بأقلامهم >بأقلامهم
زياد الرحباني.. لحن لا يزول



جنوبيات
الرحيل المبكر للفنان اللبناني العبقري زياد الرحباني يثير الأسى والحزن لدى محبيه وعارفيه وقادري عطاءه الراقي الذي يشهد على ثقافته الواسعة كما على ابداعه ووفائه للقضايا الاساسية في حياة لبنان والعرب. ولقد تفاعلت وتداخلت تلك القضايا السامية مع روحه الصادقة ونظرته الثاقبة ونزعته النقدية وإتحدت بها عميقاً لتتحول الى كلمات مضيئة والحان جميلة ومعلقات على ابواب البيوت والمدارس والجامعات.
فزياد لم يكن أكثر الفنانين اللبنانيين شهرة وإبداعاً فحسب، بل كان، أيضاً، من أكثرهم التصاقاً بالارض وتمسكاً بالحرية، فجاءت اعماله الفنية تحاكي نبض الناس وتخاطب الجمال المسكون في روعة الفطرة وغنى الاندية والتجمعات كما في زوايا القرى والبلدات والأحياء الشعبية.
فضيلته الكبرى تمثلت باعتماده العقل والبحث الى جانب الموهبة والسليقة في عمله المتواصل، ليلاً ونهاراً، تنقيباً عن كنوز فنية تفيض من روحه الغنية المتوثبة، أو كنوز مرئية منثوره في التراث الفني العربي يتفاعل معها ويسافر اليها طارقاً أبواب الأندلس وموشحاتها، زائراً سيد درويش والحانه المفتوحة على انسياب النيل وسحر العيون، عائداً الى رنين العود في تلال الورد والصخر التي شهدت خطرات عاصي وفيروز ومنصور يوم كانت الينابيع تتدفق احلاماً والهاماً وصوراً محفورة على لوحات الزمن.
أيها الراحل العزيز مهما باعد بيننا القدر ستبقى قريباً منا نسمعك ونستعيدك بينما ألحانك الشجية وكلماتك الثرية توافي نبضات القلب وتستقر في ثنايا الروح.