لبنانيات >أخبار لبنانية
البيان الختامي لمؤتمر المفتي الميس وأثره الفقهي والتربوي والاجتماعي
البيان الختامي لمؤتمر المفتي الميس وأثره الفقهي والتربوي والاجتماعي ‎الجمعة 26 08 2022 14:18
البيان الختامي لمؤتمر المفتي الميس وأثره الفقهي والتربوي والاجتماعي

جنوبيات

 

عقد المؤتمر العلمي بعنوان: «سماحة العلّامة الشيخ خليل الميس: أثره الفقهي والتربوي والاجتماعي» على مدى نهاري الثلاثاء والأربعاء (25-26 محرم 1444هـ/ 23-24 آب 2022) في مؤسسات أزهر البقاع تحت رعاية وحضور سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، حيث حضر جلسة الافتتاح إلى جانب مفتي الجمهورية دولة الرئيس نجيب ميقاتي ودولة الرئيس فؤاد السنيورة ممثلين بسعادة الدكتور النائب بلال الحشيمي، وممثلون عن مرجعيات دينية وسياسية، كما وحضر نواب ودبلوماسيون وممثلون عنهم، وحشد من العلماء، والمجالس البلدية والاختيارية وكوكبة من المفكرين والفقهاء، وأحزاب وهيئات اجتماعية وفاعليات ومحبّون للمفتي الراحل، كما وحضرت عائلته الكريمة عامة وأسرته الفاضلة خاصة، والقائمون على مؤسسات أزهر البقاع يتقدمهم الدكتور الشيخ علي الغزاوي وإخوانه.

المؤتمر شهد جلسات متنوعة قدّمت فيها بحوث ومقالات كلها عرضت لتجربة المفتي الراحل وجهوده الكبيرة في المجالات الفقهية والاجتماعية والتربوية.
البيان الختامي
هذا وأكد البيان الختامي على أن الكلمات و البحوث ركّزت على الأمور الآتية:
1. لبنانياً؛ التمسّك بالعيش الواحد، وبالمواطنة التي يتساوى أمامها الجميع، والعمل للحفاظ على وثيقة الطائف كالوفاق الوطني، ونص الدستور الذي تولّد منها، فاستمرار لبنان واستقراره لا يكونان بغير الطائف والدستور، وهذا الموقف كان من ثوابت المفتي الشيخ خليل الميس.

2. كان الشيخ خليل الميس متعدد المواهب والكفايات، فهو الفقيه والمربّي والإداري والمفكر والوطني، والرائد في كل عمل قام به، وأبرز أعماله مؤسسات أزهر البقاع لإيمانه أن المأسسة ضرورية، وأن المؤسسات عمرها أطول من عمر الأفراد وكان من أقواله: (بالمؤسسات تُبنى الشعوب والأمم).

3. إن حركة الشيخ الميس كانت قائمة على أربعة أركان هي: العلم الديني، والقيم الأخلاقية، والعمل الخيري العام ، والوطنية التي تتسع للجميع. وقد تكلل نشاطه باقتران العلم والعمل والإخلاص وكان في ذلك مثالاً تقتدي به الأجيال.

4. لطالما أكد سماحة الشيخ خليل الميس على شعار هو (نحن على قلب رجل واحد) ومقصده بذلك توحيد الكلمة والصف والموقف، وأن يتوحد الجميع باتجاه الأهداف السامية، مع نبذ كل أشكال الفرقة والانقسام والتعالي عنها.

5. إن الشيخ خليل الميس المربّي الذي اقتبس طلابه من علمه وسلوكه، قد أثمرت جهوده، فكان من طلابه ومريديه أعلام ومنارات في الفقه والفكر، وفي المناصب والإدارات، وقد التقى بشخصه الفقه وأصوله بالفكر المتنوّر وطنياً وعربياً واجتماعياً.

6. لقد كانت قضية فلسطين، قضية الأمة الكبرى، وفي قلبها القدس. والمقدسات الإسلامية والمسيحية حاضرة في خطب الشيخ الميس ومواقفه، كما أنه كان لا يتأخر عن المشاركة في أي فعالية من أجل فلسطين والمقدسات كما الحال في كل الاستحقاقات الوطنية والعربية ودعمها مادياً ومعنوياً.

7. لقد حوّل المفتي الميس أزهر البقاع إلى صرح علمي يتربى في رحابه الطلاب اللبنانيون والعرب ومن العالم الإسلامي على هوية الوسطية ومنهج الاعتدال، وعلى روح التآخي في الله تعالى، كما حوّل أزهر البقاع مقرّاً للثقافة العربية والإسلامية، ولكل المثقفين والمفكرين والفقهاء، وقد شكّلت دار الفتوى في البقاع مرجعية دينية ووطنية واجتماعية.

8. تميّز المفتي الميس بفقهه الحنفي وكان مرجعاً فيه، لكن ذاك لم يمنعه من الإلحاح على واحد من أصول الفقه المالكي (المصالح المرسلة) حيث رأى أن المستجدات ونوازل العصر توجب دخول المصالح المرسلة من بابها الواسع، كما أنه أخذ من كل فقه وجد فيه الضرورة لاستنباط الأحكام والاجتهاد مع الالتزام بمقاصد الشريعة وأحكامها.

