عام >عام
قوى الأمن تُحيي الذكرى السادسة لاستشهاد الحسن بحضور الحريري
قوى الأمن تُحيي الذكرى السادسة لاستشهاد الحسن بحضور الحريري ‎السبت 20 10 2018 22:47
قوى الأمن تُحيي الذكرى السادسة لاستشهاد الحسن بحضور الحريري


في الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد اللواء وسام الحسن والمؤهل أول أحمد صهيوني، أقامت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، احتفالاً رمزياً أمس، لتؤكد مرة أخرى أن السنوات والأيام لن تستطيع إسقاط الوسام عن صدر المؤسسة، وأنه باق في القلوب والعقول والعروق والتفكير، لا بل هو الحاضر دوماً بين رفاقه كما في وجدان أصحاب الضمائر الحية وكل اللبنانيين الذين أحبوه كرجل استطاع أن يُحدث في فترة قصيرة قفزة نوعية في عالم الأمن، الرجل الذي لم يعمل يوماً لطائفة، أو لمنطقة، بل عمل دائماً للبنان من موقعه في قيادة "شعبة المعلومات"، فكان الساهر الصامت، على سيادة وأمن الوطن والمواطنين، ليستحق أن يقال عنه إنه «قامة وطنية بامتياز».

الاحتفال الذي أقيم في ثكنة ابراهيم الخوري – المقر العام في الأشرفية، برعاية رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري وحضوره، شارك فيه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ورئيسة «مؤسسة اللواء وسام الحسن» آنّا الحسن وذوو الشهيدين، وقادة الوحدات والضباط.

عثمان

بعد ترحيب من عريف الحفل رئيس شعبة العلاقات العامة العقيد جوزف مسلّم، ألقى اللواء عثمان كلمة قال فيها: «التاسع عَشَر من تشرين الأول لمْ يَعُدْ يوماً عاديّاً في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، حتى أنّه لم يعُدْ ذِكرَى رُوتينية يُحتَفَى بِها لأنَّ المُحتَفَى بذكرى استشهادِه يُثبِتُ في كلِّ عامٍ أنّهُ لمْ يغِبْ عن هذه المؤسسة ولو ساعةً واحدة، فنهجُهُ المعتمد واستكمال ما بدَأهُ في جميعِ تفاصيلِ قوى الأمن الداخلي يجعلهُ حاضراً بينَنا في كل يوم. اعتَقَدَ من اغتالَ وسام الحَسَن أنه باستطاعتِهِ اقتلاعَهُ من بيننا ونسِيَ أنّنا شجرةٌ جِذعُها ثابتٌ وأغصانُها كُلَّما اقتَطَعْتَ مِنها غصناً نَبَتَت مِنهُ أغصَان، لِيَجدَنا كُلُّنا وسام الحسن».

وتوجه الى اللواء الشهيد، بالقول: «سنظَلُّ نُكرِّرُ لك في كل مناسبة أننا باقون دائماً على قدر المسؤولية والأمانة التي أورَثْتَها لِمؤسَّسَتِنا الشّريفة والعريقة، وسنبقى على الطريق التي بدأْتَها، فالمحاسبةُ والرقابةُ الذاتيّة في قوى الأمن الداخلي لن تتوقَّف مهما اعترضَنَا من عثرات، لِنجعلَ منها المؤسسة المثالية لا بل الأمثل في هذا الوطن الاستثنائي. والكلُّ بات يعلم أنه لا مساومةٌ في هذا المجال ولا استثناءات لأن المُساواةَ هي أساسُ العملِ المؤسساتي، والمحاسبةُ لن تكونَ على مستوى المؤسسة وحسب إنما على ربوعِ الوطنِ كافة».

أضاف: «القانونُ أعطى لقوى الأمن الداخلي صلاحياتٍ واسعةً تشملُ كافة الأراضي والمياه والأجواء اللبنانية وكافة الجرائم المُرتكبة على ربوعها ونحنُ لن نتخلّى عن أيٍّ من تلك الصلاحيات، بل سنبقى بالمرصاد لكلِّ من تُسَوّلُ له نفسه خيانةَ هذا الوطن أو التخطيط للعبثِ بأمنهِ، وسنبقى بالمرصاد لكل من يحاول التَمَلُّصَ من جريمةٍ ارتكبها أو حاولَ ارتكابها، وسنعملُ دائماً وبكلّ ما لدينا من قوةٍ وتقنياتٍ على كشفِ هؤلاء وملاحقتهم والقبض عليهم وإحالتهم أمام المراجع القضائية المختصة ومن دون تمييز. وسنبقى جاهزين لمحاربة المفسدين في كل حين وكل من يتجرأ على النيل من مصالح الدولة والمواطنين أو المس بأموالهم».

