بأقلامهم >بأقلامهم
"السّرقة الممنهجة"!
جنوبيات
يُحكى أنّ فارسًا عربيًّا كان يجول في الصّحراء ممتطيًا فرسه، وإذ به يُصادف أعرابيًّا تائهًا يعاني شدّة العطش، فتوقّف ليتحرّى أمره.
فطلب الرّجل من الفارس أن يسقيه شربة ماء تعينه على الصّمود في شمس الصّحراء الملتهبة.
فقام الفارس الهمام بذلك، لا بل سأل ذاك الأعرابيّ عن حاجته.
صمت الرّجل قليلًا، فشعر الفارس بأنّه يخجل أن يطلب الرّكوب معه.
فقال له:
"هل تركب معي إلى حيث تجد المسكن والمأوى؟"
فقال الرّجل:
"أنت رجل كريم حقًّا. شكرًا لك، كنت أودّ طلب ذلك لكنّ خجلي منعني".
ابتسم الفارس فحاول الرّجل الصّعود لكنّه لم يستطع وقال:
"أنا لست بفارس، فلم أعتد ركوب الخيل".
فاضطُرّ الفارس إلى أن ينزل كي يساعد الرّجل في ركوب الفرس. بيد أنّه وما إن صعد الرّجل على الفرس حتّى نكزها وفرّ بها كأنّه فارس محترف.
أيقن الفارس (فاعل الخير) إذ ذاك أنّه تعرّض لعمليّة "سرقة ممنهجة". فصرخ مناديًا ذاك الرّجل قائلًا:
"اسمعني يا هذا... اسمعني"!
شعر اللصّ بأنّ نداء الفارس مختلف عن غيره ممّن كانوا يستجدون عطفه.
فقال له من بعيد:
"ما بك"؟
فقال الفارس:
"لا تخبر أحدًا بما فعلت رجاءً".
فقال له اللصّ:
"أتخاف على سمعتك وأنت تموت في لهيب الصّحراء"؟
فردّ الفارس:
"لا.. لكنّني أخشى أن تنقطع المروءة عند العرب وأن ينقطع الخير بين النّاس".
فأين نحن في واقعنا الحالي من هذه المشهديّة؟!
حيث سُرقت أموالنا وبهجة حياتنا تحت أعين المسؤولين الذين لا يخشون ربّ العالمين...
ولا يسعنا إلّا أن نقول:
"اللهمّ عفوك ورضاك وحسن لقاك".