بأقلامهم >بأقلامهم
غاب "المصلحجي" وحضر "الوفيّ"



جنوبيات
كثيرة هي المرّات التي استقبل بها الأمين العام لـ"حزب الله" الشهيد السيد حسن نصرالله رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وقبله عمّه الرئيس ميشال عون. وقتها كان تفاهم مار مخايل بين الحزب والتيار بمثابة كنز ثمين للطرفين، ولا سيما التيار الذي بفضل هذا التفاهم بنى مجده السياسي – السلطوي - المالي الذي شهد تبوّوء جبران باسيل أهم المواقع الوزارية وحيازته على أكبر الحصص الحكومية جرّاء دعم الحزب، ومنعه تشكيل حكومة إلاّ بإرادته، والذي تكلّل بوصول عون إلى رئاسة الجمهورية سنة 2016 بعد شغور دام سنتين ونصف.
بعد انتهاء عهد الرئيس، عون ودخول لبنان في مرحلة الإستحقاق الرئاسي، وبعد التزام الحزب بتبنّي ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية كمرشح طبيعي لمحور "المقاومة"، إنقلب الحال بين الحزب والتيار رأساً على عقب، فباسيل الذي امتطى مركب "حزب الله"، لم يكن يوماً على قناعة بمقاومة أو بمبادئ بقدر وصولية مصلحية سلطوية، وهو لم يعد مهتماً بها طالما الحزب متمسك بفرنجية، وبدأت نهاية التحالف تكتب بأقلام "عونية" ترتفع تدريجياً، ولكن ليس بهدف القطيعة الكاملة بقدر ما هي لدفع الحزب نحو التخلّي عن فرنجية والإتفاق مع باسيل على مرشّح بينهما يؤمّن بقاء التيار في السلطة.
بعدما تأكد باسيل أنه لن ينجح في مسعاه، بدأ يضرب الطعنة تلو الأخرى في خاصرة الحزب، فتقاطع مع المعارضة على جهاد أزعور بوجه الحزب، وانقلب سياسياً على حرب الإسناد التي قام بها الحزب بوجه إسرائيل، ولم يتوقف عند هذا الحدّ، إذ استمرّ بلعبة التذاكي على الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي، معمّماً عبر نواب التيار أنه لم يعد حليفاً ل"حزب الله"، لكن أحداً لم يصدّقه لأن الحقيقة التي يعلمها الجميع أن باسيل يواظب على التواصل والتنسيق والإجتماع مع مسؤول وحدة الإرتباط في الحزب الحاج وفيق صفا في مختلف المسائل السياسية.
آخر المحاولات التي أراد باسيل استغلالها ليثبت للعالم أنه لم يعد حليفاً للحزب، هو تخلّفه عن حضور تشييع السيد نصرالله، والإكتفاء بإرسال وفد نيابي من التيار ممّن يحتاجون أصوات "الثنائي" في الإنتخابات المقبلة للمشاركة، وهو بذلك يحاول أن يثبت ابتعاده عن الحزب.
لكن باسيل سيخرج مرةً جديدة خالي الوفاض وفق معادلة "لا مع ستّي بخير ولا مع سيدي بخير"، فلا "حزب الله" سيقدّر له إرسال وفد نيابي لغايات إنتخابية بدلاً عنه، وهو الذي يجب أن يتحلّى بالحدّ الأدنى من الوفاء لمن أعطاه كل شيء على حساب كثيرين وكان له فضل كبير في صناعة سلطته، ولا الآخرين ستمرّ عليهم هذه الأساليب وهم يرون بأم العين كيف أن باسيل رمى حجراً في البئر الذي طالما شرب واستفاد منه، وهو إذاً غير مؤهّل للتعويل أو الرهان عليه في المستقبل، بعدما شاهدوا تجربة السيّد معه.
وما يزيد طين باسيل بلّة، هو مقارنته وعمّه بأداء سليمان فرنجية الذي أظهر أصالة وأخلاقية وفروسية قلّ نظيرها بحضوره تشييع السيّد وفاءً للعلاقة التي جمعتهما، مع أن فرنجية لم يحظَ بشيء لا في الرئاسة ولا في الحكومات مقارنة بما استحوذ عليه الثنائي عون -باسيل، الذي استغلّ نفوذ وقوة الحزب إلى حدّه الأقصى، وإذ به يظهر الأقلّ وفاءً في يوم وداعه مؤكداً وصوليته السلطوية على حساب مبدئيته وأخلاقياته.
يطوي "حزب الله" صفحة تاريخية مع تشييع السيد نصرالله، مع كل ما حملته من علاقات وتحالفات داخلية، ويبدأ اليوم مرحلة جديدة يحتاج فيها إلى مراجعات كثيرة في كل مقارباته، وتحديداً في شبكة علاقاته الوطنية، والتي لن يكون باسيل شريكاً حكمياً أو أوحداً فيها كما كان في زمن السيّد.
أخبار ذات صلة
سرقة دراجات آلية في جبل لبنان... و"الأمن" يوقف شخصان بالجرم المشهود!
مصير ابن الـ 13 عامًا لا يزال غامضًا... ومناشدة قبل فوات الأوان!
تبرُّع قائد الجيش بالإنابة وعدد من الضباط بالدم في إطار حملة تبرُّع لدعم بن...
دار الفتوى: التماس هلال شهر رمضان سوف يتم التحري عنه بعد غروب شمس يوم الجمع...
وزارتا الزراعة والبيئة: الفحوصات المخبرية الأولية أظهرت عدم تأثر الزيتون با...