وأكد أن «ما يجمعُنا اليومَ، يجعلُنا نقفُ أمامَ مسؤولياتِنا تجاهَ هذا الوطن ومحاسبة أنفسنِا عن أدائِنا في العام الذي مضى، لأنّ ما قدّمه الشهيد وسام الحسن من أجل استمرار الدولة وتقوية مؤسساتها عبر مكافحة الجريمة والفساد فيها، هي حياته، ولا يوجد لدى الإنسان أغلى من حياته، لذا ستجدوننا دائماً أمام هذا الاستحقاق السنوي واقفين في وجه الفساد والفاسدين بالتوازي مع تطوير مؤسستنا وعملها وأدائها».

المشنوق

بعد ذلك، ألقى الوزير المشنوق كلمة استهلها بالقول: «هي الذكرى السادسة، وكأنّه الأمس. وكلما زادت مسافة الزمن بيننا، إزداد وسام الحسن حضوراً، عصياً على الوقت، جارحاً للغياب. تلمع صورته بين الفكرة والفكرة. بين مبادرة وأخرى. بيني وبيني، لا يعوِّضُني غيابُهُ الأبديُّ عن حضوره الأبدي هو الآخَر. عزاؤنا وعزاؤك يا أبا حيدر، وعزاء آنّا ومازن ومجد، وكلّ عائلته الصغيرة والكبيرة - على امتداد مساحة الشرف والكرامة والوطنية - أنّ دماءَ العزيز على السيادة والاستقلال والحرية لم ولن تذهب سُدىً، بل ستُزهرُ عدالةً آتية، ولو كانوا في أبراجٍ مُشيّدة.

فمسافةُ أشهرٍ قليلة تفصلُنا عن إعلان المحكمة الدولية حُكْمها النهائي، بالأدلّة والبراهين، ضدّ من نفّذ ومن خطّط ومن اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه، وهي البداية فقط لا غير. هذه عدالةٌ كان لوسام ورفاقهِ في قوى الأمن الداخلي وأساساً في شعبة المعلومات اليدُ الطولى في كشف تدبير أسبابها وتيسير طريقها، وفتح الآفاق أمامَها بالكفاءة والمثابرة والتنظيم والالتزام. وهنا تحيةٌ واجبةٌ للوسام الآخر، وسام عيد، النابغة الذي فتح بابَ الحقيقة لتدخُلَ منها العدالةُ قريباً».

أضاف: «الحمدُ لله، أزورُكُمُ اليومَ، للمرّة الأخيرة بصفتي الرسمية، فخوراً بما أنجَزْتُ، وخجولاً بما قَصَّرْتُ، ومتواضعاً بما حَاوَلْتُ. طوال وجودي في وزارة الداخلية التزمتُ بما عاهدْتُ نفسي عليه حين وُلِّيْتُ هذه المسؤولية: أن أكونَ وزيراً لكلِّ اللبنانيين. وكنتُ أعرف أنّه خيارٌ سيترتّب عليه الكثيرُ من الأثمان عند الحلفاء، والكثيرُ من النُكْران عند الخصوم، وفعلاً ما خاب ظني. دعوني أُصارحْكُمْ هنا: هناك أسباب كثيرة تمنع المسؤولَ أو الوزيرَ من النجاح في ملفّ ما، ربما أخطأْنا، أقولها بأسف، وربما قصّرنا، أقولها بخجل، وربما هي الظروف. ربما لم نمتلك الشجاعة الكافية، بعضُنا أو نحنُ جميعاً. وربما كانت مصلحةُ البلاد العليا أولى من الحقيقة، في لحظةٍ ما، وما أكثرَ هذه اللحظات.عزائي أنني وفي الأيام الأخيرة من حكومة تصريف الأعمال، أفتخر بأنّني ساهمت في المحافظة على المؤسسة التي بناها وسام واستُشْهِدَ من أجلِها، ولا أقولُ بسببها، وربما هذا الأصحُّ، في بلادٍ تَغتالُ الكفاءة وتُحاكمُ الذكاء وتَعتدي على أصحاب النجاح، ونجاحُ وسام كان تهمةً تستحقُّ القتل في حسابِ المجرمين».

