عام >عام
خدمات تفعّل By default على خطوط المشتركين... والقضية أكبر من ذلك!
خدمات تفعّل By default على خطوط المشتركين... والقضية أكبر من ذلك! ‎الأحد 10 02 2019 10:10
خدمات تفعّل By default على خطوط المشتركين... والقضية أكبر من ذلك!


"حسم من رصيدك 3$ بدل المبلغ المقترض. شكراً لاستخدام "زيد رصيدك". هذه رسالة قصيرة وصلت إلى أحد مستخدمي خطوط "ألفا" المسبقة الدفع بعدما أنهى إعادة تعبئة خطّه، وصودف أن قرأها، هو الذي لا يلج، إلا نادراً، إلى الـ "inbox" رسالة مفاجئة تلقفها باستغراب، فهو لم يشترك بهذه الخدمة من قبل، ولا كان يعرف عنها شيئاً حتى. فما القصة؟!
 إلى خدمة الزبائن في شركة "ألفا" للاتصالات در. يسأل المشترك مستوضحاً، فتجيبه الموّظفة بثقة وسرور:"نعم صحيح، لقد سُحب من رصيدك 3$ وهو المبلغ الذي اقترضته عندما نفذ رصيدك. هذه خدمة الـ Extra credit"".

حسناً، لكن من فعلّها؟ كيف تمّ الاشتراك بها؟!

تتابع الموّظفة:"لقد أرسلنا لك SMS تتضمن كيفية إلغاء هذه الخدمة. هل تريد أن تتعرّف على الطريقة مجدداً؟"

يقاطعها المشترك:"لكنني لم أوافق على الاشتراك بها، ولا وافقت ولا كنت أعلم بأنها مفعلّة أصلاً. كيف حصل ذلك؟!

تردّ الموّظفة:"لقد تمّ تفعيلها By default. يمكنني أن أطلعك على كيفية إلغائها…"

يدور نقاشٌ بين الطرفين. أسئلة كثيرة يطرحها المشترك : كيف يمكن تفعيل خدمات على خطّه من دون موافقته؟ وإلى ماذا تستند الشركة عندما تعتبر أن الرسالة النصية التي ترسلها إلى هاتفه وتتضمن كيفية إلغاء الخدمة هي بمثابة تبليغ له وأنّ عدم إلغائه لها يعتبر ضمناً موافقة على تشغيلها؟! ماذا لو لم يقرأ كلّ تلك الرسائل النصية؟ وبأي حق أصلاً، ترسل الشركة SMS على هاتفه الخاص من دون موافقته سيّما بعد صدور قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي؟!

إجابة أخرى تفوّهت بها الموّظفة كانت كفيلة بتصميم المشترك على متابعة هذه القضية حتى الآخر. تقول:" من حقنا طبعاً إرسال تلك الرسائل، فنحن نملك الخطوط!".
في الواقع، هذه ليست المرّة الأولى التي تتوّسل فيها شركة "ألفا" للإتصالات هذا الأسلوب لتفعيل خدمات على خطوط المشتركين من دون موافقتهم. تقوم بإرسال رسالة نصية إلى المشترك تعلمه فيها عن كيفية إلغاء الخدمة، فإن لم يفعل لسبب أو لآخر أبرزه عدم اطلاعه على الرسائل النصية القصيرة الواردة إلى هاتفه (وهذا من حقه)، فإنها تقوم بتفعيلها تلقائياً. اللافت أنّ بعض هذه الخدمات، إن لم نقل معظمها، ليس مجانياً، وفي بعض الأحيان تكون عملية الإلغاء غير مجانية أيضاً. على سبيل المثال، يتمّ تفعيل خدمة Rannat ( تخصيص نغمة الاتصال وإهداء أغنية..) تلقائياً لبعض المشتركين، وهي تتجدد شهرياً مقابل تكلفة محددة. أما خدمة الـ Extra credit، فصحيحٌ أنها مجانية إلا أن هناك تعرفة إضافية على الاتصال عندما يتمّ استخدام الرصيد المقترض.

