عام >عام
لبنان بعد كل عاصفة... "عنجد عيب"
لبنان بعد كل عاصفة... "عنجد عيب" ‎الجمعة 26 01 2018 10:01
لبنان بعد كل عاصفة... "عنجد عيب"


لم يعد المشهد ما بعد العاصفة يفاجئ اللبناني، الذي اعتاد على الطوفان والطرقات المقفلة والانهيارات والأضرار التي تكون أقسى من العاصفة، في كل فصل شتاء يطل على لبنان. ككل عام، ورُغم تأخر الشتاء لقرع الأبواب، أتت العواصف الثلجية، والرياح, والأمطار الغزيرة, لتكرر معاناة الشعب, حتّى يصطدم الشتاء بغياب الدولة التي لا تجد حرجاً في اعلان عدم نيتها وضع الحلول الاستباقية, ويضيع اللبناني على من عليه القاء اللوم في ظل تواطئ أكثر من جهة معنية على الإهمال الحاصل.

تبدأ الأزمة من الطرقات، إذ يعلق المواطن لساعات في زحمة السّير عند كل "شتوة", طوفان يضرب الشوارع, يُغرق السيارات بمياه الأمطار, سيول جارفة بكل ما تحمله من نفايات والمواطن يشتكي, ولا حياة لمن تنادي. هنا تنكشف "عورات" بعض الجهات الخدمية، التي ادعت صرف مبالغ هائلة من اجل اصلاح وصيانة البنى التحتية والقنوات والطرقات، حتّى تُظهر الكوارث بعد كل عاصفة تقاعس الدولة, وسوء تخطيطها للبنى التحتية, خصوصا انها تنصدم بمخلفات الأمطار وكأنها ليست على اطلاع "بالبير وغطاه", وان مجاري تصريف المياه ليست قادرة على استيعاب غزارة الأمطار.

الكارثة الأفظع، كانت مشهد النفايات التي أغرقت شواطئ في كسروان وساحل المتن، بعدما لفظت أمواج البحر كل ما جرفته بعد أزمة نفايات عمرها أكثر من 3 سنوات ولا تزال عاجزة الوصول الى حل، فقوة الموج أدت الى مضاعفة كميات النفايات التي استقرت على الشاطئ الكسرواني بسبب الرياح القوية. هزّت هذه الظاهرة البلد بأكمله، واثارت سخط المواطنين الذين حذّروا من خطورتها بيئيا وصحيا، مطالبين بحلول جذرية، حيث بدأت الجهات المختصة بعملية واسعة لتنظيف الشاطئ. ومرّة جديدة يضيع تحديد المسؤوليات، وتوجيه الاتهامات، ويرمي كل طرف اللوم على آخر، ليبقى المتضرر الاول والأخير المواطن.

لم يسلم الصيادون، والمرافئ والأملاك البحرية من ظلال الطقس العاصف، إذ تعطّلت اعمال الابحار والصيد, وابتعدت البواخر والسفن المحمّلة عن المرافئ, فيما عمل الصيادون على تثبيت مراكبهم خوفاً من ان تسحبها الأمواج. لكن كل هذا لم يمنع الأمواج العالية ان تلحق اضرار جسيمة بالمحلات والاستراحات البحرية المجاورة, التي بالكاد استطاع اصحابها انتشال ما تبقى منها. بالإضافة الى الحجارة التي ملأت الأرصفة, والسيارات المركونة بالأماكن المجاورة, فقد غرقت وانقلبت وتضررت العديد من المراكب المتوقفة في المرافئ.

ويبقى المزارع المتضرر في كل المواسم، فإذا لم تتساقط الأمطار، تلحق مزروعاته بالأضرار، واذا امطرت بغزارة، اقتُلعت أشجار، تدمّرت بيوت بلاستيكية، تضررت البساتين والحقول، و"انضرب" الموسم الزراعي. المطلوب تغيير الخريطة الزراعية لتفادي الكوارث على القطاع الزراعي, او على الأقل تغيير نمط البناء لمنع حدوث اضرار في الممتلكات. ويشير مزارعون الى ان "الحديث بعد الكارثة وبعد فوات الأوان لا ينفع, ألا يدري المعنيون حقيقة الوضع؟".

الى جانب ذلك، لافتات إعلانية مخالفة اساساً سقطت على الطرقات وعلى السيارات وتطايرت من شارع الى آخر، حتى الحقت اضرارا مادية واحيانا بشرية، وسقوط الجدران وأجزاء من الأبنية، كما حصل في اللويزة, وزحلة وزقاق بلاط وغيرها من المناطق, ما تسبب بقطع الطرقات والحاق اضرار جسيمة بسيارات مركونة في اماكن الانهيارات. بالإضافة الى انقطاع التيار الكهربائي، عن معظم القرى والبلدات, وفيضانات الأنهر الغير مؤهلة لاستيعاب المياه وتخزينها لوقت لاحق, الأنهر التي لا سدود مياه فيها تمنع الهدر وتجنّب لبنان الأزرق الحاجة الى المياه في الصيف.

ثقل كاهل اللبناني من الشكاوى التي ينقطع صوتها قبل الوصول الى المعنيين "لي دايرين ديني طرشة", ذاقوا ذرعا من الوعود الكاذبة والحلول غير المطبقة, المعني هنا ليست جهة وحيدة, بل اكثر من وزارة ولجنة ومسؤول, يتشاركون في تحمّل المسؤوليات, لوضع حلول استباقية للكارثة التي اصبحت متوقعة ومنتظرة كل عام, ما يجعل صرخة المواطنون تعلو "عنجد عيب حلّن بقى يصيرو دولة محترمة, بتحترم شعبا".

المصدر : "ليبانون ديبايت" - كريستل خليل