بأقلامهم >بأقلامهم
"حرّيّة جارية"!
"حرّيّة جارية"! ‎الخميس 28 03 2024 21:52 القاضي م جمال الحلو
"حرّيّة جارية"!

جنوبيات

يُحكى في غياهب الزّمان والمكان أنّ أحد السّلاطين سمع عن جاريةٍ سعرها يتجاوز سعر مئة جارية، فأرسل يستقدمها ليرى ما يميّزها عن سواها.

وقفت الجارية أمام السّلطان بشموخ رافعة الرأس، مشرئبّة العنق، الأمر الذي لم يعهده من الجواري اﻷُخريات. فسألها: لماذا سعرك غالٍ يا فتاة؟

أجابت: لأنّي أتميّز بالذّكاء!

أثار كلامها فضوله، فقال: سأسألك خمسة أسئلة، فإن أجبتِ أعتقتُك، وإن لم تُجيبي قتلتُك!

ما هو أجمل ثوب؟ 

وأطيب ريح؟ 

و أشهى طعام؟ 

وأنعم فراش؟ 

وأجمل بلد؟ 

التفتت الجارية إلى الموجودين وقالت: 

أحضروا لي متاعًا و فرسًا فإنّي مغادرة هذا القصر بإذن الله وأنا حرّة!

ثمّ أردفت قائلة ردًّا على الأسئلة:

أمّا أجمل ثوب فهو قميص الفقير الوحيد الذي لا يملك غيره فإنّه يراه مناسبًا للصّيف والشّتاء.

وأمّا أطيب ريح فهي رائحة الأمّ حتّى لو كانت نافخة النّار في حمّام السّوق. 

وأما أنعم فراش فهو ما نمتَ عليه وبالك مرتاح، فلو كنت ظالمًا لرأيتَ فراشَك الذهبيّ شوكًا من تحتك.

أمّا أشهى طعام فما كان على جوعٍ، فالجائع يرى الخبز اليابس لذيذَ الطّعمِ والمذاق. 

وسارت نحو الباب بثقة عاليةٍ فناداها السّلطان قائلًا:

 لم تُجيبي على سؤالي الأخير يا جارية!

التفتت نحوه وقالت:

أجمل بلد هو جمهوريّة كونكان الديمقراطيّة الخالية من الوجوه السّياسيّة الحاسرة، ومن وجوه التجّار العاثرة، والتي تخلّت عن تأليه الزّعيم، فنجّاها الله من الجحيم. 

التفت السّلطان نحوها وقال:

لقد أجدت الجواب، وأنت حرّة، وبإمكانك الخروج إلى رحاب الحياة، والعيش الكريم في ربوع البلد الذي أحببتِه حتى الممات.

 

المصدر : جنوبيات