فلسطينيات >داخل فلسطين
غرائب عادات زواج البدو في فلسطين
غرائب عادات زواج البدو في فلسطين ‎الأربعاء 6 01 2016 10:56
غرائب عادات زواج البدو في فلسطين


في قطاع غزة ثقافات وقبائل وعادات تختلف فيما بينها في طقوس الزواج، منذ ذلك اليوم الذي يأتي فيه الشاب للفتاة خاطبًا ودّها إلى أن يُنثر ياسمين الزفاف على فستانها الأبيض؛ ففي عُرف البدو مثلًا تبقى العروس عروسًا إلى أن يرزقها الله بالصبي، ويتخلل الأمر مراسم تحفها عيون الخاطبين وتقع في شِباك عاداتها الخاطبات راغبات غير آبهات.

تقاليد الخطبة


تقدمت النساء لخطبة ابنتها بعد أن أحبها شاب لعامين متتالين حُبًا صامتًا لم يباشرها فيه بكلمة واحدة _وهو المُتعارف عليه في شرائع البدو أبناء جلدتها_، تقول أم سلمان السميري "خانيونس-القرارة-السريج", إن من عاداتهم مجيء النساء لخطبة الفتاة، فإذا أعجبتهن جاء الشاب ليراها، وإن لم تعجبهن ينتهِ الأمر، ولا يمكن للبدو أن يزوجوا ابنتهم إلا لبدوي، أما الشاب نفسه فيمكنه أن يتزوج غير بدوية، ثم تخطو الخطوبة خطوة أخرى تتمثل في قدوم جاهة من أهل الخاطب وأهل المخطوبة ليقدموا المهر المتُعارف عليه لدى القبيلة، والذي لا يتجاوز الألفين ونصف الألف دينار أردني عندهم، وقد يكون أقل من ذلك بكثير إذا كان "العريس" من أقاربها بالدرجة الأولى.

ويطلق البدو على هذا اليوم "يوم عدّ المال" ويُمنع منعًا باتًا أن يتواجد الشاب الخاطب في هذا اليوم، ويقوم كبير القبيلة أو أكبر المتواجدين قدرًا بِعدّ المهر فعلًا، وتذكر أم سلمان أن السلّوية _ومنهم مَنْ يقطنون شرق خانيونس_ يطلبون جاهة كبيرة من أهل العريس يوم "عدّ المال" قد تتجاوز الخمسين فردا.

بينما توضح السيدة أم محمد الطويل أنهم كفلاحين يأتي عندهم الخاطب والخاصة من أهله ليتفقوا على المهر ويطلقوا على هذا اليوم اسم "قرم الفيد" أي "تحديد المهر" قائلةً: "لا يشترط وجود النساء يوم قرم الفيد، وعادةً ما يقضي الأمر مجموعة من الرجال الخواص، وهو مُختلف عن يوم تسليم المهر الذي نُسميه "التقبيضة" ويأتي فيه العريس وأهله رجالًا ونساءً، وترتدي المخطوبة فستانًا مميزًا، ويحمل الهواء أصوات الأغاني من النوافذ للجيران".

وفي يوم كتب الكتاب "الإشهار عند الفلاحين"، و"الإملاك" عند البدو، فترتدي فيه العروس البدوية فستانًا مُلونًا زاهيًا، وتُقيم حفلة للأهل والأحباب في بيت أبيها، ويأتي أهل الشاب ومعهم "الشبكة" يلبسونها للفتاة ويسمونها "التلبيسة"، وهي ما يخطب بها الخاطب ودّ خطيبته بحُلي من الذهب.

