كنتم هناك
حيث الويلات تغتال الزمان
والغدر ينمو في المكان
عزمتم، ورميتم خلفكم
ضحكاتكم فرحكم
وحملتم قلقكم بكثير من الحب
من الشغف ومن الانتظار...
رميتم سهام الحقيقة
أبعد من مرمى وهم الأعداء
وغمستم أرواحكم في حبر الصوت
وافترضتم أنّه بعيدٌ الموت
جلستم على حافة المشهد
شربتم كأسًا من عصير الفوضى
العابقة في الساحات
تلذذتم بطعم السكون والحركة
المتواطئان داخل الكادرات...
كنتم هناك
عناوين المحطات
رسالة النشرات
عيون العدسات
تحيط بكم طبيعة صامتة
مستوحشة قاتلة
ترقص على صفاء ربيع قلوبكم
تسخر من مرارة حزنكم
تعلن الصمت على أحلامكم
وتنتشي بفعل الاستباحات...
كنتم هناك... عصاميون...
سلكتم طريق الأوقات
دحرجتم الأفكار بفرحٍ مع الكلمات
دون أن تيأسوا
حملتم الحقيقة على رؤوسكم
وقطعتم دروب الصلوات
وبعد هذا العناء
أسدلتم الستارة على الشاشة
وتُهْتُم بين الواقع والخيال
واخترتم أن تراقبوا الصورة المحروقة
في الكاميرا المشتعلة كيف اختبأت
وصارت سوداء...
كنتم هناك، واليوم لم تكونوا هناك
لأنّنا شاهدنا كيف انفجرت الكاميرا
وخرجت منها الصور المحروقة
والأصوات المبحوحة
ومشت بانتظام
وأنتم معها باتجاه المقبرة
كانت آخر الصور تمسك بأيديكم
وتذهب بكم إلى النوم الأبدي...