يولد الإنسان في مجتمع ووسط جماعة ، هذه الجماعة الإجتماعية تكون بمثابة الموّجه او الدال على طرق التواصل والإختيار واتخاذ القرارات، أي وفق الجماعة يحدد الفرد اختياره بكيفية مواجهة قضايا الحياة التي تدور من حوله، انه لا يقوى على الخروج من الدائرة الاجتماعية المحددة، ويبقى كذلك الى ان يعي انه كائن اجتماعي مخلوق في مجتمع تحدده أطر وقوانين اجتماعية، تنظم العلاقات الإجتماعية وترسم المستقبل التي يتفاوت فيها البشر من حيث وضع الخطط المستقبلية ، فالخطة الحياتية تكون بمثابة الإدرك والوعي لوقائع الأمور وأجلّها، هنا نتساءل متى تبدأ اللحظة بالخروج من الدائرة الاجتماعية المحددة وفق الجماعة الاجتماعية آنف الذكر، ومتى يبدأ بالرؤية النافذة والفعالة، وبالتالي وضوح البصيرة حيث من خلالها يتم تحديد طرق التفكير المعمق، ويتمّ زيادة الوعي والإدراك لما يدور حوله ، كل ذلك يتم من خلال التزود بالعلم والمعرفة وتراكم الخبرات والتجارب الحياتية.
في الواقع ان الفرد الذي يختار هذا المبدأ أو هذه الطريقة من التفكير نراه يخرج من الجماعة التي باتت تصنفه مثل الدخيل ، فالكل يسير الى اختيار الأسهل ومن ثم العيش العادي الذي لا يختلف عن الآخرين، أي الأمر شبيه بسرب الطيور، فالخارج من السرب هو بمثابة الثائر او الرافض للقواعد الحياتية السائرة نحو الواقع بكل ما فيه من تناقضات ، فكيف للمجتمع ان يتطور ويتقدم اذا كانت ابناؤه تخطو خطى مألوفة ومعتادة وعادية، ما عساه الفرد إلا ان يكون الملهم والمؤثر في غيره من الأفراد اذا لم يختار من البداية الخروج من السرب كما اسميناه.
في الواقع يبقى الفرد ضمن دائرة الإختيار أي ان لديه مطلق الحرية في سلوك الخير أوالشر، ولديه الأهداف التي تحدد وجهته التي غالباً ما تقوده الى الصواب اذا صحّت خطواته وسلمت سريرته، عندها تنتابه شعور بالغربة تراه لا يفارقه في مجتمعه ووسط جماعته، فمقرراته حاسمة وهي التي تقرر مصيره في الحياة إما ان يترك بصمة وإما ان يعيش عادياً كغيره من البشر ، مشواره الحياتي يسيّره وفق معتقداته وافكاره التي تدفعه الى المضي قدماً نحو أهدافه ومقرراته ، أي يبقى ان حب الخير وحب التغيير هما الكنز الذي يضمنان له النجاح وتحقيق المراد .
أخيرا نقول ان حسن الإختيار في الحياة ، أي اختيار الأصدقاء اختيار الطريق واختيار الوجهات، هي التي تقود الإنسان الفطن الى سلامة الوصول للمبتغى، وتجعله مرتاحاً في معيشته بعد ان واجهته العديد من المصاعب والعراقيل والتي ساهمت في صنع واقعه.
د.هبة المل أيوب hibaelmoll@hotmail.com