عام >عام
تفاصيل جريمة قتل ضابط الأمن الإسرائيلي أردنيين في عمان
الثلاثاء 1 08 2017 09:30هيثم زعيتر
شكل حادث قتل ضابط الأمن في سفارة الإحتلال الإسرائيلي في العاصمة الأردنية، عمان، للمواطنين الأردنيين الدكتور بشارة الحمارنة والفتى محمّد زكريا محمّد الجواودة (17 عاماً) الأحد الماضي (23 تموز الماضي)، أزمة بين المملكة الأردنية والكيان الإسرائيلي.
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، رفض عودة السفيرة الإسرائيلية إلى عمان قبل التحقيق بالحادث، فيما يرفض الإحتلال الإسرائيلي التحقيق مع القاتل "زيف مويال" بذريعة الحصانة التي توفرها "اتفاقية فيينا" لحراس السفارات، علماً بأن الجريمة لم تحصل داخل حرم السفارة، بل في مبنى مجاور.
ومن أجل كشف الملابسات تروي "اللـواء" حقيقة ما جرى.
خلافاً لما جرى تداوله من قبل البعض، بأن الحادث وقع داخل السفارة، ومن ثم أنه وقع بين الملحق الأمني في السفارة أثناء خدمته، فإن حقيقة الأمر هو أن مساعد مدير أمن السفارة الإسرائيلية في عمان إستأجر شقة في مبنى مجاور لمقر السفارة في الرابية، ويملكه الدكتور بشارة الحمارنة (58 عاماً)، وهو طبيب مشهور متخصص بالعظام، وأنه وقع خلاف بين المالك والمستأجر الإسرائيلي، الذي إشتكى من قيمة الايجار، وطلب تغيير بعض قطع الأثاث وصيانة أخرى.
وبالفعل قام الدكتور الحمارنة بزيارة معرض مفروشات في منطقة المصدار - شرق عمان يملكه زكريا الجواودة، الذي طلب من نجله محمّد الذي كان في اجازته الدراسية، ويستعد لدخول الثانوية العامة، ويقوم بمساعدة والده، طلب التوجه إلى الشقة وبرفقته سائق الشاحنة ماهر فارس محمد إبراهيم، دون أن يعلم بأن الشقة مستأجرة من قبل إسرائيليين.
وقام صاحب المبنى بتأمين ما يتعلق بالإجراءات الأمنية، لوقوعها بالقرب من مبنى السفارة الإسرائيلية، وزود صاحب محل المفروشات برقم حارس العمارة، وهو من التابعية المصرية للتنسيق معه لدى الوصول إلى المبنى.
وقرابة الثانية من بعد ظهر الأحد، توجه محمّد وبرفقته سائق الشاحنة إبراهيم إلى منطقة الرابية، حيث تجاوزا الإجراءات الأمنية، وكان بانتظارهما حارس العمارة، الذي أوصلهما إلى الشقة المقصودة، وهنا تفاجأ الفتى محمّد بأن من يشغلها إسرائيليون!
وخلال قيام محمّد بتركيب غرفة النوم الجديدة، كان "زيف" يتذمر ويتوجه بكلامه إلى الدكتور الحمارنة، مبدياً عدم إعجابه بالشقة ومحتوياتها وغرفة النوم الجديدة.
المشاجرة التي وقعت بين "زيف" والدكتور الحمارنة، لم ترق للفتى محمّد، الذي كان يغلي من داخله، وهو يشاهد الإجراءات التعسفية للإحتلال الإسرائيلي بمنع المصلين من دخول المسجد الأقصى المبارك، ويشاهد ويسمع عن استشهاد الشبان الفلسطينيين، وغالبيتهم يحملون اسم محمّد، فتوجه مخاطباً "زيف" بالقول: "ليش إنتو شو عاجبكو، ما بيعجبكو شي".