وتابع: «فخري أنّني قبل أن أغادر عملت مع اللواء ابراهيم بصبوص قبلاً، ومع اللواء عثمان لاحقاً، لأشهر طويلة طويلة، في وضع استراتيجية لقوى الأمن الداخلي لمدّة خمس سنوات، بحيث أنّنا في اللحظة التي يتوافر فيها بعض المال أو بعض الهبات أو بعض القدرات، تكون الأولويات محدّدة سابقاً، ويجب أن أعترف هنا بأنّ العميد أحمد الحجّار ساهم مع كل الجهات التي عملنا معها في عمل جدي ومثابر وملاحقة، بالتدرّج، مني إلى إللواء عثمان إلى العميد الحجار إلى الإنكليز إلى الفرنسيين، استطعنا العمل على هذه الاستراتيجية التي أتمنّى أن تكون أمانة مع دولة الرئيس ومع أي مسؤول لبناني، لأنّ هذه المؤسسة هي مؤسسة كل لبنان بمسؤوليتها مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية الاخرى عن أمن كلّ لبناني وعن كلّ أم وعن كلّ ولد وكلّ رجل في عمله وفي منزله. لذلك أقول لكم: لا ضمانة في لبنان غير المؤسسات. أنتم الضمانة، ضباطاً وعناصرَ. أنتم المؤسسة التي كان وسام واحداً من أعمدتها. وأنتم المؤسسة التي كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن بعده الرئيس سعد الحريري يحرِصان على إيلائها كلَّ اهتمام. وحين تضعُفُ المؤسساتُ، أو يعتقدُ البعضُ أنّهُ أكبرُ منها ومنَ البلاد، تكونُ الضمانةُ هي دماءُ الشهداء، دماءُ وسام الحسن ووسام عيد والرئيس رفيق الحريري وغيرِهِم في البدايةِ وفي الختام».

وشدد على أن «شهداءنا هم الضمانة أن لا تكونَ التسوياتُ مدخلاً للتراجع وأن لا تكونَ الحكمةُ مرادفاً للجُبن أو التردّد وبالتالي التردّي السياسي. شهداؤنا هم الضمانةُ أنَّ التسوياتِ لا تنجحُ إذا كان عنوانُها الاعتداءَ والانتقاصَ. وهمُ الضمانةُ أنَّ هذا المشروعَ الوطنيَ الكبيرَ، مشروعَ الدولة، مشروع رفيق الحريري، سيتقدمُ وينتصرُ، مهما كانتِ العثرات. نعم، لقد كان رفيق الحريري والوسامان، وكلُّ الذينَ استُشهدوا من أجلِ حريّة لبنان واستقلالِهِ وأمنِهِ همُ الضمانة، لأنّهم قاموا بعمل دائماً يعتمدون على الثقة والكفاءة وروح المؤسسة، وأوّلاً وآخراً الاستعداد للشهادة من أجل الاهداف التي عملوا عليها».

وأوضح أن «لي ذكرياتٌ كثيرة مع الشهيدين، رفيق الحريري ووسام الحسن، حول مائدة قوى الأمن ومستقبلِها وأهميّتِها. وهي اليوم مع اللواء عثمان كما أرادا ومعكم جميعاً أيضاً عمودَ أمانٍ من أعمدة لبنان، وجداراً ضدّ الإرهاب، وحائط دفاعٍ ضدّ الجريمة، وحصناً في مواجهة العدوّ الإسرائيلي وجواسيسِهِ».

وأشار الى «أنّنا دخلْنا التسويةَ حفاظاً على دماء اللبنانيين وسط احتراق العواصم والمدن من حولنا. قدَّمْنا الكثيرَ في سبيلِ الوطن، أغلاها دماءُ شهدائنا. اليوم ها هي الحكومة الثانيةُ في ولاية الرئيس ميشال عون، باتت قابَ قوسين أو أدنى كما يقول، وهي امتحانُ وفاءٍ لهؤلاء الشهداء وأوّلُهُم أنتَ يا وسام. التحدّي أن تكونَ حكومةَ عدلٍ بين اللبنانيين، وحكومةَ مصالحةٍ تحفظُ الكراماتِ، وبوابةً للإنصافِ، ينتظره كل اللبنانيين».

جائزة «مؤسسة الحسن»

وألقى كلمة عائلة الشهيد الحسن، رئيس «لجنة جائزة اللواء الشهيد وسام الحسن» العميد فارس فارس، معلناً اسم الفائز لهذا العام بجائزة المؤسسة لـ «أفضل مركز متميز في أعماله وانجازاته»، وهو: فصيلة تفتيشات المطار التابعة لسرية درك المطار. وتسلم آمر الفصيلة الرائد علي حاموش الجائزة من الرئيس الحريري والوزير المشنوق واللواء عثمان وأنّا الحسن.

ثم انتقل الحضور الى باحة ثكنة المقر العام لأداء مراسم التكريم للواء الشهيد، فقام الحريري والمشنوق وعثمان ورئيس شعبة المعلومات العقيد خالد حمود، بوضع أكاليل من الزهر أمام النصب التذكاري للواء الشهيد، وشهداء قوى الأمن الداخلي ثم عزفت موسيقى قوى الأمن لحن الموتى والنشيد الوطني اللبناني. ورددت القوى المشاركة ثلاث مرات: «شهداؤنا... لن ننساهم».

المصدر : هيام طوق