أخذ غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن، خطوة هامة نحو تعزيز الحوار والمصالحة في النزاع المستمر بين روسيا وأوكرانيا. ذلك جاء خلال زيارته الحالية إلى الفاتيكان، حيث سيشارك غبطته في حفل تنصيب البطريرك اللاتيني في القدس، بيير باتيستا بيتسابالا، برتبة “كاردينال” في الكنيسة الكاثوليكية. والتقى غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث بالبابا فرنسيس، حيث اعلن عن مبادرة من بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية للوساطة بهدف بدء حوار جديد يهدف إلى وضع حد للمعاناة وتعزيز عملية علاج الجروح داخل الأسرة الأرثوذكسية في روسيا وأوكرانيا.
وفي تصريحاته أكد البطريرك ثيوفيلوس على أهمية وحدة المسيحيين، مشيرًا إلى أن بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، بوصفها أم الكنائس جميعها، تسلط الضوء على ملف وحدة المسيحيين الذي يشكل شعورًا بالقلق لدى كل الكنائس في جميع أنحاء العالم. وعبّر عن مدى التأثير السلبي العميق الذي يُسببه استمرار النزاع الروسي الأوكراني، ليس فقط على المسيحيين الأرثوذكسيين بل وعلى مجتمع المسيحيين العالمي بأسره.
تأتي هذه المبادرة انطلاقًا من تاريخ بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية الغني بالخبرة والجهود في مجال المصالحة، وتسعى لمعالجة التحديات التي يثيرها الانقسام العميق والجروح الناجمة عن هذا الصراع. وأكد غبطة البطريرك أن بطريركية القدس تنظر بجديه لهذه المبادرة نظرًا لمهمتها الروحية للحوار والمصالحة، ومتبنية عبارة القديس بولس: “المسيح هو سلامنا”.
كما أثنى غبطة البطريرك على تفاني البطريرك بيتسابالا في الحفاظ على الوجود المسيحي في المنطقة وتحدث عن التحديات التي تواجه المسيحيين والتراث المسيحي في الأرض المقدسة، ولا سيما المخاطر الناجمة عن مجموعات اليمين الاسرائيلي المتطرف وتقويضها الممنهج لترتيبات “الوضع الراهن” المعروفة أيضًا باسم “الستاتيكو”، ومحاولات هذه المجموعات تغيير طابع المنطقة متعددة الأعراق والثقافات والديانات. وأشار غبطته إلى أن “جرائم الكراهية، والاستحواذ على الممتلكات بطرق غير الشرعية، وتدنيس المواقع المسيحية، والضغط المتزايد على الكنائس يشكلون تهديدًا كبيرًا للوجود المسيحي”.
وقدم غبطة البطريرك ثيوفيلوس الشكر والتقدير لدعم صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ووصايته على المقدسات وجهوده في الحفاظ على الهوية المسيحية والإسلامية في القدس وسط هذه التحديات.
وأختتم غبطة البطريرك ثيوفيلوس اجتماعه مع البابا فرنسيس بالتأكيد على أن الرحلة نحو الحوار والمصالحة تعتبر تحديًا بالغ الصعوبة، ولكن بطريركية القدس على اتم الاستعداد وبكل وسيلة قد تُسهم في إنهاء الصراع والمعاناة.
وتأتي هذه الخطوة الهامة من بطريرك القدس في سياق دور الكنيسة في تعزيز الحوار والسلام بين الشعوب. وإن مبادرته هذه تعكس اهمية القاعدة الروحية للسعي لإيجاد حلول دبلوماسية ومصالحة في وجه التحديات الراهنة، وهي رسالة إلى العالم بأن السلام يشكل هدفاً عظيماً يجب تحقيقه.