مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
العماد رودولف هيكل قائداً للجيش في لحظات حسّاسة
العماد رودولف هيكل قائداً للجيش في لحظات حسّاسة ‎الجمعة 14 03 2025 07:17 هيثم زعيتر
العماد رودولف هيكل قائداً للجيش في لحظات حسّاسة

جنوبيات

لا يختلف اثنان على أن اختيار العماد الركن رودولف إلياس هيكل، لتولّي قيادة الجيش اللبناني، يأتي في لحظاتٍ دقيقة وحسّاسة، يمرُّ بها لبنان، وتحتاج إلى شخصية محورية قيادية، تمتلك رؤية استراتيجية، وقدرات قيادية، تضاف إليهما خبرته الكبيرة، ما يُمكنه من إبطال مفاعيل الصواعق، قبل انفجارها، منعاً لنتائجها وتردداتها.

وهي الصفات التي تنطبق على العماد الركن رودولف هيكل، المولود في العام 1969، ابن بلدة عقتنيت - قضاء صيدا (الزهراني)، تلك البلدة الجنوبية المسيحية، التي تقع وسط كثافة سكانية إسلامية ومسيحية، وعى أهلها باكراً العيش الطبيعي بين أبناء المنطقة، كنموذجٍ مُصغرٍ عن لبنان، حيث تتلاقى أصوات المآذن من المساجد، مع قرع أجراس الكنائس.
ذلك هو النموذج ذاته، الذي ينتمي إليه الرئيس العماد جوزاف خليل عون، ابن بلدة العيشية، ذات الخليط الإسلامي والمسيحي، في منطقة تتبع قضاء جزين في مُحافظة الجنوب، وتطل على أقضية في مُحافظات: النبطية، البقاع وجبل لبنان.
تربّى رودولف هيكل، في منزل والديه إلياس هيكل ووفقه أنطوانيت العبداالله، على الطيبة، والثقة بالنفس، ودماثة الخلق، والمصداقية وحب الآخرين ومُساعدتهم.
وهو ما سار عليه خلال مراحل حياته كافة، ومع شريكة عمره جانيت رزق الله زيدان وأفراد العائلة.
مع تعافي لبنان، بعد توقيع اتفاق الطائف، وعودة الحياة إلى مُؤسسات الدولة، سارع رودولف هيكل، للتطوع في الجيش، بصفة تلميذ ضابط، مُلتحقاً بالكلية الحربية، اعتباراً من تاريخ 12 شباط/فبراير 1990، حيث تخرج برتبة مُلازم، بتاريخ 23 نيسان/إبريل 1994.
في المُؤسسة العسكرية، التي تُشكل نموذجاً للانصهار الوطني، تولى العديد من المهام، وخاض معارك عدة، فسقط شهداء وجرحى من زملائه، وهم يخوضون معمودية النار.
يأتي اختيار العماد هيكل ليكون القائد الـ15 للمُؤسسة العسكرية، في لحظة دقيقة، وبترشيحٍ من الرئيس العماد جوزاف عون، الذي عرفه عن كثب لسنواتٍ عدة، فكان مثال الضابط الكفوء المغوار، المقدام.
وقد تبوأ مراكز عدة في مُخابرات الجيش وقيادة اللواء الأول، وقيادة قطاع جنوب الليطاني، وصولاً إلى مُدير العمليات.
هذه المراكز، مكنته من الاطلاع عن كثب على كل وحدات الجيش اللبناني وعمله ومهامه، وأيضاً مُواكبة التطورات والمراحل كافة.
ولعل تجربة العماد هيكل في قيادة قطاع جنوبي الليطاني في الجيش اللبناني، والنجاح بالتنسيق مع قوات الطوارئ الدولية، هي حاجة ضرورية ومُلحة في هذه المرحلة، التي تتطلب استكمال الجيش اللبناني انتشاره في مناطق جنوبي الليطاني، المشمولة بالقرار الدولي 1701، وبالتنسيق مع قوات «اليونيفل».

ولا شك أن الخبرة التي اكتسبها العماد هيكل في تلك المنطقة، ستكون عاملاً مُساعداً بالإسراع بتنفيذ العديد من الخطوات، بما يضمن سحب الذرائع من الاحتلال الإسرائيلي، والضغط عليه للانسحاب من المراكز، التي ما زال يحتلها، خارقاً اتفاق التهدئة المُوقع بين لبنان والكيان الإسرائيلي، بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، برعاية أميركية وفرنسية، والإسراع بتثبيت عود الأهالي الجنوبيين إلى بلداتهم، على الرغم من حجم الدمار الكبير.

كما أن القضايا والملفات اللبنانية، تستحوذ على الاهتمام، لمُواصلة تنفيذ المبادئ التي أرسى قواعدها العماد جوزاف عون في المُؤسسة العسكرية، فساعدت بتجاوز العديد من المحطات المفصلية والدقيقة، التي مر بها لبنان، ومنها الوجود الفلسطيني، وسبل التنسيق بما يضمن الأمن والاستقرار، ودعم الحقوق المشروعة لشعب الفلسطيني بما فيها حق العودة.

كذلك قضية النزوح السوري وتداعياتها، وما يجري على الحدود الشرقية للبنان، فضلاً عن الحدود الجنوبية.
كل ذلك يحتاج إلى تعاون السياسيين، ووقف القصف والقنص على المُؤسسة العسكرية، التي هي بأمس الحاجة إلى كل دعم عربي ودولي، عتاداً وأسلحة، ودعماً مالياً، لتتمكن من القيام بالمهام المنوطة بها، لأنها العمود الفقري لانطلاق عمل مُؤسسات الدولة اللبنانية، ولأن الجيش في طليعة من يحظى بثقة المواطنين، فضلاً عن المُجتمعين العربي والدولي.

لهذا، فإن اختيار العماد هيكل الصائب، يتطلب تظافر الجهود لإنجاح العهد الجديد برئاسة العماد عون، ومع حكومة العهد الأولى برئاسة القاضي الدكتور نواف سلام.

المصدر : جريدة اللواء