بأقلامهم >بأقلامهم
في الذكرى الـ49 لاغتياله: غسان كنفاني... الكلمة المُقاتلة في وجه الكيان
في الذكرى الـ49 لاغتياله: غسان كنفاني... الكلمة المُقاتلة في وجه الكيان ‎الخميس 8 07 2021 12:24 هبة محمد إسماعيل
في الذكرى الـ49 لاغتياله: غسان كنفاني... الكلمة المُقاتلة في وجه الكيان


من أرض البرتقال الحزين، أرض المأساة الفلسطينية، مرآة الواقع والذاكرة.

إلى الشيئ الآخر، العالم الغريب، عالم ليس لنا، عالم أضاعته الصرخة الفلسطينية في مخيمات الشتات والتهجير، وعاشته أم سعد رمز النضال والثورة، فنبع عن صرخاتها، عن الرجال والبنادق، وسقط بين يديها العاشق، ببدايات لا نهاية لها.

وغاب الرجال في الشمس، يبحثون عن طريق العودة، إلى الحق، إلى الأرض، إلى حيفا...

هكذا عرج المُناضل غسان كنفاني بين قصصه ورواياته التي حاكت القضية الفلسطينية من الألف إلى الياء، بتفاصيل تفاصيلها.

كان لكل قصة ولكل كلمة أسلوب جديد مبتكر، ومحطة تقف عندها مشدوهاً عاجزاً عن التعبير لقدرته الرائعة في تجسيد معاناة أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات وفي فلسطين، بكلمات تجعل القارئ ينخرط بالقصة ويشعر أنه جزء من الرواية.

الروائي، الصحفي، والمناضل السياسي غسان كنفاني، الذي تسلح بالكلمة فقط ليكرس حياته من أجل القضية الأسمى، القضية الفلسطينية.

عمل في صحيفة "الحرية" التابعة لحركة "القوميين العرب"، والتي كانت النواة الأساسية لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

وبعد العام 1969، ازداد نشاط كنفاني السياسي، فأصبح عضواً في المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية"، وبات الناطق الرسمي باسمها ورئيس تحرير مجلة "الهدف" التابعة لها.

ساهم غسان كنفاني في وضع الاستراتيجية السياسية والبيان التأسيسي لـ"الجبهة"، وأكد على أهمية العمل الفدائي والكفاح المُسلح.

كنفاني، الرجل الذي أرعب "الموساد"، كان على رأس قائمة استهدافاتهم، فاغتالوه في الثامن من تموز/يوليو عام 1972، وجاء اغتياله بعد انقضاء أقل من شهرين على عملية مطار اللد في 31 أيار/مايو 1972.

وريا الثرى في مثوى شهداء الثورة الفلسطينية في بيروت، الذي يرقد فيه شهداء ناضلوا من أجل أقدس القضايا.

بعبوة ناسفة تزن قرابة 9 كيلوغرامات زرعت تحت مقعد سيارته، فارق غسان كنفاني الحياة هو وابنة أخته لميس التي كانت برفقته، تاركاً ورائه إرثاً عظيماً لا يتلاشى، ساهم في تخليد اسمه حتى يومنا هذا.

بالكلمة، استطاع غسان كنفاني أن يهز كيان الاحتلال، وأن يزرع الخوف بين أجهزتهم، تعددت ابداعاته الأدبية والفكرية والثقافية، من القصة القصيرة، إلى الرواية والمقالة، فالدراسات التحليلية والمسرحية، وجميعها كانت فلسطين محورها ولا شيئ آخر سواها.

لم يمت غسان كنفاني موتاً سريرياً، بل تناثرت أشلائه كما تتناثر أوراق الخريف الصفراء، لينبت بعدها الورق الأخضر مبشراً بالحياة.

غاب عن ساحة النضال، وخفت صوته عن مذياع الثورة، ولكن روحه لا تزال حاضرة داخل كل مناضل شريف يعرف قيمة الكلمة وقوة تأثيرها في مناصرة القضية الفلسطينية.

لا تزال روحه تجول حاملة القضية والكلمة والفكر سلاحاً، ولا تزال الأجيال تتناقل قصصه ورواياته وتقتدي بأقواله.

لم يكن كنفاني إنساناً عادياً، بل كان خارقاً للطبيعة، بصدى كلماته وروحه الثورية، كان مسيرة مليئة بالمغامرات وحافلة بالتميز.

واعياً مبدعاً في تجسيده لمأساة الشعب الفلسطيني وارتباطه الوثيق بأرضه المُغتصبة وأحقيته هو وسائر المهجرين فيها، أرض فلسطين المُقدسة.

غسان كنفاني، في حياته وفي مماته كان شاهداّ وشهيداً، على أن "الكلمة الرصاص" و"الكلمة المُقاتلة" أمضى على الأعداء من السلاح، وهو ما نقوم به اليوم ونحتاج إلى حشده بقوة، نشر الكلمة والمعلومة الصحيحة، وكافة الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في القدس وغزة والضفة وكافة المناطق الفلسطينية، مهما طال اعدامنا الرقمي ومهما دام تخاذل وتجاهل، صغار الهمة، إلا أننا نحن صامدون ثابتون على عهدنا ووعدنا أمام الله، ننصر القضية الفلسطينية كما ناصرها المُناضل غسان وآلاف المُناضلين الشرفاء.

غسان كنفاني، فخر فلسطين، عاش من أجلها واستشهد في سبيلها، هو الثورة المستمرة، التي ستبقى عصية على الكسر أو التطويع.

 

 

المصدر : جنوبيات