عادات وتقاليد


وثمة ما يُسمى لدى البدو "الفقدة"، وتزور فيه نسوة من أهل الخاطب ممثلين بوالدته وأخواته والخاصات من قريباته خلال فترة الخطوبة بيت العروس، وبصحبتهن ملابس ومكياج ومستلزمات كهدايا لها، أما العادة التي لا يقبل البدو أن يتنازلوا عنها إلى هذا اليوم فتشير إليها أم سلمان السميري قائلة: "يُمنع ويُحرم على الفتاة المخطوبة زيارة أهل خطيبها حتى لو كان ابن عمها أو رؤية بيتها وأثاثه وكافة تجهيزاته خلال فترة الخطبة مُطلقا". وتجد الصبايا قبل العجائز في هذا أمرًا مُشينًا لا يجوز أن يحدث نهائيًا، كما لا يتمكن الخطيبان من الخروج معًا غالبًا طالما كانا مخطوبين.

وتذكر أم سلمان أنها تكفلت في زيجة ابنتها بتجهيزها بكافة الحاجيات اللازمة من ملابس ومكياج، وتضيف: "ويتكفل أهل الفتاة البدوية أيضًا بشراء عفش البيت مُمثلًا بـ 6 أو 8 فرشات وأغطية ووسائد فاخرة يذهبون لترتيبها وتوضيبها في بيت العروس قبل فرحها بثلاثة أو أربعة أيام، إلا أنهم كانوا سابقًا لا يذهبون لفرشها إلا يوم الفرح ذاته بعد نهاية مراسم الزفاف".

ويسبق الفرح ثلاث ليالٍ يسميها البدو "الليالي" تُقام في كلٍ من بيت العروس وبيت العريس مع اختلاف طباع كلٍ منها، أما في بيت أهل العروس فتقضي الفتيات الليالي على وقع أوتار الغناء والطبل والزغاريد من بعد صلاة المغرب حتى العشاء، وهي بمثابة حفلات وداع للعروس، أما في بيت العريس فمنهم مَنْ يُقيم ثلاث ليالٍ تُسمي "سامر" يتضمن كل يوم فيها مراسم محددة ومنهم مَنْ يوسعه لسبعة أيام ويحضِرون فيها الجِمال والخُيول والخيالة مع شُبان يغنون على الآلات الموسيقية كالربابة والشَبابة، كما لا يخلو الجو من رقصات الدبكة المُتعارف عليها فلسطينيًا، والدحيَّة.

والدّحيَّة هي عادة يشتهر بها البدو إلى هذا اليوم، ويوضح طقوسها المُدحِّي يوسف أبو منيفي قائلًا لـ"فلسطين": "هي تراث بدوي قديم يحضر فيه اثنان من الشباب أو أكثر، أحدهم "البديّع" وهو صاحب الخبرة، ويرتدون العباءة والعُقدة، و"الدحايا" عبارة عن أهازيج بدوية يُردد فيها المصفقون لفظة "دحي يوي" ترديدًا مستمرًا مع التصفيق الحار ويهزون أجسامهم ورؤوسهم بانتظام، ويتحركون إلى الأمام وإلى الوراء بخطى متناسقة مرتدين لباسهم التقليدي ويبدؤها المُدحون بمدح أهل العريس ووصفهم بالكرم والجُود ثم يواصلون السمر بأقوالٍ منها:

"يا بـيت المفرح مثل السرايا المبنيّة،

يوم إن سمِعت الزَّغارِيد أجري واقدَامي حفِيّة

واحنا جينا سرّايين لا عِلم ولا درِيّة

يا بيت المفرح والراية تـذَعذِع فوقيّة"

ويُمنع تواجد النساء أو ظُهورهن في سهرات الشباب، فيكتفين بالتلصص من النوافذ أحيانًا، مع إقامتهن ليالي خاصة بهن تُماثل الليالي التي تُقام في بيت العروس، أما السلّوية فلا يوجد عندهم دحيَّة ولكن هناك "حنة العروس" وهو ما يسبق الفرح بيوم أو يومين تُهدي فيه أم العريس لبيت العروس الليمون والسكر وزجاجات العصير وحناء لتنقش يديها بنقوشٍ وزخارف متنوعة من الحناء الحمراء والسمراء، وتشتهر بيوم حنة العروس عند الفلاحين أيضًا.

