عام >عام
عباس مهتمّ بالمصالحة الفلسطينية واستيعاب "حماس" تعاون مفتوح مع لبنان و"مجبر على التعاون" مع إسرائيل
عباس مهتمّ بالمصالحة الفلسطينية واستيعاب "حماس" تعاون مفتوح مع لبنان و"مجبر على التعاون" مع إسرائيل ‎السبت 25 02 2017 10:30
عباس مهتمّ بالمصالحة الفلسطينية واستيعاب "حماس" تعاون مفتوح مع لبنان و"مجبر على التعاون" مع إسرائيل


 

حركت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت جملة من الملفات الفلسطينية الداخلية اضافة الى تلك المشتركة مع لبنان، وجاءت في توقيت لم تعد فيه القضية الفلسطينية في موقع متقدم في الاجندة العربية التي تتصدرها اكثر من ازمة، وفي مقدمها سوريا واليمن وصولا الى اكثر من دولة عربية تشهد نزاعات سياسية وعسكرية.

وشدد عباس في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين على سعي السلطة الفلسطينية وايمانها الشديد ببناء افضل العلاقات مع الدولة اللبنانية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام ما تتخذه الاجهزة الامنية وعلى رأسها الجيش حيال المخيمات. وركز على اهمية اللقاء الذي جمع ممثلين للفصائل في بيروت، وجمع عددا كبيرا من القيادات تحضيرا لاطلاق المجلس الوطني ليضم سائر القوى الوطنية والاسلامية، ولا سيما ان للاخيرة جملة من الملاحظات على هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية لم تحل الى اليوم. وركز عباس على ضرورة اتمام مصالحة الفلسطينيين وتحصينها، إذ لا سبيل امامهم الا التعاون وتحصين البيت الداخلي، ودون ذلك لا خلاص ولا اطمئنان. ويعول على علاقاته الطيبة مع القيادتين القطرية والتركية في احداث تقارب اكبر مع حركة "حماس". وينتظر جواباً من الدوحة في هذا الخصوص.
ولم يخف المساعي التي يبذلها لتثبيت الوحدة الفلسطينة قدر الامكان، مؤكدا أنه من اشد المرحبين بانضمام "حماس" الى المجلس الوطني العتيد واجراء الانتخابات التشريعية، وهو مستعد للدخول في قوائم انتخابية مشتركة معها وصولا الى اطلاق حكومة وحدة وطنية جامعة، حتى لو لم تعترف "حماس" باسرائيل. وثمة قيادات عدة متشددة في "فتح" لا تعترف بها ايضاً. وكان صريحا مع الجانب اللبناني بقوله انه مضطر الى التنسيق مع الحكومة الاسرائيلية، اقله لجهة اقامة اتصالات بين وزير ماليته للتعاون والتشاور في ملف الرواتب وسواها مع الجانب الاسرائيلي، "وانا مجبر على ذلك"، ويتفهم جيدا حساسية الفلسطينيين. وكانت له جولة موسعة من المحادثات مع شخصيات لبنانية، حذر فيها من الاخطار التي تهدد البلدان العربية، مشيرا الى أن ثمة من ينشط على تقسيم المقسم في الاصل. وتوقف "ابو مازن" عند كل ما تمت قراءته في العقدين الاخيرين عن كتابات ورسم خرائط تحدثت عن تقسيم بلدان عربية في المستقبل، معتبرا أن مؤشراتها تظهر للعيان اليوم.
وعلى صعيد آخر، لوحظ استنفار مجموعات من الناشطين الفلسطينيين في مواقع التواصل الاجتماعي -حذرته من التطرق الى ملف السلاح في المخيمات - ولا سيما في صفوف المناوئين لعباس، اتهمته بعدم الاهتمام بأوضاع المخيمات، وبأنه لم يأل الجهود المطلوبة ولم يفلح في تقديم حل لعشرات الالوف من اللاجئين الذين يعيشون في ظروف معيشية مأسوية جراء تراجع خدمات "الاونروا"، وكأنه لا يكفيهم الوضع الامني غير المستقر في عين الحلوة حيث لا يمر اسبوع من دون اطلاق نار وإلقاء قنابل اوحصول عمليات اغتيال بين الفينة والاخرى.
وكان معارضو سياسة "فتح" يأملون من عباس ان يلتفت أكثر الى المطلوبين في المخيمات ويدقق في مذكرات الاعتقال الصادرة في حقهم من القضاء اللبناني، واكثرهم ليسوا من المتهمين بجرائم واعمال ارهابية، بدل استقباله في مقر اقامته وفدا من شبان فلسطينيين يشاركون في برنامج فني، وانه على الاقل كان يجب أن يزور مقبرة الشهداء الفلسطينيين في بيروت، وهو في الاصل لا يقدم على زيارة المخيمات.
لبنانياً، لا يرغب اكثر من طرف في التدخل في خلافات الفصائل والحساسيات التي تتحكم فيها، وان عباس بما يمثله من خلال موقعه الرسمي، اضافة الى وجوده في الموقع الاول على رأس منظمة التحرير الفلسطينية، يعتبر أن السلطات اللبنانية معنية بالحفاظ على العلاقة التشاورية معه في شأن المخيمات، اضافة الى قضايا أخرى، وينشط المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم على خط تطوير هذه العلاقة وعدم الإخلال بها، ولا سيما ان "فتح" تبقى المعنية الاولى بتوجيه مسار الحياة اليومية في أكبر مخيمين هما عين الحلوة والرشيدية. في غضون ذلك، استبعدت جهات متابعة أن يكون عباس أبدى استعداده لدخول الجيش اللبناني المخيمات وتسلمه زمام الامن فيها. وثمة استحالة لتحقيق هذا الامر في الوقت الراهن نظرا الى وجود اكثر من طرف في المخيمات، وخصوصا في عين الحلوة، كما أن القوى الامنية اللبنانية غير قادرة في الوقت الراهن على القيام بهذه المهمة، ولا سيما ان الفصائل لا تتفق على رأي واحد حتى لو كان تنفيذ مشروع انمائي في المخيم.
وليس غريبا القول انه كلما التقى ممثلو الفصائل تحت سقف واحد، تطفو خلافاتهم على السطح، وأبلغ مثال على ذلك ظهور تباينات شاسعة في مؤتمر دعم الانتفاضة والشعب الفلسطيني الذي استضافته طهران قبل يومين حيث شن الامين العام لـ "الجهاد الاسلامي" رمضان شلح هجوما لاذعا ضد السلطة الفلسطينية على مسمع قيادات في "فتح"، واتهمها بحماية اسرائيل وتقديم خدمات لها وتسهيل عمليات قضم الاراضي الفلسطينية واقامة المستوطنات. ولم يجد القيادي التاريخي احمد جبريل موضوعا يتحدث فيه سوى تذكيره بالحرب الاهلية في بيروت، من دون ان يتطرق الى "انجازات" تنظيمه "القيادة العامة" وبطولاته في "حرب الفنادق"، وهو ما زال الى اليوم يقيم مواقع عسكرية في الناعمة في قلب جبل لبنان وجرود البقاع على الحدود السورية!

المصدر : النهار