بأقلامهم >بأقلامهم
الإلزام والقهر الإجتماعي...
الإلزام والقهر الإجتماعي... ‎الاثنين 29 01 2024 11:46 د.هبة المل أيوب
الإلزام والقهر الإجتماعي...

جنوبيات

يتلقى الطفل كل السلوكيات الاجتماعية وأشكال الضبط الاجتماعي داخل الأسرة النواتية الشكل المصغر عن المجتمع الأكبر، كما وقد يعاني الطفل في بعض الحالات كل مشاكل الكبت والحرمان والظلم الاجتماعي، وبالتالي يتكون لديه الوعي والإدراك بحقيقة الحياة التي يعيشها. كما ويدرج السلوك الاجتماعي المحدد ضمن القوانين والأنظمة  داخل الأسرة، والخروج من ضمنها يبعد صفة الإلزام والتقيد بالموروثات منذ القدم، والسؤال هنا  هل صفة الإلزام بالسلوكيات الاجتماعية تعطي الشعور بالقهر والاستبداد ؟ أم أن إتباع سلوك اجتماعي ما يخالف الإرادة هي من ضمن الأنظمة المحددة والمهيأة للإتباع والإلزام ؟ ما مدى صحة مقولة ابن خلدون أن الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها ؟ وهل يعاني الإنسان القهر من الأسرة النواتية قبل استدراكه من المجتمع الأكبر ؟  
تسود المجتمعات الإنسانية سلطة تضبط شكل الحياة الاجتماعية ، فالتنظيم وفرض القيود والقوانين هي من شأنها ردع الفوضى واللاتنظيم، كما وتفرض السلطة إحقاق الحق ودفع الظلم عن الناس المستضعفين، أي أن صفة الإلزام بالقوانين هي صفة إيجابية لا قهرية لكن متى تتحول السلطة إلى إيقاع القهر في نفوس الناس؟  
ان الإنسان المقهور هو كل إنسان يلتزم القيام بأعمال تخالف إرادته الحرّة وتخالف قناعاته الشخصية ، والحرية هنا هي ليست الاعتداء على حقوق الغير إنما هي حرية مقيدة بقيود اجتماعية ضمن أطر محددة مسبقاً من المجتمع الإنساني ، والحرية يسعى لها الإنسان فلا يلزم نفسه إرضاء غيره على حساب نفسه ، إنما المبادئ والقيم الاجتماعية تفرض عليه سلوك اجتماعي معين تخرجه من دائرة الشعور بالقهر وبأنه مستضعف، فالقوة والإدراك لحقيقة الأشياء هي الذخيرة لمنع هذا القهر المستشري في المجتمع اليوم .
إن السلطة اليوم هي سلطة جائرة وليست فقط توقع الجزاءات لمن يخالفها إنما لا تحق الحق لأهله ولا تنشر الأمن والشعور بالوفرة الاجتماعية، أضف إلى ذلك إنها تراعي مصالحها أولا على حساب مصالح الشعوب، لذلك الشعوب اليوم هي مقهورة وبالتالي تسوء أخلاقها، وبات لا يهمها سوى تأمين لقمة العيش والغريزة.
أخيراً،  إن لممارسة السلطة أهداف وغايات وقد تكون سلطة جائرة، ومن يفرض السلطة عليه أن يكون إنسانا أولاً وبكل ما للكلمة من معنى،  والإنسانية هي صفة لا يمكن اكتسابها إنما نتلقاها بالتربية، وكما يقول جوستاين غاردر : "إن الحيوانات تلد حيوانات،أما الإنسان فلا يولد إنسانا، بل لا بدّ أن تربيه ليصبح كذلك".  

المصدر : جنوبيات