لبنانيات >أخبار لبنانية
"الفرسان اللبنانية": ردّ على "السياسية الحريرية" عشية 14 شباط
"الفرسان اللبنانية": ردّ على "السياسية الحريرية" عشية 14 شباط ‎الأربعاء 12 02 2025 16:41
"الفرسان اللبنانية": ردّ على "السياسية الحريرية" عشية 14 شباط

جنوبيات

 وجّهت "مبادرة الفرسان اللبنانية"، عبر مكتب رئيسها الدكتور مصطفى قراعلي، رسالة من طرابلس إلى الرئيس السابق سعد الحريري، عشية الذكرى العشرينية ل14 شباط 2005.

أكّدت الرسالة أن إنهاء الطائفية السياسية في الممارسة اللبنانية أصبح ضرورة ملحّة للإصلاح ولإنقاذ الوطن بعد تشكيل حكومة "الاصلاح والانقاذ" لدولة الرئيس نواف سلام.

وتوجّهت مبادرة الفرسان اللبنانية الى الرئيس سعد الحريري قائلة، "دولة الرئيس، كما تعلمون، لبنان فتح صفحة جديدة في تاريخه، وأمامه اليوم فرصة ذهبيّة للالتحاق بركب الانماء والتقدم. لقد اكتفى اللبنانيون من "اعتدال" الأحزاب الطائفية الذي لم يؤدِّ إلا إلى الدمار والقطيعة، وهم اليوم يصرخون لقيام رجال وسيدات دولة يكونوا "متطرّفًون" للبنان وحده." 

"نتوجه إليكم اليوم باسم أطفال وشباب وكبار هذا الوطن، آملين أن تصغوا إلى أصواتنا كما فعلتم في 29 أكتوبر 2019، بعد 13 يومًا من الاحتجاجات التي هزّت لبنان، عندما قدمتم استقالتكم تجاوبًا مع مطالب الشعب. إن العودة إلى المشهد السياسي لتكرار نفس المناهج القديمة لم تعد خيارًا مقبولًا، فلبنان اليوم يحتاج إلى إعادة اصطفاف سياسي مختلف، قائم على البرامج الوطنية والرؤى الإصلاحية العابرة للطوائف، وليس على أسس أحزاب سياسية طائفية تعيد إنتاج الأزمات."

"دولة الرئيس سعد الحريري، لبنان أمام فرصة حقيقية للقطع مع ماضي الأزمات وبناء دولة حديثة قائمة على المواطنة والكفاءة، ولا يمكن السماح بإعادة إنتاج النظام الذي أسقطه اللبنانيون في الشارع قبل سنوات." وأكملت الرسالة قائلة، "نحن نناشد سعادتكم، إن أردتم العودة إلى العمل السياسي، أن تتبنوا نهجًا جديدًا يواكب تطلعات اللبنانيين نحو دولة حديثة وعادلة. فلا يمكن أن تكون العودة من بوابة "الحريرية السياسية"، التي تحمل في طياتها المفاهيم القديمة والولاء لزعيم، بل يجب أن ترتكز على رؤية وطنية حديثة تواكب التغيير الذي فرضته المرحلة الجديدة. إن لم يكن ذلك من خلال تأسيس حزب سياسي جديد قائم على أسس وطنية لا طائفية حديثة، فيمكن أن يكون من خلال الدعم لمبادرات إصلاحية، مثل "مبادرة الفرسان اللبنانية"، التي ولدت من رحم معاناة المرحلة السابقة وتسعى إلى إعادة بناء المشهد السياسي على أسس وطنية جامعة."

لقد ارتدى الوطن اليوم حلة جديدة، ولا نريد كلبنانيين أن يُشوّه بمحاولات إعادة إنتاج تجارب الماضي.

إنّ أبناء الطائفة السنية، كغيرهم من أبناء الطوائف الذين ثاروا بالأمس رفضًا للظلم والفساد، يتطلعون إلى مستقبل يواكب مسار التقدّم والتغيير، في مناخ سياسي جديد ينسجم مع التحولات الإقليمية، من انتصار الثورة السورية إلى عودة العرب إلى المنطقة، وصولًا إلى انهيار مشروع "حلف الأقليات" اليساري، الذي بلغ ذروته خلال العهد السابق الذي بني على المحاصصة والاستزلام بالمحازبين.

تكمن الإشكالية مع تيار "الحريرية السياسية" اليوم في محاولته استثمار سقوط النظام البائد في سوريا، من دون التطرق إلى أدوات هذا النظام في لبنان، مُلتزمًا الصمت تجاهها لاعتبارات حزبية تهدف إلى تكريس رئيسه كزعيم طائفة، يتجنب التدخل في شؤون الطوائف الأخرى للحفاظ على سيطرته داخل الطائفة السنية. لكن هذا النهج يُضعف المتحزبين له سياسيًا ويؤدي إلى تذبذب في المواقف، مما يُفقده مصداقيته ويجعل مناصريه يواجهون اتهامات بـ"النفاق السياسي"، وهو ما لم يعد اللبنانيون ولا العرب قادرين على تقبله بعد الآن. فالخلل هنا يكمن بالطائفية السياسية نفسها كاطار للعمل السياسي الوطني، أكثر مما هو نقد موجّه للتيار.

في حين أن محاولة عودة "الحريرية السياسية" إلى المسرح اللبناني مرغوبة بشدة من قبل الأحزاب الطائفية السياسية الأخرى وإقطاعيي الأمس، لأنها تشكّل لهم آخر قشة إنقاذ، يتطلع اللبنانيون، وبالأخص أبناء الطائفة السنية، نحو ريح التغيير القادمة من الشرق والجنوب العربي، متماسكين ومتأملين أن تكون هذه المحاولات الأخيرة قبل تمكين المجتمع المدني الجديد بحراكه السياسي المتقدّم والحديث.

إنّ أعظم موارد لبنان – مخزونه العميق من الشباب الموهوبين ورواد الأعمال – لا ينبغي أن يُحرم من فرصته عبر منح شريان حياة جديد للنظام السياسي القديم. فالأحزاب الطائفية السياسية تعمل لصالح مكوّنها الطائفي وحصصها في كيان الدولة، بينما يعمل الحزب السياسي العصري والمتقدّم، الذي نحتاجه اليوم، على مشروع بناء الدولة ومؤسساتها كإطار جامع عابر للطوائف. 

أطلقت "مبادرة الفرسان اللبنانية" مسيرتها باسم أبناء جميع الطوائف بإعلان "مذكرة طرابلس الوطنية" ، كوثيقة عمل وطني للبنان الجديد، وُلِدَت من رحم الثورة المحقة في قلبها النابض طرابلس. إنّ انتصار الثورة في سوريا هو انتصارها في لبنان، وهكذا تتحقق "وحدة المسار والمصير " و"وحدة الساحات" في العهد الجديد.

المصدر : جنوبيات