بأقلامهم >بأقلامهم
توحدّت غزة، فلنتوحد
توحدّت غزة، فلنتوحد ‎السبت 4 11 2023 14:39 هبه بيضون
توحدّت غزة، فلنتوحد

جنوبيات

على الرغم من المآسي التي شهدناها في هذه الحرب من قتل ودمار وقصف للمستشفيات والبيوت والعمارات ومراكز الدفاع المدني وسيارات الإسعاف والمخابز والحيوانات، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، إلّا أننا شهدنا وحدة ميدانية على الأرض، وتوحد الشعب الفلسطيني في جميع أرجاء العالم في دعم المقاومة الفلسطينية، التي أظهرت شجاعة متناهية في مواجهة العدو الصهيوني، وكادت له الكمائن، واستولت على ما استطاعت من أسلحة ومعدات وغنائم حرب، واستطاعت أن تأسر عدد جيد من الجنود الصهاينة من رتب متعدّدة، الأمر الذي وحّد قلوب الفلسطينيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية، وذكّر من نسي منهم، أنّ عدونا الوحيد هو الصهيوني الذي اغتصب أرضنا، وقتّل شعبنا، وسرق تراثنا، ورمّل نساءنا، ويتّم أطفالنا، وأسر رجالنا.

لقد وحّدت هذه الحرب الراية المرفوعة في جميع الوقفات والاعتصامات والمظاهرات في الوطن وفي خارجه، حيث لا راية ترفع إلّا علم فلسطين الحبيبة، ترجمة لمقولة "فلسطين تجمعنا".
وهناك ظاهرة طبيعية بإنسانيتها، ولكن لو نظرنا إليها بمنظور تحليلي، نجد أنّ هذه الحرب لم تفرق بين من هو حماس ومن هو فتح أو أيّ تنظيم آخر، فقد استهدفت الفلسطيني لفلسطينيته بغض النظر عن انتمائه، والفاجعة أزالت جميع الأحقاد والضغائن، فها هو من ينتمي الى حماس ينقذ أخيه الفتحاوي وبالعكس، دون تمييز ودون اكتراث، فالكارثة أكبر من أن نقف عند هكذا أمور.
على أرض غزة، تجد الجميع فلسطيني ينتمي للعلم الفلسطيني، حيث لا وقت للتفكير إلّا بشيء واحد، وهو تقديم يد العون والمساعدة والإنقاذ لمن يحتاجه.
وهنا أقول إنه لا بد من أن نستثمر هذه الجزئيات، لنترجم ما هو في الميدان في غزة، إلى واقع سياسي، آن الآوان لأن ننفذ خطوات الوحدة الوطنية، لا أن نبحث بها وبشروطها، حيث استنفذنا تلك الخطوة مراراً وتكراراً...آن الآوان لأن يدرك الجميع بأنّ البوصلة واحدة وهي تحرير فلسطين وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس، آن الأوان أن يدرك الجميع أنّ العدو الوحيد لكل فصيل ولكل فلسطيني، كما هو لكل عربي، هو إسرائيل بمشروعها الصهيوني الطموح الذي لا حدود له، آن الأوان أن يدرك الجميع أنّ إسرائيل تنظر إلى كل فلسطيني على أنه هدف مشروع لها، وأنها تنظر إلى جميع الفلسطينيين نظرة دونية وكما أسمتهم "حيوانات"، آن الأوان لأن ندرك أنّ علينا توحيد المشروع الوطني ليتناسب مع طموحات شعبنا في الحرية والاستقلال، آن الأوان لأن نوقف شماتة العالم بنا كفلسطينيين ومعايرتهم لنا بأننا منقسمون، آن الأوان لأن نوحد الطاقات والجهود تحت قيادة شرعية واحدة، آن الآوان أن نقول لا لأيّ تدخل خارجي يدعم انقسامنا، آن الأوان أن نري العالم أننا مبدعون حتى في مجال السياسة والوحدة الوطنية.
لنتجاوز الماضي بأخطائه وآلامه، ولنصفي النوايا، ولنعتبر أنّ ضريبة إنهاء الانقسام على الأرض كانت كبيرة جداً، وكان ثمنها دماء الشهداء التي سالت على أرض غزة والضفة الغربية، وآهات الجرحى وآلامهم، والمعاناة النفسية لمن بقي على قيد الحياة.
لنضع على رأس أولويات أجندتنا تحقيق الوحدة الوطنية حال انتهاء الحرب، تطبيقها بكل ما تعنيه الكلمة، ولنتفق على أننا نريد أن نتفق وأن نتوحد رغم العراقيل والصعوبات.... لنبدأ مرحلة جديدة بعد انتهاء الحرب، وقبل حتى التعافي من تداعياتها.

المصدر : جنوبيات