عربيات ودوليات >أخبار دولية
طبيب فرنسي من طاقم السفينة "مادلين" يروي تفاصيل اختطاف "إســرائيل" لهم


جنوبيات
كشف الطبيب والناشط الفرنسي بابتيست أندريه، أحد أفراد طاقم السفينة "مادلين" التابعة لتحالف أسطول الحرية، عن تفاصيل ما تعرّض له هو وزملاؤه من احتجاز وصفه بـ"القاسي"، بعد اعتراض جيش الاحتلال الإسرائيلي للسفينة في أثناء توجهها إلى قطاع غزة لكسر الحصار. وفي مقابلة مع "العربي الجديد" عقب عودته إلى باريس، أكد أندريه أن جيش الاحتلال اعترض القارب في المياه الدولية، واقتاد الطاقم بالقوة إلى الأراضي المحتلة، حيث احتُجزوا في ظروف شديدة الصعوبة.
وأوضح أندريه أن وحدة كوماندوز إسرائيلية مؤلفة من نحو 80 جندياً مدعومة بزوارق حربية، حاصرت السفينة فجر يوم الاثنين الفائت عند الساعة الثانية والنصف، على بعد يزيد على 100 ميل بحري من السواحل الإسرائيلية. ولفت إلى أن اعتراض السفينة "مادلين" جرى في المياه الدولية بينما كانت تسير بشكل قانوني تماماً، قائلاً: "لم نقترب من أي حدود، وحصل اعتراضنا في المياه الدولية في أثناء مسارنا القانوني".
وأضاف أن القوات الإسرائيلية سيطرت على القارب بالقوة، وحبست الطاقم لمدة 18 ساعة في المقصورة السفلية للسفينة، مع تقديم الماء والطعام بشكل محدود، حتى وصولهم إلى ميناء أسدود. وذكر أن الجنود أغلقوا أبواب المقصورة وأبقوا النشطاء تحت المراقبة المستمرة، قبل نقلهم إلى مركز احتجاز قريب من مطار بن غوريون.

وأوضح أندريه أن الطاقم خضع لتفتيش دقيق باستخدام كلاب بوليسية، ثم نُقل عبر حافلات مغلقة، مشيراً إلى أن الجنود تعاملوا معهم بقسوة، وحرموهم النوم والطعام لفترات طويلة، كذلك رفضوا إعطاءهم معلومات عن مكان الاحتجاز أو مواعيده. وأشار إلى أن المحاميات الفلسطينيات الموكّلات للدفاع عن الطاقم تعرّضن لسوء معاملة من قبل سلطات الهجرة الإسرائيلية، حيث جرى دفعهن وإهانتهن في أثناء محاولتهن تأدية مهامهن القانونية، رغم طلبهن توفير مساحة مخصصة للقاء المحتجزين وشرح حقوقهم بشكل مناسب.
وكشف أندريه أن السلطات الإسرائيلية قدمت إليهم وثيقة تُسمى "وثيقة ترحيل"، تضمنت اعترافاً مزيفاً بأنهم دخلوا الأراضي الإسرائيلية دون إذن، وهو ما نفاه جملةً وتفصيلاً، مؤكداً: "لم ندخل الأراضي الإسرائيلية، بل اختُطِفنا في عرض البحر واقتادنا الجيش الإسرائيلي بالقوة إلى مياهه الإقليمية". وأضاف أنه رفض التوقيع على الوثيقة، فيما رفض ثمانية من زملائه التوقيع ولا يزالون محتجزين في منشأة قرب مطار بن غوريون، بينهم ناشطون من فرنسا وألمانيا وتركيا والبرازيل. ووجّه أندريه نداءً إلى الحكومة الفرنسية، قائلاً: "أدعو الرئيس إيمانويل ماكرون إلى التدخل العاجل للإفراج عن زملائي وتوفير الدعم القانوني لهم".
وخلال الرحلة، أشار أندريه إلى أن طاقم سفينة "مادلين" شارك في إنقاذ أربعة مهاجرين أفارقة كانوا في عرض البحر منذ خمسة أيام، هرباً من خفر السواحل الليبيين. وقال: "أنقذناهم قبل لحظات من الموت المحقق، كانوا في حالة متقدمة من انخفاض حرارة الجسم، وسلّمناهم لاحقاً للسلطات اليونانية".
وختم أندريه حديثه بتوجيه الشكر إلى العالم العربي على ما وصفه بـ"الدعم الهائل" الذي تلقاه هو وزملاؤه خلال الأيام الأخيرة، مؤكداً أن هذا التضامن كان له دور كبير في نجاتهم. وقال: "نحن على قيد الحياة اليوم بفضل هذا الدعم، رغم أن بعض زملائي لا يزالون قيد الاعتقال. فكّروا فيهم... وتحرّكوا من أجلهم".
وفي بيان تلقاه "العربي الجديد"، أمس الثلاثاء، قال فريق النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي ريما حسن، وهي أحد أفراد طاقم سفينة مادلين، إن اعتراض السفينة في المياه الدولية واحتجاز طاقمها يشكّلان انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، مؤكداً أن ما جرى، بما في ذلك احتجاز نائبة أوروبية تتمتع بالحصانة البرلمانية، يُعدّ سابقة خطيرة تقوّض احترام المعايير الديمقراطية والمؤسسات الأوروبية.
ونفى البيان الرواية الإسرائيلية بشأن المعاملة "المثالية"، موضحاً أن النشطاء حُرموا الطعام والماء لساعات طويلة، وأُجبروا على البقاء على سطح السفينة في ظروف قاسية. ودعا البيان الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى التحرك العاجل للإفراج عن المحتجزين، واتخاذ خطوات حازمة ضد إسرائيل، بما في ذلك فرض عقوبات، لإنهاء الحصار غير القانوني المفروض على غزة، ووقف الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين والنشطاء الدوليين.