أرست التطورات الميدانية في الجنوب واقعاً يكاد يكون الإطار للمواجهات في المرحلة المقبلة، وذلك ليس فقط على الساحة الجنوبية بل على مستوى ساحات المواجهة والمساندة في المنطقة، وقد برز هذا الواقع عبر مسار العمليات في الأيام الماضية وتحديداً منذ يوم الأحد الماضي، وذلك بالتزامن على جبهات لبنان وسوريا والعراق واليمن وصولاً إلى رسم ملامح الميدان في الإطلالة الأخيرة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله.

وتلاحظ أوساط سياسية عليمة، أن الميدان الذي أعلن الأمين العام للحزب عن أنه يحمل الكلمة الفصل بمعنى أنه يختصر المشهد، هو ميدان إقليمي، يتجاوز الجبهة اللبنانية وذلك في سياق الإسناد والمشاغلة للعدو الإسرائيلي. وعلى امتداد هذه الجبهة التي تبدأ من غزة مروراً بالعراق وسوريا واليمن وطهران، كما توضح الأوساط ل"ليبانون ديبايت"، تُسري معادلة عسكرية واحدة بوجه الولايات المتحدة الأميركية أولاً وإسرائيل ثانياً. وبذلك يكون الحزب في لبنان، هو الذي يحدد طبيعة المواجهة وضمناً المقايضة، وفق معادلة استهداف المصالح الأميركية من أجل الضغط على إسرائيل وبالتالي التوصل إلى فرض وقف نار فوري في غزة.

في هذا السياق، فإن مفتاح الهدنة هو في واشنطن والسبيل إليه يكون عبر القواعد الأميركية في المنطقة، والتي تحولت إلى هدفٍ ثابت للجبهات الإقليمية التي تكتفي بتوجيه الرسائل الصاروخية فيما يتدرج الميدان على جبهة جنوب لبنان نحو التصعيد، حيث أن الأوساط ترى أنه لا يمكن فصل تكثيف الهجمات، عن المعادلة الإقليمية، بعدما اكتسب التصعيد العنيف جنوباً، والذي لم يوفر الصحافيين في يارون، أبعاداً عسكرية، تؤشّر إلى تركيز الحزب لهذه الجبهة من أجل إشغال الجيش الإسرائيلي وتركيز الهجمات الصاروخية من الجبهات الأخرى على استهداف الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.

وممّا تقدم، فإن الخطاب الأخير للسيد نصرالله، والذي وزع المهام على الجبهات، بحسب الأوساط، لم يضع جبهة الجنوب في دائرة توجيه الرسائل، بل ترك الحسم فيها للميدان، حيث أن احتمالات توسع دائرة الاعتداءات الإسرائيلية باتت توازي احتمالات بقائها تحت سقف الإشتباك المتعارف عليه، وليس قصف مواقع خارج منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية، إلاّ تحذيراً إسرائيلياً بأن نار غزة قد تصيب لبنان في أي توقيت غير محسوب، وهو ما تحدث عنه بالأمس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من رد فعل إسرائيل، الذي قد يؤدي إلى تدمير لبنان بالكامل.