بأقلامهم >بأقلامهم
المحاكاة
المحاكاة ‎الثلاثاء 10 10 2023 21:22 د.هبة المل أيوب
المحاكاة

جنوبيات

في مجتمعنا البشري وفي حياتنا اليومية نواجه العديد من المواقف الحياتية التي تتطلب كماً من الخبرة الحياتية، وأحيانا قد يفتقد الإنسان هذه الأريحية في تذليل العقبات والعراقيل لذلك يطرأ على اذهاننا المحاكاة، أي بما معناه تبسيط لبعض المواقف الحياتية أو لعملية ما يكون لكل فرد فيها دورا يتفاعل من خلالها  مع الآخرين في ضوء عناصر موقف محاكي. لكن السؤال الإستفهامي، ما هي المحاكاة؟ هل هي تشغيل آليات او ما يسمى "أجهزة محاكاة"  غالباً ما يكون  مسموح  الخطأ فيها تجنباً لحدوثه في الواقع؟ كيف يمكن محاكاة الواقع بكل ما يشوبه من تجاوزات ومن تطورات تجنب وقوع الأسوأ من خلال التدريب بالمحاكاة؟
في الواقع تتعدد أنواع المحاكاة في حياتنا اليومية، وخاصة بعد ظهور الحواسيب والتكنولوجيات التي تسهّل كثيرا هذه العملية، نظرا لترابط المحاكاة ارتباطاً وثيقاً بعالم الرياضيات الرقمية او الفيزياء والمعلوماتية، لكن وكيف يمكن الإستفادة منها في تذليل العقبات والمشاكل الاجتماعية والحياتية؟
إن المحاكاة هي عملية تقليد لإظهار سلوك نظام معين من  خلال سلوك نظام محاكي، والمثال الذي يتراءى لنا هو التدريب على المناورات العسكرية من خلال التدريب على لعبة الشطرنج، فهذه اللعبة تعتبر لعبة محاكاة، من خلال التدريب على العمليات التي تتخلل الساحة الحربية، أي لعبة تقريبية من الواقع لفهم تكتيكات العدو وخططه التي يمكن التوصل اليها من خلال المحاكاة، وكذلك ايضاً الحواسيب فمنذ ظهورها ازدادت المحاكاة الحاسوبية فعالية واعتمدت في تدريس المفاهيم والمواضيع العلمية المختلفة.
من جهة أخرى نلاحظ المحاكاة في قيادة السيارات وفي الطب وفي التعليم أي ثمة أنواع متعددة من المحاكاة تهدف الى التقريب من الواقع، لتجنب الأخطاء التي قد يقع الإنسان فيها، وهو بهذا العمل يضمن الأمن والأمان في سير كل العمليات التي يخضعها للتجارب، ومن الأمثلة للمحاكاة نذكر تدريب الطيارون حيث يتدربون أجهزة محاكاة وكأنهم يقودون طائرة حقيقية مع فرق بسيط هو انه أثناء المحاكاة مسموح لهم بالخطأ الشيء الوحيد الذي يكون مميتاً اذا حدث في الواقع.  
هنا نفهم مما سبق ان المحاكاة هي تكمن في التدريب من خلال التقريب من الواقع، أي يمكن الإعتبار انها تقليد او تشابه لنموذج متقارب من الحقيقة، في هذا الإطار جاءت المحاكاة الاجتماعية على يد السوسيولوجي غابرييل تارد، حيث تطرق الى المحاكاة الاجتماعية واعتبرها تقليد للسلوك الاجتماعي أي تقليد فرد أو جماعة لأخرى، هنا يقع التساؤل هل المحاكاة الإجتماعية عملية تعليمية ام تقليد مما سبق للتقريب من الواقع ؟ وكيف يمكن لجماعة اجتماعية من القيام  بالمحاكاة الإجتماعية؟  
أخيرا يمكن القول، يشوب الواقع  العديد من المخاطر، لذا أتت المحاكاة كمخلص وكأداة تطويروتدعيم لأسس المهارات وبلورتها على النحو الذي يضمن سير المجتمع نحو التطور والتقدم، فثمة تقليد مفيد "محاكاة إجتماعية" ولما هو صالح الفرد والجماعة معاً، مما يقود بالتالي للإندماج في المجتمع بكل قيمه وعاداته وتقاليده.    

 

المصدر : جنوبيات