي تحت القانون، وهذا مبدأنا منذ سنوات عدّة".
وأوضح "نحن مُستعدون كي يدخل الجيش اللبناني إلى مُخيّم عين الحلوة ككل، فيكون هو المسؤول عن أمنه، لكننا لن نتركه للفراغ، علماً بأنّنا لا نقوم بأي تحرّك، إلا من خلال التنسيق مع الجيش اللبناني وأجهزة الأمن اللبنانية المعنية".
وردّاً على سؤال، نفى الأحمد "تأليف أي لجنة جديدة تُعنى بشؤون المُخيم"، مُؤكداً أنّ "مُنظّمة التحرير الفلسطينية هي المسؤول الأول والأخير عن إدارة ملفّات المُخيّمات الفلسطينية، وأبرزها مُخيّم عين الحلوة".
ولفت إلى أنّ "التشكيلات تُحدّد وفق طبيعة كل مُخيّم، واللجان التي تُشكّل تضم مُمثّلين عن كل القوى وفصائل مُنظّمة التحرير وفصائل التحالف، وحتى التنظيمات المحلية في أي مُخيّم من أجل متابعة همومه ومعالجة أي قضية، علماً بأنّ القوّة الأمنية المُشتركة هي التي تقوم بالإجراءات على الأرض لناحية فرض الأمن داخل المُخيّم بمُساعدة قوّة ضاربة تابعة لمُنظمة التحرير".
وفي سياق مُتّصل، اعتبر الأحمد أنّه "يحق لأبناء المنطقة المُحيطة بمُخيّم عين الحلوة أنْ يرتاحوا أمنياً واقتصادياً، لا سيما بعد الاشتباكات الأخيرة التي طالت للمرّة الأولى مدينة صيدا ومحيطها، حتى وصلت الوقاحة إلى أنْ طالت الاشتباكات آليات الجيش، الأمر الذي أدّى إلى إصابة 5 جنود، وهذا ما يدل على وجود مُؤامرة كبيرة".
وإذ سئل: "ما الهدف من تلك الاشتباكات؟".. أشار الأحمد إلى أنّ "ما يدور في جنين هو امتداد لما يدور في عين الحلوة، والعكس صحيح أيضاً، لأنّ المُؤامرة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وقد بدأت منذ إعلان "صفقة القرن" مطلع العام 2020"، مشدداً على أن "حركة "فتح" تقود مُنظّمة التحرير التي هي الممثّل الشرعي لرعاية الشعب الفلسطيني، وحتى الأميركيين يُؤيّدون هذه المسألة بعدما أيّدوا قرار الجمعية العامة للأمم المُتّحدة 1967، الذي منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المُتّحدة على أنْ تُمثّلها منظمة التحرير".
واستطرد: "في المقابل حركة "حماس" منذ أنْ تأسّست بعد ربع قرن على انطلاق القضية الفلسطينية، تطرح نفسها بديلاً عن مُنظّمة التحرير، وتريد الحصول على هذا الموقع بالقوة، انطلاقاً من عقلية "الأخوان المُسلمين"، علماً بأنّ "حماس" لاقت مَنْ يدعمها، وإنْ كانت لا تلتقي معهم عقائدياً، إذاً ما هو القاسم المشترك بين إيران و"حماس"؟.. في الواقع هناك مصالح مشتركة خصوصاً أنّ لدى إيران مصالح مشتركة في كل المنطقة العربية، وتستعمل "حماس" لتحقيق بعض الغايات، وليس خفيّاً أنّ إيران تريد أنْ تستخدم الأوراق الفلسطينية والعربية لتعزيز وضعها أمام الولايات المُتّحدة وأوروبا، لذا لن تحصل أي حرب بين إيران من جهة وإسرائيل أو الولايات المُتّحدة الأميركية من جهة أخرى".
واسترسل الأحمد في كلامه، معلناً عن أنّ "الذين اغتالوا العرموشي باتوا معروفين بدقّة وبالأسماء، والقاعدة الثابتة في التعاطي مع أي حادث أمني، هي أنّ أي فلسطيني في لبنان هو تحت القانون اللبناني، حتى ولو ارتكب الجريمة بحق "فتح"، التي حين تلقي قيادتها القبض على أي مُتّهم تُسلّمه إلى السلطات اللبنانية التي تحاكمه، وما زال في السجون اللبنانية العديد من هؤلاء سواء في قضايا جنائية أو قضايا ذات بُعد سياسي".
وفي ما يتعلق بتجدّد الاشتباكات في مُخيّم عين الحلوة بعد هدوء استمر نحو 38 يوماً، أوضح الأحمد أنّه "بعد أيام من اغتيال العرموشي اتفقنا مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على وقف إطلاق النار وتشكيل لجنة تحقيق وعودة المُهجّرين إلى المُخيّم وتسليم المطلوبين. هذه القرارات تم تأكيدها مُجدّداً خلال لقاء لهيئة العمل الفلسطيني المشترك مع مُمثّلين عن حركة "أمل" والنائب الدكتور أسامة سعد".
