هدد وزير التراث في الحكومة الإسرائيلية الفاشية عميحاي الياهو باستخدام السلاح النووي ضد قطاع غزة ، وهذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي باستخدام السلاح النووي فقد ذكرت التقارير عام 1973 بأن رئيسة الوزراء غولدا مائير هددت باستخدام اسلحة الدمار الشامل للتصدي لمصر وسوريا في حرب اكتوبر عام 1973.
وفي الوقت الذي استنكر فيه رئيس حكومة الاحتلال بين يامين نتانياهو هذه التصريحات وأبعد الوزير الياهو عن اجتماعات الحكومة ، كخطوة لامتصاص الإدانة الدولية لهذه التصريحات ، لم يمتنع هو عن استخدام ما يوازي أسلحة الدمار الشامل، فقد أسقطت إسرائيل على قطاع غزة حوالي 30 ألف طن من المتفجرات، وبذلك يتخطى هذا الرقم قوة القنابل الذرية التي ألقتها واشنطن بالحرب العالمية الثانية على كل من هيروشيما وناغازاكي.
ما يجري في غزة من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وما يمارسه الاحتلال من إبادة جماعية وتهجير قسري وتطهير عرقي بحق المدنيين من الأطفال والنساء والعزل ، يتجاوز كل القيم الإنسانية والأخلاقية والقانونية ، بل يتجاوز ما يمكن أن يتصوره العقل البشري أو أن يتحمله في هذا الزمن الذي يدعي فيه العالم الأخلاق وحقوق الإنسان.
إن هذه الجرائم بكل ما تمثله من وحشية وإرهاب ، ذهب ضحيتها أكثر من 11,000 مدنيا نصفهم من الأطفال، وعشرات الالاف من الجرحى لم تحرك الإرادة الدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة المنهك من الحصار منذ أكثر من سبعة عشر عاما ، مما يوضح ازدواجية المعايير التي يمارسها المجتمع الدولي حين تتعلق القضية بإسرائيل.
إن ما يجري في غزة يتطلب إحداث ثورة عالمية ، ومراجعة القيم الإنسانية والأخلاقية التي تتغنى بها امريكا و الغرب أولا ، وأن يبدأ كل إنسان حر يؤمن بالعدالة والحرية والإنسانية بمراجعة موقفه من هذه القيم ومن هذه المنظومة العالمية العاجزة عن حماية السلام والأمن العالمي، وعلى المجتمع العربي والإسلامي أن يراجع مكانته ومستقبله في ظل عجزه عن إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية لأكثر من مليوني عربي ومسلم يتعرضون لحرب إبادة جماعية .
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو يسعى من خلال حربه الشاملة على قطاع غزة إلى إنقاذ مسيرته السياسية وتاريخه الملوث بأبشع الجرائم، ويسعى للهروب من السجن المحتم بعد انتهاء الحرب، لذلك لن يمتنع هو وقادة حكومته وجيشه أو يترددوا باستخدام اسلحة الدمار الشامل على قطاع غزة . والمسؤولية هنا ممتدة للولايات المتحدة الاميريكية التي تعتبر شريكا في هذه الجرائم من خلال تقديم كافة أشكال الدعم لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وللمملكة المتحدة المسبب الأول للنكبة الفلسطينية من خلال وعد بلفور المشؤوم.
وبهذا الصدد يجب أن نكون واضحين بأن ما يجري على قطاع غزة ليس دفاعا عن النفس كما تدعي دولة الاحتلال الإسرائيلي أو ردا على احداث السابع من اكتوبر ، وإنما حربا شاملة باستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الشعب الفلسطيني ، فماذا يمكن أن نعرف هذا الكم الهائل من المتفجرات التي ألقيت على قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحتة 360 كلم مربع، وماذا يمكن أن نعرف الصورايخ التي كانت تدمر مربعات سكنية كاملة .
لقد تابعت أحد أكبر المحاميين الفرنسيين ويدعى Gilles Devers والذي جمع جيشا من المحامين من مختلف الجنسيات لمحاكمة دولة الاحتلال الاسرائيلي وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين، وهذا الجهد العظيم والمقدر يجب أن يتابع فلسطينيا، ونحن بصدد بلورة تحرك عربي ودولي لدعم هذه الجهود سيعلن عنه قريبا ليكون بمثابة ثورة قانونية وحقوقية تجتاح المحاكم الوطنية والأقليمية والدولية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين إنطلاقا من الولاية العالمية على هذا النوع من الجرائم .
ربما يعتبر المعظم بأن كل محاولات محاكمة إسرائيل وقادتها قد فشلت ، وهناك العديد من النماذج ، حيث قامت بلجيكا بتعديل قانونها لمنع محاكمة أرئيل شارون بشأن جرائمه في مذبحة صبرا وشاتيلا والتي قدمها في ذلك الوقت الصديق العزيز وشريكنا في المبادرة المحامي الدولي شبلي ملاط، ولكن هذه القناعة والمعطيات يجب أن لا تمنع أي جهد أو تحرك قانوني ، ويجب أن نذهب فورا لتسجيل مئات القضايا في المحاكم على امتداد العالم لنضع القانون الدولي والقيم الإنسانية والأخلاقية للعالم بأسره أمام اختبار حقيقي عنوانه دماء أطفال غزة الأبرياء .