موقع "لبنان24" تابع هذا الموضوع على اعتبار أنه، في المرتبة الأولى، يتعارض مع حقوق المستهلك التي يضمنها القانون، ليتبيّن أنّ النقطة الأهم هي عدم التزام شركة "ألفا" بقانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي الذي أصبح نافذاً في 18 كانون الثاني من هذا العام بعد صدوره في الجريدة الرسمية لمدة ثلاثة أشهر.

المخالفة الواضحة

ففي حديث لـ "لبنان24" يشرح الدكتور المتخصص بقانون التكنولوجيا، رئيس مركز المعلوماتية لتكنولوجيا الإتصالات في نقابة المحامين في بيروت ورئيس لجنة الإتصالات في مجتمع الإنترنت في لبنان المحامي شربل قارح أنّ ثمة مخالفة واضحة للمادة 32 من القانون رقم 81 (المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي) والتي تنصّ صراحة على أنه "يجب أن يتضمن كل اعلان دعائي يمكن الولوج إليه على الخط (online) بأية وسيلة من وسائل الاتصال الالكترونية، الاشارة الى انه اعلان دعائي، كما يجب أن يتضمن تعريفاً بالشخص الذي يتم الإعلان لصالحه. ويحظر الترويج والتسويق غير المستدرجين (SPAM) اللذين يستعملان اسم شخص حقيقي وعنوانه، ما لم يكن هذا الشخص قد وافق مسبقاً على هذا النوع من الإعلان".