وتابع: "صمد الهدوء 38 يوماً، حيث أعدّت لجنة التحقيق تقريراً، وسلّمته إلى المعنيين، بعدما سمَّت فيه المُرتكبين بالأسماء، وعليه قامت الدولة اللبنانية من خلال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني باسل الحسن بالتفاوض مع "القتلة"، لكن للأسف لم يلتق الحسن إلا "عصبة الأنصار"، عن طريق حركة "حماس"، وبعد أخذ الإذن من الدولة".
واستدرك: "مع العلم بأنه حين يفاوضون على تسليم المرتكبين وعلى نقاط مُحدّدة، فهذا يعني أنّ لديهم استعداد لحل الموضوع، وأن – كما قال الحسن - اشترطوا ألا يُعذّب القاتلين، وأنْ تكون الأحكام مُخفّفة، كما سألوا عمَّنْ يرعى عوائلهم، فحاول الحسن طمأنتهم إلى أنّ هذا الوضع سيُعالج من خلال رواتب تُخصّص لتلك العائلات عبر "الأونروا"، لكن تدخلنا موضحين أنّ "الأونروا" لا تتدخّل في هكذا ملفات، فكان رد الحسن بأنّه تمَّ ترتيب الدفع من خلال السفيرة الأميركية".
وأردف الأحمد قائلاً: "أما بالنسبة إلى الجولة الثانية من الاشتباكات، فإنّ أطرافاً عديدة شاركت فيها، و"حماس" لم تكن بعيدة، رغم أنّنا قبل 12 ساعة (في 12 الجاري) من تجدّد المعارك عقدنا اجتماعاً في السفارة الفلسطينية مع نائب رئيس حركة "حماس" في الخارج موسى أبو مرزوق على رأس وفد لمعالجة الوضع في عين الحلوة، وأصدرنا بياناً مُشتركاً وتبنينا نفس المطالب التي صدرت في الاجتماع مع هيئة العمل والرئيس ميقاتي".
واستطرد الأحمد: "لكن ما لفت انتباهي هو تدخّل أحد قياديي "حماس" مع مسؤولين في قناة "الميادين"، حينما استخدم الصحافي جمال غرب، توصيف الإرهابيين والقتلة، عمّا يجري من اشتباكات في مُخيّم عين الحلوة، فتمَّ وقفه عن العمل وما زال موقوفاً لغاية اليوم، صحيح أنّ هذا حدث صغير لكنه يُعطي دلالات كبيرة".
وتابع: "على أي حال، في اليوم التالي للاجتماع في السفارة كتب موسى أبو مرزوق تغريدة على وقع اشتعال المعارك في عين الحلوة، وتحديداً في بعض الأحياء قائلاً: "لم أيأس بل وجّهتُ رسالة إلى "عصبة الأنصار" وأخذتُ موافقة الجيش للاجتماع بوفد من "عصبة الأنصار"، الذي أكد أنّه إلى جانب مُنظّمة التحرير وجزء منها، وإذا أخطأت قوى مُعيّنة أو شخص معين فيتم تصحيح الخطأ، أما إذا كان لا إمكانية للتصحيح فيتم تحييده".
واسترسل: "على وقع تلك التطوّرات، أبدينا استغرابنا لمغادرة أبو مرزوق لبنان فجأة فجر السبت، الأمر الذي يفتح المجال أمام عدّة تساؤلات، منها ما هو مصير التعهّد بتسيلم القتلة الذي أعلنه بنفسه؟، هل الأمر مناورة للاستهلاك المحلي؟، هل كان هدف وجوده في لبنان فقط معالجة الاشتباكات في عين الحلوة أم هناك غاية أخرى؟".
وختم: "عندما يتعهّدون يعني أنّ هناك ارتباطاً مع جهات معينة، أمّا بالنسبة إلينا فلن تنتهي المُشكلة إلا بتسليم الفاعلين إلى الدولة اللبنانية والقضاء اللبناني ليأخذوا جزاءهم، ونأمل بمعالجة الأمر بشكل تام في أقصى سرعة ممكنة، حتى نُفشِل مؤامرة تدمير المُخيّم كونه عنوان اللاجئين الفلسطينيين، في ظل صراع على "حكم مُخيّم عين الحلوة" لأنَّ مَنْ يحكمه يُمسِك بالقرار السياسي بأبعاده المختلفة من العودة حتى إنهاء الاحتلال، مع العلم بأنّ أحد المطلوبين من قتلة العرموشي (يُدعى عز الدين ضبايا) ما زال يعالج في المستشفى والجيش اللبناني يتابع حالته بدقة كي يبقى حيّاً كشاهد ومُشارِك في الجريمة"