يستغل الاحتلال الإسرائيلي تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للرئاسة الأميركية رسمياً، بتوسيع دائرة اعتداءاته وممارساته، اغتيالاً وقتلاً للفلسطينيين، واعتقالاً وهدماً للمنازل، وحصاراً، ومواصلة بناء المستعمرات وسرقة الأراضي، وقطع نصوب الزيتون والأشجار المعمرة، والتي لم تقتصر على مكان أو منطقة داخل القدس والأراضي المحتلة منذ العام 1948 والنقب والضفة الغربية وقطاع غزة، وأيضاً لم تتوقف عند عمر، ولا ذكر أو أنثى.
ويأتي ذلك، مع تنصيب الرئيس ترامب رسمياً، ونيته نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وما يعني ذلك، من دلالات، وماذا سيكون له من تداعيات وارتدادات على أكثر من صعيد.
وقد رفع المستوطنون اعلاماً أميركية واسرائيلية، خاصة عند المدخل الرئيسي المؤدي إلى مستوطنة "غوش عصيون" المقامة على الأراضي الفلسطينية - جنوب بيت لحم، وذلك تعبيراً عن تنصيب ترامب، وأملاً بمصادقة حكومة الاحتلال على بناء 2700 وحدة سكنية، مؤجلة منذ 8 سنوات.
ميدانياً، اتسعت موجة الاحتجاجات الفلسطينية ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي البربرية، التي عُبر عنها بمسيرات غاضبة عمت نابلس ورام الله والخليل في الضفة الغربية، شحباً واستنكاراً لنقل السفارة الأميركية، وفي الطيبة، احتجاجاً على هدم سلطات الاحتلال المنازل في أم الحيران في النقب وقلنسوة - طولكرم، وما يتبع ذلك من تشريد.
هذا في وقت بدأت البلدات العربية إضراباً عاماً احتجاجاً على سياسة الاحتلال بهدم البيوت في قرية أم الحيران في صحراء النقب وإعدام أحد أبنائها الشهيد يعقوب أبو القيعان، برصاص الشرطة، حيث أعلنت أيضاً الحداد 3 أيام، وذلك تلبية لدعوة "لجنة المتابعة العربية العليا".
وسجل التزام تام بالإضراب في الناصرة، حيث انطلقت مسيرات شاجبة للممارسات التعسفية الإسرائيلية.
وتمت الدعوة أيضاً إلى تظاهرة حاشدة غداً (السبت) في وادي عارة، ضد هدم البيوت ومحاولات التطهير العرقي.
وخلال المواجهات التي وقعت في أم الحيران، أصيب رئيس "القائمة العربية المشتركة" في الكنيست أيمن عودة بجروح خلال عملية الهدم.
وطلب وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان من المدعي العام أفخاري ماندلبليت، فتح تحقيق ضد عودة واثنين من النواب العرب، هما: جمال زحالقة وحنين زعبي، بتهمة التحريض على العنف والقتل.
من جهته، أشار النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي، إلى أنه سيتقدم بالاشتراك مع نواب عرب آخرين، الأحد المقبل، بمشروع قانون يدعو إلى تجميد هدم البيوت في القرى العربية، مقابل التزام المسؤولين العرب بالقوانين بشكل أكثر صرامة.
وحاولت شرطة الاحتلال الإسرائيلي دفن جثمان الشهيد أبو القيعان بشروطها، من خلال اشتراط تسليم الجثمان، على أن يقتصر الدفن على أفراد العائلة فقط وليلاً، حتى لا يتحوّل التشييع إلى مظاهرة غضب.
إبنة الشهيد، نسرين يعقوب أبو القيعان، التي كانت تتقبل التعازي باستشهاد والدها مع أبناء العائلة، قالت: "أنا اليوم يتيمة، وكل اخواني يبكون حرقة وألماً ولوعة على فراق والدي، الذي ستبقى إبتسامته تلازمني حتى مماتي".
وتحبس دمعة في مقلتها، مطالبة شرطة الاحتلال بالتراجع عن وصفه بـ"الإرهابي"، "فقد علمنا وربانا على الخلق والتسامح واحترام الغير، وكان هدفه أن نتعلم جميعاً، والآن لا أعلم كيف سينهي شقيقي دراسة السنة الأخيرة في الطب، أو أن نكمل تعليمنا الذي بدأناه بتشجيع من والدي.. حسبنا الله ونعم الوكيل".
وطالبت عائلة الشهيد أبو القيعان، بالتحقيق في ظروف استشهاده، حيث كشف الشريط المصور للجريمة، وشهود العيان، عن "أن إطلاق النار باتجاه المركبة قد جرى قبل تسارعها باتجاه أفراد الشرطة، الذين منعوا لمدة 3 ساعات سيّارة الإسعاف من تقديم الإسعافات الأوّلية للشهيد".
وتقدم المحاميان نديم شحادة ومحمّد بسّام من مركز "عدالة" بطلب التحقيق بإسم عائلة الشهيد أبو القيعان، طالبين "الإسراع بتشريح جثمان الشهيد قبل دفنه، وأيضاً تشريح جثة الشرطي الذي أصيب، كما يبدو وبواسطة المركبة".
الجدير بالذكر أنه يقيم في قرية أم الحيران حوالي 1000 شخص يحملون الجنسية الإسرائيلية، سمحت لهم سلطات الاحتلال في العام 1956 بالسكن فيها بعدما كانت قد طردتهم منها في العام 1948، لكن رفضت الاعتراف بالقربة أو توفير الخدمات الأساسية لها.
وفي العام 2013 وافقت حكومة الاحتلال على بناء بلدتين يهوديتين على أراضي أم الحيران باسم ميران وكسيف، فيما وافقت "المحكمة العليا الإسرائيلية" على اخلاء السكان في العام 2015، على أن يتم نقلهم إلى بلدة حورة البدوية التي تقيم فيها 300 عائلة.