بالعودة إلى السيدة الطويل، فإنها تقول: "الفلاحون يقيمون الحنة في بيت العروس أو في صالة أفراح وتكون موسعة وكبيرة، كما أننا نُعد حنةً للعريس أيضًا فتدخل والدته في آخر السهرة حاملةً الحنّاء على رأسها مزينة بالياسمين، وتكون هذه الحنّاء للعرض فقط، وتُحضر أخرى لتنقش يدي ابنها وأصدقائه وهم يغنون له (مد ايدك حنيها يا عريس مد ايدك حنيها يا لالا، أمك لا تجافيها يا عريس وامك لا تجافيها يا لالا)".

زفاف وصباحية


وفي يوم الفرح تتم الأمور كما هو مُتعارف عليه في "غزة"، ينشغل فيها أهل العريس بأمور الغداء وهو ما أصبحوا يشترونه جاهزًا عدا مَنْ هو مقتدر، فيريق دماء عجل أو ما تمكن من الشاة لِيولم بها لضيوفه ومعازيمه، وبعد تناول طعام الغداء يزف الأصحاب والأحباب العريس ويحملونه على الأكتاف زافين إياه بالتحيات والزهور والحلو، وتتم طقوس الفرح في بيت العريس أو صالة أفراح كما أصبح يُقام حديثا، ويدخل أهل العروس ليلبسوها "النقوط" من الذهب والمال ممثلين بأبيها وإخوانها وأعمامها وأخوالها، وهذه العادة مشتركة عند البدو والسلّوية أيضًا.

أما السائد بدويًا هو يوم "الصباحية" الذي تأتي فيه قريبات العروس منذ الصباح الباكر تُواصل تغيير الفساتين من الجميل للأجمل وتتزين بمختلف الحُلي والعطور، وتقام حفلة من جديد في بيتها تدق فيها الطبول وتشارك فيها صديقات العروس وأهل زوجها والجيران والمعارف فرحتها من بُكرة اليوم إلى وقت الغداء، وتختلف الصباحية عند الفلاحين _التي تُقام عصرًا_ في أنّ أهلها ينقطونها "ذهبًا أو نقودا" في هذا اليوم فيحضر الصباحية النساء ويأتي الرجال لأجل النقوط.

ولا تقف مراسم الزفاف إلى يوم الصباحية عند البدو والسلّوية إنما تستمر حتى يوم "الأسبوع" الذي يُشدد السلويون على إقامته، فيذهب فيه أهل العروس لمنزلها لإقامة حفل مُجددًا، ولكن الاختلاف يظهر في قدومهم محملين بمختلف الهدايا التي تحتاجها العروس في بيتها، متجسدة في كل ما ينقصها من أدوات منزلية لاكتمال بيتها الجديد، ولا يكون الأسبوع إلا لأهل العروس فقط.

وما بين يوم الصباحية ويوم الأسبوع يتجلى يوم "الفراد" بدويًا، وهو ثالث يوم بعد الفرح تأتي فيه العروس مع عريسها وأهله من الإخوة والأخوات والأقارب لبيت أبيها وتقيم والدتها حفلا تعزم فيه من تشاء من قريباتها وأحبتها، ويُقدم فيه أبوها "ذبيحة" على الغداء، فيذبح ما استطاع من الشاة مُباركة منه لابنته على زواجها وإظهارًا لجزيل كرمهم.

أما عند الفلاحين فتذهب عروسهم لبيت أبيها في مساء اليوم الثالث وتُسمى "السهرة المخفية"، كما يُذكر أن السلّوية يتكفلون أسبوعا كاملا من يوم الفرح إلى يوم الأسبوع بغداء ابنتهم وعريسها، وتبقى العروس عروسًا في شرع البدو حتى يرزقها الله بالصبي.

المصدر : فلسطين أون لاين