بأقلامهم >بأقلامهم
ليبقــى لبنـــان
ليبقــى لبنـــان ‎الجمعة 9 07 2021 13:50 غازي العريضي
ليبقــى لبنـــان


نحن في الربع الساعة الأخير من نهاية مرحلة ال 75 التي شرحنا مخاطرها سابقاً. في السباق الثواني الأخيرة هي الأصعب. نصل لاهثين " مقطوعي النفس " كما يقال. هذا في السباق نحو القمة. نحو الربح. نحن اليوم في الطريق الى الانهيار. في سباق مع الزمن!! كل المسافة المتبقية متعبة. مرعبة. مقلقة. ونحن في قلب المتاهة. الربح هو بقاء لبنان. والمعركة قاسية. إما أن يتحقق ما أرادوه عند إطلاق حرب الحروب في ال 75 وأبشع، لأن لبنان يواجه خطر الزوال، وإما أن نحكّم العقل فننقذ ما تبقّى لنعيد البناء مستخلصين الدروس والعبر مما جرى ويجري. فهل هذا ممكن؟؟ 

المعركة تستحق التحدي والمعاناة والتضحيات والتنازلات. وهنا الشجاعة لتعزيز المناعة. امتحان الرجال بصدقهم ووطنيتهم ومسؤوليتهم والتزامهم صعب وثقيل في مثل هذه الحالات. فإما أن يكون إقدام واعٍ أو إحجام ناعٍ. إمكانية الخروج من المتاهة ممكنة إذا كان الإقدام على : 

1 - الإسراع في تشكيل الحكومة وتجاوز كل الشروط والشروط المضادة، ومسرحية " الحقوق المستهلكة " " والصلاحيات المنتهكة " وما شابه، وتكون المدخل الى الاتفاق مع المؤسسات الدولية بعد اتخاذ القرارات الإصلاحية التي كان من الواجب الإقدام عليها منذ سنوات دون حاجة الى " البهدلة " " والشرشحة " والتهديد اليومي من الخارج والتفرّج أو الاستسلام أمام زوال البلد. ترسم الحكومة خارطة طريق لمعالجة جذرية نهائية لموضوع الكهرباء ووقف مزاريب الهدر والسرقة والنهب وتجنّب الظلمة الشاملة والظلم العام الواقع على اللبنانيين، يقرّ مشروع ترشيد الدعم بشكل مدروس يؤدي الغرض المطلوب بدلاً من استخدام المزيد من التنفيعات والاستثمار في الانتخابات. والى جانب ذلك يكون حل لأزمات المحروقات واعتماداتها، وللأدوية والمستلزمات الطبية، وحماية الأمن الغذائي والصحي للبنانيين بعيداً من ابتزاز تجار " الأمراض " - لا أقول الأدوية - وتجار المصارف وناهبي أموال المودعين، ومعتمدي سكك التهريب. 

2 - هذا في الآني يخدّر الألم. يعطي نفساً للناس على أبواب التحضير لفصل الشتاء بدءاً من " المونة " الى توفير مستلزمات التدفئة وصولاً الى هموم المدارس والجامعات وأقساطها ومشاكلها مع الأساتذة وبدلات النقل. 

3 - ستكون رقابة طبعاً من المؤسسات الدولية على سلامة وأمانة التنفيذ.

4 - مع هذا التخدير، وبدء مسيرة استعادة التعافي يكون التحضير للانتخابات. قد يكون تغيير أم لا. تغيير مؤثر أم لا. في النهاية سيحتكم الجميع الى نتائجها والمعركة لن تكون سهلة ومحركاتها دولية وأدواتها محلية كما يظهر من المؤشرات والاستعدادات والتحضيرات المالية والإعلامية والتنظيمية والرعايات المكشوفة والمعروفة. في نهاية الأمر انتخابات ونتائج ثم حكومة جديدة، نبدأ بتكليف شخصية لتشكيلها. إذا سلكنا الدرب الذي نشير إليه ينبغي ألا تتكرّر التجربة التي نعيشها اليوم لاسيما إذا كان ثمة التزامات لبنانية تجاه مؤسسات دولية ودول كبرى وإقليمية لها دورها وتأثيرها في هذا المسار. 

5 - بعد الانتخابات النيابية والحكومة انتخابات رئاسية. ولا بد من احترام الاستحقاقات الدستورية كلها وإتمامها في مواعيدها. 

6 - في هذا الدرب يكون العمل حثيثاً للملمة المؤسسات وإعادة تفعيل عملها وفق آليات جديدة مختلفة عما سبق وأدت الى ما نحن عليه. وفي طليعتها القضاء ومؤسسات الرقابة والمحاسبة الإدارية. 

7 - إذا كان التزام في هذا الاتجاه تكون اتفاقات وسياسات وقرارات وسلوكيات في معالجة الكثير من الأمور لاسيما مسألة الحدود البحرية والوصول الى تفاهمات للبدء في استثمار الثروات مما يساهم في مساعدة البلد على النهوض من جديد والوفاء بالتزاماته.

8 - هذه الروحية يجب أن تترجم منطقياً بتحكيم لغة الحوار الصادق الشجاع بين اللبنانيين لإنقاذ بلدهم. والحوار هو منتج الأفكار والمشاريع والرؤى. ويمكننا استنباط الصيغ وانطلاقاً من الدستور لتطويره بما ينسجم مع المتغيرات والمعادلات والحقائق التي تفرض نفسها علينا، فيبقى بلدنا موحداً قادراً على النهوض والتطور وإلا حلّت الكارثة في الربع الساعة الأخير وتحقق فيــه هــدف حرب الحروب في ال 75 وزال لبنان!! وسنشهد خلال هذا الوقت أشد مرارات الظلم والقهر والفــوضى والخوف والضياع. قد يسأل سائل: " وهل أنت متفائل وما كتبته وتكتبه معروف ولو بــدها " تشتي غيّمت "؟؟ جوابي : لست متفائلاً أبداً. أعرف تمام المعرفة هذه المجموعات من المخلوقات الغريبة العجيبة المتسلّطة والتي أوصلتنا الى هنا.

وأعرف كما يعرف لبنانيون كثيرون ماذا تفعل اليوم وما هي أجندتها وجداول أولوياتها و...و....و.... ولكن علينا أن نحفظ عقلنا. أن نحترمه. أن لا نيأس. اليأس يؤدي الى الموت البطيئ والموجع جداً. وهذا ما لا نريده. نقول كلمتنا. نضحّي. نتنازل عن كثير من الأمور ليبقى لبنان وليبقى ثمة أمل لدى اللبنانيين، وأبواب العمل الجماعي بينهم مفتوحة لمستقبل أفضل. ألا يستحق ذلك المعاناة أياً كانت عوارضها؟؟ الشجاعة هنا. هذا ما يفعله وليد جنبلاط ويلومه كثيرون من رموز وأنصار تلك المخلوقات ولا يأبه. لن يرحم التاريح هذه الرموز وقد حلّت وستحلّ عليهم لعنـــات الأرض والحياة والانسانية والأخلاق، وموقعهم في سجلات المجرمين مرتكبي الجرائم المنظّمة في تدمير الدول!!

المصدر : جنوبيات