فلسطينيات >داخل فلسطين
الأمهات في غزة.. فَقدٌ ونزوح وجوع
الأمهات في غزة.. فَقدٌ ونزوح وجوع ‎السبت 11 05 2024 21:43
الأمهات في غزة.. فَقدٌ ونزوح وجوع

جنوبيات

 

 في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة، تعيش أمهات فلسطينيات واقعا مأساويا يفوق الوصف في منطقة المواصي غير السكنية غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وبعد أن دمرت طائرات الاحتلال الحربية منازلهن، نزحت أمهات مع أسرهن أو مَن تبقى منها، إلى المواصي، وهي منطقة بلا شبكات مياه ولا كهرباء ولا صرف صحي ولا مستشفيات ولا مخابز.

المنطقة عبارة عن كثبان رملية وزراعية، وفيها تكالبت على الأمهات مرارة فقد الأقارب وآلام النزوح ومآسي العدوان المدمر المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

والاثنين السادس من أيار/ مايو، أعلنت إسرائيل بدء عملية عسكرية في رفح، ووجهت تحذيرات لنحو 100 ألف مواطن بإخلاء شرق المدينة قسرا.

وصباح الثلاثاء السابع من الشهر ذاته، احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي، وأوقفت تدفق المساعدات إلى القطاع.

وصباح اليوم السبت، وسعت قوات الاحتلال هجماته البرية والجوية، في جميع محافظات غزة بعد مطالبته بتهجير أهالي مناطق واسعة في شمالي القطاع ووسط رفح وتوغله في جنوبي مدينة غزة وشرقي خان يونس (جنوب)، إضافة إلى تنفيذه سلسلة غارات عنيفة أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى بمناطق متفرقة من القطاع.

ونزح آلاف المواطنين قسرا من وسط مدينة رفح جنوبي غزة إلى مناطق غربي القطاع، بعد ساعات على تحذير قوات الاحتلال بإخلاء المنطقة تمهيدا لتوسيع عملياته العسكرية بالمدينة.

وقدّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، نزوح 150 ألف مواطن من مدينة رفح، بعد اجتياح قوات الاحتلال شرق المدينة، متجاهلة كل التحذيرات الدولية.

وتتمنى المواطنات أن يَعُدْنَ إلى منازلهن حتى ولو كانت أنقاض، وأن تنتهي معاناتهن جراء عدوان الاحتلال المتواصل على القطاع، والذي اسفر عن استشهاد 34971 مواطنا معظمهم  من الأطفال والنساء، وإصابة 78641 آخرين، إضافة إلى آلاف الضحايا الذين ما زالوا تحت الأنقاض.

في داخل إحدى الخيام البدائية، تشعر هناء أبو جبل (55 عاما)، وهي أم لثمانية أبناء، بالحزن الشديد جراء فقد أحد أبنائها في قصف للاحتلال.

لم تكن الأم الفلسطينية معتادة على المعاناة الراهنة، ففي مكان النزوح القسري لا مياه ولا كهرباء ولا غاز للطهي، وحتى لا يتوفر فراش أو غذاء صحي أو دواء.

تقول هناء لمراسل الأناضول: "نعيش في ظروف قاسية للغاية، حيث نجد أنفسنا مهجرين ومحرومين من الطعام والمياه والملابس، ونواجه خطر الإبادة الجماعية".

وتضيف: "نزحنا عدة مرات من حي الشجاعية (شرق مدينة غزة) حتى وصلنا إلى مدينة رفح، وكانت الظروف صعبة للغاية ولا يمكن وصفها بالكلمات".

وتتابع: "نعيش في معاناة لم نشهدها من قبل بسبب هذه الحرب على قطاع غزة، حيث فقدت ابني، وفَقد الابن يعني فقد الروح".

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، استشهد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني جراء العدوان على غزة.

كما بقية النساء، تضع دينا محمد (55 عاما)، وهي أم، يدها على وجهها الملتصق بالحزن، وتلقي نظرة حزينة نحو خيمة متهالكة نصبتها على شاطئ رفح.

وتقول دينا: "نزحنا من حي الشجاعية منذ بداية العدوان، وتنقلنا بين عدة أماكن قبل أن نستقر جنوبا في وادي غزة، واليوم نعيش في ظروف قاسية، حيث يزيد الحر في الصيف ويشتد البرد في الشتاء، ونتعرض باستمرار للخطر من غارات الاحتلال وهجمات من الزوارق الحربية".

وتضيف: "نعاني من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، ونعيش في فقر مدقع، حيث هناك شح بالطعام والمواد الأساسية".

وبين النازحين في غزة، وهم مليوني مواطن تقريبا من أصل 2.3 مليون، يوجد أكثر من مليون امرأة وفتاة في القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 18 عاما.

وتتفاقم صعوبات نساء كثيرات فقدن أزواجهن ومعيلي أسرهن، ويواصلن رحلة البحث عن الطعام وإعالة الأسر وحماية الأبناء.

بقلب مكسور ودموع على وجنتيها، تقول نجاح العقاد (70 عاما): "كنا نتنقل من بيت إلى بيت ومن منطقة إلى أخرى، والآن نجد أنفسنا في خيمة مصنوعة من النايلون لا توفر لنا الحماية".

وتابعت: "فقدت ابني خلال العدوان جراء القصف، وترك وراءه ثلاثة أطفال، ونعيش في ظروف قاسية، لا يوجد لدينا طعام أو ماء أو دواء".

الأم النازحة مها خشان هي الأخرى فقدت طفلا (9 سنوات)؛ إثر قصف مدفعي استهدف منزلهم، فيما أصيبت شقيقته بجراح بالغة.

وتقول مها: "فقدت طفلي، وعشت معاناة النزوح، ونعاني أيضا من نقص الطعام والماء، ونفتقد غاز الطهي لإعداد الطعام، ونضطر لاستخدام الحطب، وهذا يسبب لنا آثارًا سلبية كبيرة على الجهاز التنفسي، ونجلب المياه من مسافات بعيدة للشرب".

وتتابع الأم: "نحن بأمسّ الحاجة لوقف العدوان على قطاع غزة، ونطلب من الدول إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية لنا".

وشهريا، تلد آلاف الغزيات، وبعضهن دون تخدير، وتتعرض كثيرات لمضاعفات صحية؛ بسبب انهيار القطاع الطبي جراء تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات ومنع دخول الوقود وانقطاع الكهرباء.

وفي السابع من شهر أيار الجاري، احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي، وأوقفت تدفق المساعدات إلى القطاع.

ويُعتبر معبر رفح البري شريان الحياة لأبناء شعبنا في قطاع غزة، والمنفذ البري الوحيد لإدخال المساعدات وإجلاء المصابين، ما يعني تفاقم الازمة الإنسانية.

المصدر : وفا