وورد في المادة أيضاً أنه "تستثنى من هذا المبدأ الحالة التي يكون فيها قد سبق لمرسل الإعلان غير المستدرج الموجه الى عميل أن استحصل على عنوانه بطريقة قانونية خلال عملية سابقة أجراها معه. ويجب أن تتضمن كل رسالة ترويج او رسالة تسويق، تحديد للعنوان الذي يمكن للمرسل اليه ان يرسل عليه طلباً يرمي الى وقف هذا النوع من الرسائل نهائياً دون تكبد اية مصاريف".
ويشرح د. قارح أنّ هذا القانون الصادر حديثاً بات يحظّر إرسال رسائل نصية قصيرة (أو أي وسيلة من وسائل الاتصال الالكتروني) إلى الشخص ما لم يكن هذا الأخير قد وافق مسبقاً على تلقي تلك الرسائل. ويعطي مثالاً على ذلك فيقول إنه بات ممنوعاً على متجر لبيع الملابس (على سبيل المثال لا الحصر) إرسال SMS إلى الزبائن تتضمن ترويجاً أو إعلاناً ما لم يكن قد استحصل على موافقة الزبون بشكل مسبق.
ويوضح د. قارح أنّ رقم هاتف الفرد يعرّف عنه، وهو بالتالي يعتبر من البيانات ذات الطابع الشخصي، تماماً كالبريد الإلكتروني والعنوان...ولا يجوز انتهاكه بأي طريقة من الطرق.
ويلفت د. قارح إلى أن شركة "ألفا" هي شركة مشغلّة ولا تملك إطلاقاً قاعدة البيانات (Database) ولا حتى الخطوط الهاتفية التي تملكها الدولة اللبنانية في نهاية المطاف.
ويقول:"صحيح أن قاعدة بيانات ارقام الهواتف الخليوية هي مملوكة من قبل الدولة مثلها مثل أي سجلات ممسوكة من قبل الادارة، بيد أن البيانات الشخصية المتصلة بكل رقم خليوي والتي تؤدي دورا تعريفيا ملتصقا بشخص الإنسان، هي من حقوق المستخدم الشخصية كما وتشكل جزءا لا يتجزأ من حقوق الانسان، وأن اي مساس بهذه الحقوق او استعمال البيانات ذات الطابع الشخصي لاسيما لاهداف تجارية، إنما تقع حكما ضمن الاحكام القانونية المنصوص عليها في القانون رقم ٨١/٢٠١٨ وان مخالفتها يرتب غرامات تصل الى عشرين مليون عن كل مخالفة".
ويشير د. قارح إلى الباب الخامس في القانون الذي يتحدث عن حماية البيانات ذات الطابع الشخصي، معتبراً أنه يتمّ في هذه القضية انتهاك المادة 85 التي تحظّر استخدام البيانات من دون ترخيص أو تصريح أو ضمانات يحددها القانون بشكل واضح.
التسويق المباشر
غير أنّ لشركة "ألفا" رأياً مختلفاً، فقد أوضحت الإدارة لـ "لبنان24" أنّ "هذه الوسيلة التسويقية، المعتمدة في بلدان كثيرة وفي خدمات مشهورة عالميا، لا تخالف المادة 32 من القانون 81 المتعلق بالتجارة الإلكترونية وتعتبر من أهم وسائل التسويق المباشر المتعارف عليها"، مضيفة:"هذا النوع من العروض لا يقع تحت خانة ال SPAM كما هو مفصَل في متن المادة المذكورة".
ولفتت "ألفا" إلى أنه "عند تفعيل أي خدمة، تقوم الشركة بإعلام المشترك بتوفر هذه الخدمة له مجانا ولفترة زمنية محددة مع تحديد التكلفة العائدة لها في حالة قبول العرض ويتم إعلامه بالقيمة المسحوبة من رصيده شهريا. وفي الوقت نفسه، تعلمه بالطريقة التي تسمح له بالانسحاب من أي خدمة في حالة عدم قبوله للعرض أو عندما يشاء".
من ناحية أخرى، وفي محاولة منها لتبرير تفعيلها الخدمات بمجرد إرسال رسالة نصية قصيرة وعدم إلغاء المشترك الخدمة، اعتبرت "ألفا" أن "تفعيل هذه الخدمات لا يتعارض مع نص المادة 180 من قانون الموجبات والعقود والتي تعنى بالحالات المشابهة لهذه الحالة".
لكنّ د. قارح يرى أن استناد شركة "ألفا" إلى المادة 180 من قانون الموجبات والعقود ليس في محلّه القانوني، "فنحن نتحدث عن خدمة لا عن بضائع وفواتير"!
وتقول المادة المذكورة: "يكون القبول كالإيجاب صريحا أو ضمنيا.
ويعد عدم الجواب قبولاً حينما يكون العرض مختصا بتعامل كان موجودا بين الفريقين.ويعد سكوت مشتري البضائع بعد استلامها قبولا للشروط المعينة في بيان الحساب (الفاتورة).
من جهة أخرى، يلفت د. قارح إلى أن القانون يحتّم أن تتمّ عملية إلغاء أي خدمة أو وقف الرسائل النصية القصيرة حتى لو كان العميل قد وافق مسبقاً على تلقيها، بشكل مجانيّ تماماً وسهل جداً.
ويقول في هذا الصدد:" لقد نوقشت المادة 32 مراراً وتكراراً وتمّ تعديلها 4 مرّات، وقد بذلنا جهوداً جمّة لتكون على ما هي عليه اليوم بحيث يجب الاستحصال على موافقة العميل مسبقاً، بخلاف الطرح الذي كان ينصّ على إبقائها متاحة إلى أن يقرر العميل إيقافها.
ويكشف د. قارح أنه يتمّ تجميع عدد من الـ SMS التي تصل إلى هواتف المواطنين من قبل شركات مختلفة في مخالفة للمادة 32 من القانون (وقد وصلت حتى الساعة إلى خمسين رسالة) وسيتمّ التقدم بشكوى لدى القضاء بغية تطبيق المادة 32 بحذافيرها.
إذاً، نحن في حضرة قانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي أمام مرحلة جديدة مختلفة عن كلّ ما سبق. لم يعد بالإمكان الإفادة من الفوضى وغياب التشريعات لكسب موارد إضافية بشتّى الأساليب. فهل ستعيد"ألفا"، أو سواها من الشركات، النظر في نهجها؟!