9. ينتمي الشيخ الميس للتيار الإصلاحي الواثق الخُطى الذي يقوم اجتهاده الفقهي والفكري باستخدام العقل على أسس الشريعة ومقاصدها، مع رفض الجمود القاتل، ولا الانبهار بالوافد المسموم، وإنما اعتماد اجتهاد يلتزم مقاصد الشريعة بكلياتها وأحكام الشريعة لينتج فقهاً مضبوطاً رشيداً وفكراً حكيماً، يعالجان الوقائع والحوادث والنوازل ولمواكبة الوقائع التي تظهر كل يوم، ولا بد من استمرار الاجتهاد تحقيقاً لمصالح العباد في الدارين، وكلمته المشهورة «لا يستقيم العقل بدون النص الشرعي كما أنه لا يفهم النص بدون عقل».

10. إن التأصيل والمعاصرة في فقه الشيخ الميس وفكره يتجهان بالدرجة الأولى إلى الإنسان لبناء شخصيته وتنشئته من خلال العملية التعليمية التربوية، فهذا الإنسان المؤهل بالمعارف والخبرات هو من ينجز النهوض الحضاري، وعندها يكون النهوض الحضاري مرتكزاً لتتولى الأمة مهمة الشهود الحضاري التي كلّفها الله تعالى بها.

11. إن الفهم الأصيل لعلاقة الإسلام والعروبة ساعده على أن يكون شخصية جامعة للوطنيين والساسة والقادة وكان ذلك مرتكزاً لأداء الدور الرسالي الذي التزمه الشيخ الميس في كل مساراته، فالعربي مسؤوليته مضاعفة لأنه الأكثر قدرةً على فهمه.

12. كان الشيخ خليل الميس أنموذجاً من أعلام الأمة اهتدى طلابه بمعرفته وأعماله، واقتدوا به في الفكر المتنور والفقه الرشيد، وبذلك تأهلوا للإسهام في صناعة النهوض الحضاري علماً وعملاً.

13. كان الشيخ صاحب مشروع حضاري، وقد مكّنه من ذلك سعة أفقه، ورسوخ معارفه من مصادر الشريعة ومقاصدها فاستحق الوصف بأنه إمام الكلمة ورائد المواقف التي توظّف في خدمة الوطن والأمة مع التزامه بالشورى والثقة بمن حوله.

14. حمل الشيخ خليل الميس مهمة السياسة الشرعية ودورها في إصلاح الحاكم والمواطن وقد خاض من أجل ذلك الحوارات البنّاءة من أجل لبنان والوطن العربي، وبشكل خاص فلسطين وتحريرها لأنها وقف وأمانة.

15. كان المفتي الميس راجح المواقف في فقه الضرورة وفقه الواقع وكيفية مقاربة الحلول من مرجعية الإسلام بما يحقق المصالح المرسلة والسياسة الشرعية الحكيمة التي تلتزم حقوق المحتاجين وخاصة من الشباب.

16. تميّز الشيخ الميس أنه فقيه أصولي أولاً وربانيّ السلوك والوجدان، لذلك قرر بأن التراث الصوفي من كنوز المعرفة، وواجب الأمة أن تعتز به، وإذا كان بعض الدخن قد داخل سلوك بعضهم، وهو من مصادر أجنبية، فالواجب التنقية والتصفية لا الإلغاء.

17. كان منهج الشيخ في العملية التعليمية التربوية تكوين الطالب معرفياً وسلوكياً وروحانياً، ليكون مشروع عالم متوازن الشخصية، وليشكّل القدوة لمن سيكون تحت يده يوم يخرج إلى عالَم العمل.

18. عمل الشيخ الميس لنهضة في البقاع بعد المعاناة والحرمان، لذلك عمل على معالجة الفقر والجهل والمرض، ولهذه الغاية لم يكتفِ برعاية مؤسسات أزهر البقاع، فأسس صندوق الزكاة وعدداً من المراكز الصحية في أكثر من بلدة، كما تعاون بكل انفتاح مع كل مؤسسة عاملة في هذه الميادين، ميادين محاربة الجهل والفقر والمرض.

19. حرص سماحة المفتي على توثيق عرى الصلة بين المقيمين والمغتربين اللبنانيين في شتى البلدان، يضاف إلى ذلك غير اللبنانيين من العرب والمسلمين، وكان سماحته يسعى لهذا الربط من خلال الحضّ على تعلّم العربية والتمسّك بها لأنها وعاء الدين، ومن أجل ذلك أنشأ في دار الفتوى بالبقاع دائرة شؤون المغتربين التي تتولى المهمة، ونقترح تفعيل عمل ونشاط هذه الدائرة خدمة للجميع وتحقيق الأهداف.

20. كان المفتي الميس يمارس دور الأخ والأب، بكل معنى الكلمة مع العلماء رعاية واحتضاناً، هذا مع تطبيق قاعدة تقول: «العلم رحم بين أهله»، ومن أجل ذلك واظب على ملتقى العلماء في درس أسبوعي صبيحة كل نهار جمعة.
وفي الختام الشكر الجزيل لمن شارك في نجاح هذا المؤتمر وفاءً وتقديرا للمفتي الراحل الشيخ خليل الميس رحمه الله تعالى.

المصدر : جنوبيات