مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
"خيبة" نتنياهو في واشنطن.. هل يُترجمها تصعيداً في فلسطين ولبنان وسوريا؟
"خيبة" نتنياهو في واشنطن.. هل يُترجمها تصعيداً في فلسطين ولبنان وسوريا؟ ‎الخميس 10 04 2025 06:54 هيثم زعيتر
"خيبة" نتنياهو في واشنطن.. هل يُترجمها تصعيداً في فلسطين ولبنان وسوريا؟

جنوبيات

ينطبقُ الطقسُ المُلبّد بالغيوم، وتغيّر المناخ، على السياسة والعلاقات، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي عاد خالي الوفاض، من زيارته الثانية إلى واشنطن، التي جرت يوم الاثنين في 7 نيسان/إبريل 2025، خلافاً لزيارته السريعة الأولى العاجلة إلى البيت الأبيض، كأول مسؤولٍ أجنبي، يوم الثلاثاء في 4 شباط/فبراير 2025، بعد أقل من أسبوعين على تسلّم الرئيس ترامب، مقاليد الحكم في ولايته الثانية.
لكن خيبة أمل نتنياهو، لا شك أنه سيُترجمها في مكانٍ آخر، وهذا يعني جزءاً من التصعيد في فلسطين ولبنان وسوريا، في مُحاولة اللهروب من الانتقادات، وملفات المُحاكمة القضائية الداخلية، ومُذكرات التوقيف، التي تُلاحقه خارجياً.
لذلك، فإن ما يُمكن أن يُقدم عليه نتنياهو من «حماقات» ومُغامرات، المُرجح أن تكون بارتكاب المزيد من المجازر والجرائم، وحرب الإبادة الجماعية، لمنع سقوط حكومته الهشّة من الانهيار، بعد 27 شهراً على توليها المسؤولية، التي ارتكب فيها أكبر كمٍّ من المجازر والحروب في عهد الكيان الإسرائيلي.
وفي مُحاولة لتجنّب الذهاب إلى انتخابات مُبكرة لـ«الكنيست» الإسرائيلي، التي بقي أمامها 19 شهراً.
هذا في وقتٍ، أظهرت فيه استطلاعات الرأي، تراجعاً في حظوظه، وعدم تمكنه من تأمين أكثرية، تُخوّله العودة مُجدداً لتشكيل حكومة، بل ذهابها إلى مُنافسين آخرين.
لهذا، فإن نتنياهو سيسعى إلى مُحاولة المُحافظة على مُشاركة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وابتزاز أحزاب «الحريديم» له.
ويكون ذلك، بإراقة المزيد من الدماء، وارتكاب المجازر في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والعدوان في الضفة الغربية، بتنفيذ المزيد من عمليات الإعدام والتصفية والاعتقال، وتدمير البُنى التحتية، بهدف تهجير أبناء قطاع غزة والضفة الغربية.
أيضاً، مُواصلة خرق اتفاقية التهدئة في لبنان، والقرار الدولي 1701، بما في ذلك تنفيذ اغتيالات خارج منطقة جنوبي الليطاني، وصولاً إلى مناطق صيدا، النبطية، ضاحية بيروت الجنوبية والبقاع، مئات المرات، ما أدّى إلى سقوط أكثر من 115 شهيداً، مع مُواصلة العمل على إيجاد منطقة محروقة، تمتد من الناقورة في القطاع الغربي، وصولاً إلى كفرشوبا في القطاع الشرقي، مع استمرار احتلال 5 مراكز في الجنوب اللبناني، بهدف منع الحياة، وعودة الأهالي إلى بلداتهم، والإقامة فوق ركام المنازل المُدمرة، التي يتم استهداف حتى البيوت الجاهزة التي يضعوها.
لم تكن زيارة نتنياهو الثانية إلى واشنطن، خلال أقل من شهرين، كما استقبله في الأولى، الرئيس الأميركي الـ47 للولايات المُتحدة، الطامح إلى ولاية ثالثة، في مُحاولة للاستفادة من بلوغه سناً مُتقدمة، أو التفكير بمنصب نائب للرئيس لولاية، ثم الانقلاب على الرئيس (الصوري)، حيث عاد خافي الحنين، في زيارةٍ كانت سلبية على المُستويات كافة.
وتعود أحد الأسباب إلى استباق الرئيس ترامب، لقاء نتنياهو، بإجراء مُكالمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان يجتمع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في القاهرة، وما جرى خلاله، من مُحادثات، تُشير نتائجها إلى إيجابياتها.
لذلك، فإن رئيس الوزراء الأكثر حكماً في الكيان الإسرائيلي، سيكون بانتظار سلسلة من المحطات والقضايا الهامة، في طليعتها:
- زيارة الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية، ما يُؤكد على دورها القيادي، على المُستويات العربية والإسلامية والدولية.
- ما ستقوم به مصر، من خلال المُبادرة، للعودة إلى وقف إطلاق النار والتهدئة.
- تغيّر موقف الرئيس الأميركي من دعوته إلى «ترانسفير» لتهجير الفلسطينيين، إلى البحث عن صيغ أخرى.
- ترقّب المُفاوضات بين الولايات المُتحدة وإيران، التي أُصيب إثرها نتنياهو بصدمة كبيرة.
- فتح الرئيس ترامب، خطاً تفاوضياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإبدائه إعجاباً به، وهو ما يُمكن أن يُعزز وضع تركيا على صعيد المنطقة، بما في ذلك سوريا، بمُواجهة القضم والاحتلال الإسرائيلي.
وأن الرئيس الأميركي ليس طرفاً في الصراع الدائر بين تركيا والكيان الإسرائيلي، بل طرح أن يكون وسيطاً.
لقد أخفق نتنياهو بإقناع الرئيس ترامب، بإلغاء الرسوم الجمركية، التي فرضها على 180 دولة، وتبلغ نسبتها 17% على الكيان الإسرائيلي، أو حتى تخفيضها، وإعلان ترامب أنه يتم منح 4 مليارات دولار أميركي سنوياً إلى الكيان الإسرائيلي، وهي الأعلى لأي دولة، وأنه أفرج عن قنابل الموت، بعدما كان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد أوقفها.
وفشل رئيس حكومة الاحتلال بتحقيق العديد من المُكتسبات السياسية، في ظل:
- استمرار الخلافات الداخلية، بين المُكونات الإسرائيلية، وابتزاز حلفائه في الحكومة.
- عدم تحقيق العناوين، التي أعلن عنها، سواءً في قطاع غزة، التي أُطلقت منها الصواريخ، بعد 18 شهراً من انطلاق العدوان وتدمير قطاع غزة وتهجير أهله داخله مراتٍ عدة.
- الإخفاق بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين إلا عبر المُفاوضات.
- الفشل بإجبار لبنان على التطبيع، أو الاجتياح البري، على الرغم من الخسائر الباهظة، التي لحقت به.
هذا في وقتٍ، تُواصلُ فيه فلسطين، عبر حراكٍ سياسي ودبلوماسي، يقودُه رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بالتنسيق مع الأشقاء العرب، وفي الطليعة: المملكة العربية السعودية، جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، وبالتنسيق مع فرنسا، للتوجه لعقد مُؤتمر دولي للسلام، في واشنطن، خلال شهر حزيران/يونيو المُقبل.
وذلك، تزامناً مع دعوة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، لعقد المجلس المركزي الفلسطيني، جلسة له يومي 23-24 الجاري في رام الله، لمُناقشة سلسلة من الملفات الهامة.

المصدر : اللواء