لبنانيات >أخبار لبنانية
العرقسوس "سلاح ذو حدين" في رمضان
العرقسوس "سلاح ذو حدين" في رمضان ‎الاثنين 24 03 2025 12:06
العرقسوس "سلاح ذو حدين" في رمضان


يعد السوس أحد المشروبات المميزة على مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك، وذكره الطبيب العربي ابن البيطار، فقال "أنفع ما في نبات عرق السوس عصارة أصله، فهو دواء لأمراض الحلق والكبد إذا وضعته تحت اللسان، وعلاج لالتهابات المعدة وأمراض الصدر إذا مضغته، وإذا شربته قطع العطش".

وعرق السوس اسم مشتق من اليونانية القديمة ويعني "الجذر الحلو"، وهو نبات عشبي بأزهار أرجوانية تميل إلى اللون الأزرق، له غلاف يشبه غلاف البازلاء، ينمو في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وفي آسيا، ويتم حصاده في فصل الخريف بعد سنتين إلى 3 سنوات من زراعته، وله نكهة حلوة ومميزة، إذ يحتوي على السكر والعديد من الفيتامينات والمعادن.
يقول موقع "ريدرز دايجست" إن عرق السوس حظي بمكانة مميزة منذ عصور ما قبل التاريخ، وتعود بداية استخدامه إلى الثقافات الآشورية والمصرية والصينية والهندية القديمة، كإحدى الوصفات الطبية المتداولة، وإنه في سنة 2300 قبل الميلاد اعتبره الإمبراطور الصيني شينونغ نبتة سحرية تقوي المسنين وتكسبهم مناعة.
وفي مصر القديمة، استخدمه قدماء المصريين كمشروب اقتصر على الملوك والأمراء، وكذلك استخدموه في إبعاد الأرواح الشريرة عن المتوفى حديثا، وطمأنته حتى يبعث من جديد، حتى إنه عثر على بعض جذور عرق السوس في مقبرة توت عنخ آمون بين الكنوز الملكية عند اكتشافها عام 1923.
واعتاد الجنود في الجيشين اليوناني والروماني مضغ جذور عرق السوس أثناء المسيرات الطويلة والمعارك، لإرواء عطشهم وترطيب أجسامهم عندما لا يكون لديهم ما يكفي من الماء، إذ أمر الإسكندر الأكبر بتوزيعه عليهم كحصص إعاشة، وعلى نفس خطى الإسكندر الأكبر، أوصى الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت جنوده باستخدام جذور عرق السوس للغرض نفسه، غير أنه حرص شخصيا على مضغه لسبب آخر، وهو تهدئة أعصابه في ساحة المعركة، ويقال إنه أكثر من مضغه، حتى تحولت أسنانه إلى اللون الأسود، كذلك يُزعم أنه وهو على فراش الموت، طلب خلط جذور عرق السوس في زجاجة من الماء ليتمكن من شربه.
تحول عرق السوس إلى مشروب شعبي في مصر خلال العصر الفاطمي، وأصبح متاحا للفقراء والأغنياء، ويحظى بإقبال كبير بين كافة الأوساط والطبقات.

واعتادت الأسر العربية تجهيزه على المائدة الرمضانية ضمن مجموعة من المشروبات الباردة الأخرى مثل قمر الدين والتمر الهندي والخروب والسوبيا، لتعويض الجسم السوائل المفقودة خلال ساعات الصيام.
ولم يقتصر استهلاك شراب العرق سوس على شهر رمضان فحسب، بل تشربه شعوب عربية مختلفة من أيادي الباعة الجائلين في الشوارع طوال العام، وانتشرت مهنة "بائع عرق السوس" الذي يجوب الشوارع برنات صاجاته النحاسية وعباراته المميزة "عرق سوس شفا وخمير"، وبملابس تراثية تعبر عن تاريخ المهنة وعراقة المشروب.
وجدير بالذكر أنه مع فوائد العرقسوس، يوصى دائما بعدم تناوله بكميات كبيرة أو لفترات طويلة، إذ إن الإفراط في تناوله يسبب العديد من المشكلات والآثار الجانبية، بدءا من عدم انتظام ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وضعف العضلات والخمول، ويرجع ذلك لاستنفاد الغليسيرهيزين لمستويات البوتاسيوم في الدم.