هنا شهر "زيف" سلاحه وأطلق رصاصة باتجاه كتف الفتى محمّد، الذي لم يجد بين يديه إلا مفك براغي كان يستخدمه لتركيب غرفة النوم الجديدة، وتوجه بإتجاه "زيف" الذي عاجله بطلقة في بطنه ما أدى إلى استشهاده على الفور، هنا تدخل الدكتور الحمارنة محاولاً إنقاذ الفتى، فعاجله "زيف" بإطلاق النار عليه، بهدف مسح دليل جريمته، ونقل إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة.
كما أصيب مساعد مدير أمن السفارة الإسرائيلية في بطنه، دون أن يتم إيضاح كيف وقعت الإصابة!
وبعد تأخر الفتى محمّد الجواودة بالعودة، اتصل والده مراراً على رقم هاتفه، دون أن يجيب، قبل أن يتصل بناطور المبنى، الذي أبلغه بأن "جماعتكم إنضربوا بالنار.. إنطخوا".
أصيب الوالد بصدمة من هول الخبر، وعندها توجه إلى المبنى، قبل أن يبلغوه بأن جثة إبنه نقلت إلى المستشفى، فتوجه إلى مستشفيات عدّة بحثاً عنها ومنها "مستشفى المركز العربي"، حيث أبلغوه بمراجعة مركز أمن الشيمساني، الذي حوله على مديرية شرطة عمان، فأبلغ بأن إبنه قد توفي نتيجة إطلاق النار عليه.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد روّجت بأن "أحد رجال أمن السفارة الإسرائيلية في عمان، اشتبه بشخصين كانا يقومان بتركيب أثاث داخل مبنى سكن تابع للسفارة، فأطلق النار عليهما، ما أدى إلى مقتل محمّد زكريا الجواودة وإصابة الدكتور بشارة الحمارنة، الذي ما لبث أن فارق الحياة".
وكان القاتل "زيف"، قد عاد إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة برفقة السفيرة الإسرائيلية في عمان عينات شلاين عبر معبر اللنبي (جسر الملك حسين)، حيث تحدث إليه رئيس وزراء حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، مبادراً بالسؤال: "هل قابلت صديقتك!"، بدلاً من سؤاله عمّا حدث؟!
هذا قبل أن يستقبل نتنياهو ويحتضنه، ويقول له: "إن ما فعلته كان تصرفاً جيداً، وكان علينا إخراجك من هناك"، داعياً إياه إلى "قضاء وقت مع صديقته"، حيث إلتقطت صور لهما في أحد الملاهي الليلية، يحتفلان بشرب نخب جريمته، فيما كانت عائلة الشهيد الجواودة "مكلومة".
وكان القاتل "زيف" يخدم في "لواء جفعاتي" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وشارك في عدوان "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة 2014، وتدرب كيف يقتل الفلسطينيين بإطلاق النار عليهم بهدف القتل، ولاحقاً التفكير بالبدائل.
وما تدرب عليه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، نفذه في الأردن، لأن بالنسبة له، لا فرق بين كل العرب، وأينما كانوا، وبدلاً من محاكمته، إعتبره نتنياهو وكُثر في الكيان الإسرائيلي بطلاً.
هكذا يُبرّر الإحتلال سلوك إرهابييه بقتل الفلسطينيين والعرب، فيما ينتقم ممن يقتل يهودياً.
بعد الجريمة، والكشف عن هوية "زيف"، أخلت عائلته منذ أيام عدّة، المنزل الذي كانت تشغله، وتوارت عن الأنظار، بعد أخذ بعض الأغراض، وإزالة اللافتة التي تحمل اسم العائلة عنه، خشية حالة الغضب من الجريمة النكراء.
وكان لكشف الأردن عن هوية منفذ الجريمة الملحق الأمني في السفارة الإسرائيلية في عمان، ونشر صورته، تأكيد على ضرورة قيام الإحتلال الإسرائيلي بمحاكمة ومعاقبة "زيف".