لبنانيات >أخبار لبنانية
اتفاق ثلاثي سرّي
اتفاق ثلاثي سرّي ‎السبت 28 07 2018 18:08
اتفاق ثلاثي سرّي


ألقى رئيس الحكومة سعد الحريري قنبلة جرى ضبطها على ساعة وقت محدد ثم انفجرت على الساحة على شكل جرعة لتشيع سحابة ايجابيات ضخت كميات كبيرة من التفاؤل اصابت المعنيين وانسابت في عروقهم دونما علم من قبلهم حول مسار ومغزى تلك السحابة والى أين ستصل او مرسوم لها أن تصل.
حتى الآن لا تزال هذه السحابة سوداء ولم تحتك بالأجواء الايجابية حتى تغدو بيضاء ثم تخرج على شكل دخان ايذاناً بحلول الوقت، ويتبين بالاستناد الى موضع المعنيين الا معطيات ملموسة حتى الآن بدليل التصريحات والمواقف التي تلت، بل إدراك واسع لدى أكثر من مجلس حول ان المعني بأمر التشكيلة سيّر شحنات ايجابية مصطنعة.
وما يعزّز من هذا الموقف سيلان حبر تصريحات متعددة ــ متناقضة بين شخصيات الحزب الواحد او الحلفاء المفترضين او المعنيين المباشرين الذي راحوا يحللون ايجابيات الرئيس المكلف كل على هواه، ما يدل على مدى الارباك الذي وقع به.
وللاستدلال على انتفاء موضع الحلول، يجب التسلل الى الاتفاقات الضمنية المعقودة بين حلفاء العُقد المشتركة في عملية التأليف لفهم العقلية التي يجري التحكم بها، وإدراك ان مسألة تشكيل الحكومة لا تُربط بلعبة احجام فقط بل بتوازنات متحركة بين الداخل والخارج، تفضي للإقرار ان "لا حكومة" كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، حتى يجري ترويض تلك الاسباب.
وفي معلومات "ليبانون ديبايت" أن الاجتماع الثلاثي الذي عقد قبل 3 ايام في منزل المكلف أمر المفاوضات الحكومية عن الحريري وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري وجمعه بوزير الإعلام ملحم رياشي والنائب وائل ابو فاعور المكلفين من مرجعتيهما بنفس الملف، خلص لعقد اتفاق محوره "لا دخول حكومة الا سوياً".
ووفق مصادر معنية، اتفق المكلفون الممثلون لأحزاب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وتيار المستقبل على أن عدم تحقيق مطالب فرع مكون منهم ينسحب على عدم تحقيق مطالب الفروع الأخرى. وبالتالي سيعملون بالتكافل والتضامن على عدم الدخول الى الحكومة الا عند تحقيق كافة المطالب، وانهم سيدعمون اي ضلع مستهدف منهم.
وتعطف المصادر لتأكيد حصول هذا الاتفاق، على ما تُليَ من تصريحات ومواقف على لسان اقطاب معنيين وبالأخص رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي أعلن بالاستناد الى حسبة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ان "حصة القوات 5 وزراء" ليعود في حديث آخر لمجلة المسيرة على تبني حصة "6 وزراء 4 حزبيين و2 للحلفاء".
بالعودة الى الاجواء الايجابية المشاعة تعطي اوساط سياسية مقداراً من الحذر وتتحاشى الانجراف نحو الجزم بحصول انفراج حكومي وشيك، ويبدو في حقيقة الامور ان الرئيس المكلف وضع نفسه ضمن خانة لا يحسد عليها اجبرته على إطلاق رياحها بالارتكاز الى ما ادلى به من موقف قبل ايام حول "مهلة الاسبوع او الاسبوعين للتشكيل".
لا جدل ان الرئيس المكلف ورّط نفسه في مهلة لم يكن يجدر به اطلاقها ابداً، عندما قال إن "الحكومة خلال اسبوع او اسبوعين". وقتذاك، لم تكن تطفو على السطح أي بوادر ايجابية يمكن ان يرتكز اليها في "تسبيك" هذا الكلام.
يتردّد أن الرئيس الحريري سؤل من مقرّبين حوله عن فحو ومضمون ما أعلن عنه فلم يتلقوا اية اجوبة شافية ما دفعهم للفت نظره كي لا يتورّط في مكان يصبح معدوم القدرة على تحقيقها.
على هذا الاساس خرج قبل ايام لينقلب على موقفه الاول بجرعة سياسية نافرة حين صرح من على منبر قصر بعبدا أنني "لست ملزماً بأي مهلة لتقديم مشروع حكومة وبالتالي فإن العملية تخضع لمسارات عملية، وليس لتحكم زمني أو أية مهلة". ومن حيث الزمان والمكان والحالة، نظر الى هذا الكلام على انه مخرج أول يحرره من موقفه الاول. بقي الثاني.
قبل ذلك، كان القصر الجمهوري قد تلقّفَ كلام الحريري بإيجابية وليبقي على هذا المقدار من التفاؤل ربط الرئيس المكلف بسلسلة حديدة، إذ نقل عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن الأسبوع المقبل سيكون في شأن تشكيل الحكومة حاسماً، علماً ان المهلة انقضت. كذلك ترافق مع ما نقله النائب جورج عدوان عن الرئيس نبيه بري "تفضيله ان يقدم الرئيس الحريري تصوراً للتفاهم الذي يراه أنه ينقذ لبنان ويشكل الحكومة".
أمس، ومع اقتراب مهلة اسبوع - اسبوعين من النفاذ، كان يتوجب على الرئيس المكلف الاقدام على حراك يضفي مصداقية على كلامه. ومستنداً على لقاءاته مع رئيس الجمهورية، أطلق العنان لتسريب تشكيلة حكومة مؤلفة من 30 وزيراً أعطت تصوراً اولياً لحل العقد تمثل بإعطاء نفسه 6 وزراء وحزب القوات اللبنانية 4 مقاعد والتيار الوطني الحر 7 ورئاسة الجمهورية 2.
وبصرف النظر عن مدى امكان السير بهذه التشكيلة التي اوجدت عقدةً اضافيةً هي عدم الالتزام بمطالب التيار والرئاسة بالحد الادنى، يشيع أكثر من معني حكومي او مراقب، ان تسريب هذه التشكيلة ينطبع على تبرير المهلة التي أفصح عنها الحريري والتي حاول التنصل منها سابقاً. ومع ادراكه صعوبة مرورها، كأنه من خلف ذلك يريد القول انني أدّيت قسطي للعلى وقدمت ما لدي قربةً الى الله!

 

المصدر : ليبانون ديبايت