لبنانيات >أخبار لبنانية
بيروت مدينة العتمة والحفر تحت نظر المحافظ والمجلس البلدي
بيروت مدينة العتمة والحفر تحت نظر المحافظ والمجلس البلدي ‎الأربعاء 23 03 2022 10:41
بيروت مدينة العتمة والحفر تحت نظر المحافظ والمجلس البلدي

جنوبيات

مع تراكم الأزمات وبلوغ الانهيار درجاته القصوى، أصبح التغيير ضرورياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وبما أن تغيير زعماء الدولة اللبنانية مهمة مستحيلة تفوق قدرة البشر، كان لا بد من تغيير يطال البلديات التي لها دوراً كبيراً في تأمين مقومات حياة المواطن، من نظافة ومياه وبنى تحتية ومساحات عامة وغيرها الكثير من الأمور التي باتت مفقودة في حياة المواطن اللبناني، فكان قرار تأجيل الانتخابات البلدية بمثابة رصاصة رحمة أطلقتها الدولة على ما تبقّى من آمال تسكّن نفوس المنكوبين.

بلدية العاصمة التي رفعت الأعلام البيضاء استسلاماً لفشلها في لعب دورها الذي انتخبها البيارتة على أساسه، سترافقهم لمدة تتخطّى الست سنوات، وهي المهلة القانونية التي تفصل بين انتخابات بلدية وأخرى، رغم أن واقع الحال البيروتي يتطلب إجراء انتخابات الأمس قبل اليوم، ولسنا بحاجة لذكر الشوائب العديدة التي تشوب عمل بلدية بيروت بسلطتيها التشريعية والتنفيذية، لكن يكفي التذكير بأن بيروت «ست الدني» كما جاء على لسان ماجدة الرومي، باتت عاصمة العتمة والحفر والمجاري.

بعد صدور قرار تأجيل الانتخابات البلدية، قدّم بعض رؤساء البلديات، عبر رئيس مجلسها البلدي جمال عيتاني عريضة إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أعلنوا عبرها رفضهم لقرار التأجيل، لكنهم يدركون في قرارة أنفسهم، أن هذه العريضة هي لزوم ما لا يلزم. والتأجيل بات واقعاً لا مفر منه، طبعاً هذا التأجيل سيدفع ثمنه اللبنانيون عموماً والبيارتة خصوصاً.

في زمن النكبة أو النكسة التاريخية التي تمرّ بها «سيدة العواصم»، يقتصر عمل مجلس بلدية بيروت، رئيساً وأعضاءً، على مشاهدة مسلسل سقوط بيروت نحو مصاف المدن المنهارة، إضافة إلى موافقة المجلس على قرارات غب طلب محافظ بيروت مروان عبود، ليعود المجلس بعدها بالتذمّر من عبود العاجز فعلاً عن إدارة ما تبقّى من العاصمة، بعد أن طار نصفها في إنفجار كارثي لا يزال البيارتة يعيشون تداعياته حتى لحظة كتابة هذه السطور.

بالمختصر المفيد، بيروت اليوم بلا مجلس بلدي رغم حضوره، وبلا محافظ رغم تواجده في مكتبه يومياً، ملتقياً وفود وسفراء، مستقبلاً هبات ومطالباً بالسلف والاعتمادات. فالمجلس البلدي بات حريصاً على مالية بلدية بيروت بعد انتهاء زمن المناقصات والتعهدات، وهو من رسمها وخيّطها وفصّلها وأقرّها على مدار سنوات، وعلى عينك يا مواطن كانت الاتفاقات بالتراضي تتم رغم أنف المعترضين، وغالباً ما يطرح المواطن البيروتي سؤالاً غاية في الأهمية: لماذا هذا الانهيار الذي يضرب مرافق العاصمة وبنيتها التحتية رغم أن بلدية بيروت صرفت ملايين الدولارات على المشاريع؟

الجواب ببساطة يمكن تلخيصه بأن بلدية بيروت قامت بعدة مشاريع هامة في مختلف المناطق، لكن العبرة هي في متابعة الاهتمام بما تمّ انجازه، على سبيل المثال لا الحصر، إن ملف البنى التحتية وتزفيت الطرقات هو أمر يحتاج لمتابعة دورية، وهذا ما لم تقم به الإدارة الحالية منذ تسلّمها مهامها، تشحيل الأشجار أيضاً، أزمة النفايات، الحدائق العامة، صيانة أعمدة الإنارة وإشارات السير، حرش بيروت، الملعب البلدي، سوق الخضار بالمفرق في أرض جلول، جميعها مشاريع ضخمة لم تُكلّف الإدارة نفسها متابعة شؤون هذه الملفات والاهتمام بها، حتى ظهرت مهترئة لا جدوى منها ولا فائدة. هذا ناهيك عن المشاريع المتعلقة بعمل بلدية بيروت، وأبرزها ملف مكننة العمل في البلدية وطبابة الموظفين وتحسين عمل فوجي الحرس والإطفاء وغيرها الكثير.

ليس سراً أن بيروت لن تشهد مشاريع هامة خلال الفترة المقبلة، فالمعنيون في بلدية العاصمة أقصى طموحاتهم تأمين رواتب الموظفين على حساب كرامة الموظفين أنفسهم، أعان الله بيروت على من يدير شؤونها.

المصدر : اللواء - محمد المدني