عام >عام
عندما تُقمع كلمة خاشقجي…إعلموا أنّنا… عن "العرب" نتكلّم …
عندما تُقمع كلمة خاشقجي…إعلموا أنّنا… عن "العرب" نتكلّم … ‎الثلاثاء 9 10 2018 12:36
عندما تُقمع كلمة خاشقجي…إعلموا أنّنا… عن "العرب" نتكلّم …

اليان مارون ضاهر

 

عندما يُخيف قلم دولة تدّعي العظمة…

عندما يُستدرج كاتب الى قنصليّة بحجّة أوراق قانونيّة…

عندما تختفي آثاره وتتضارب الروايات حول مصيره…

عندما يحجبون كلمة عن الناس…

إعلموا أنّنا… عن "العرب" نتكلّم …

عندما تُكَمَّم الأقلام ويُمنع الحبر عن التعبير…

عندما تَبثُّ "كلمة" الذعر في نفوس صغار يدّعون الكبر والفهم والعلم والفقه…

عندما تُنتهك أبسط حقوق الناس ألا وهي حرّيّة التعبير…

عندها إعلموا أنّنا… عن "العرب" نتكلّم …

نعم، إنّها الكلمة… والكلمة هي الأساس، وهي الأقوى والأبقى…

الكلمة تُحيي والكلمة تقتل…

الكلمة تُلطّف والكلمة تجرح…

الكلمة تجمع دولاً وأعداء، والكلمة تَفتعل حروباً ونزاعات…

إنّها الكلمة…

هي نور يُضيء عتمة في دروب الشعوب، ووسيلة تُسقط انظمة، وتهدم سلطات، والمهمّة الصعبة موكلة الى أسياد الكلمة، الى من روّضها حتّى صارت مطواعة بين يديه، حتّى بها يقود بلاده…

ومن غير أتباع الظلمة والظلم والظلام، يخشى النور…

ومن غير مصّاصي الدماء ووحوش "الزومبي" يحبّ العتمة، التي تستر إجرامهم وتُغطّي جرائمهم… ويخشى لحظة انبلاج الفجر التي فيها يحرق نور الشمس جسدهم، ويُعمي عيونهم ويُحوّلهم الى رماد…

نعم.. أسياد الليل أخفوا "جمال خاشقجي" في محاولة منهم لإسكات الحقّ…

خاشقجي الذي سلاحه الوحيد: قلم، وذخيرته : حبرٌ وفكر… كان هدفهم الأخير…

ولكن غاب عنهم…أنّ أسياد القلم لا يخافون بطش السيف وأصوات الرصاص، وإن قدر أهل الإجحاف على كسر الأقلام، وإخفاء الحقيقة، لكنّ لا بدّ أن يقدر أحد أن يعيد جمع الحبر المتطاير ونشر الحروف المبعثرة، مهما طال الزمن.

*من هو جمال خاشقجي*

خاشقجي صحفيّ، بدأ مسيرته في عدّة وسائل إعلام سعودية وصحف حكومية سعودية. ثم عمل مستشاراً لمدير المخابرات السعودية السابق، لكنّه غادر بلاده قبل حوالي عام ، قائلا إنه يخشى على نفسه بسبب موقفه المعارض للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وانتقاده لملاحقة المعارضين في البلاد، كما وأمرته السلطات بالتوقف عن التغريد على صفحته في "تويتر"، ما ظهّر خلافاً بين الطرفين، حيث بات معلوماً أنّ علاقة خاشقجي بالسلطات السعودية باتت متوتّرة.

وكان خاشقجي قد اتّهم السعودية، في آخر مقابلة تلفزيونية له، بمحاربة الإسلام السياسي، وهي أب وأم الإسلامي السياسي، كما أضاف أنّ المملكة قامت على فكرة الإسلام السياسي.

ولم يتوقّف عند هذا الحدّ، بل انتقد أداء السعودية في الملفّ السوري، حيث أشار أنها خسرت معركتها، كما دعاها إلى التحالف مع تركيا لإحداث تغيير لصالحها، والتصدي للنفوذ الإيراني.

خاشقجي الذي يكتب في صحيفة واشنطن بوست، صعّد من انتقاداته لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واتهمه بقمع الشعب السعودي وإثارة فوضى في لبنان ومواصلة حرب وحشية في اليمن.

*كيف بدأت الحادثة*

دخل خاشقجي يوم الثلاثاء الماضي إلى قنصلية السعودية في إسطنبول بهدف استخراج وثيقة. ويدعي الجانب السعودي أنه خرج بعد فترة قصيرة من دخوله القنصلية، لكن خطيبته التركية تقول إنها انتظرته طوال اليوم، أمام القنصلية السعودية ولم يخرج.

ومنذ اختفاء خاشقجي، نفت السلطات السعودية أن يكون لها أي علاقة بالأمر مؤكدة أنه دخل وغادر القنصلية بعد قضاء وقت قصير لطلب أوراق خاصة بزواجه، بينما قالت الرئاسة التركية إن خاشقجي لم يغادر القنصلية السعودية، بحسب ما نقلته "روسيا اليوم".

*تحقيقات وتصريحات*

ذكرت مصادر تركية أن 15 سعودياً بينهم مسؤولون من عناصر الشرطة السعودية وصلوا إسطنبول بطائرتين ودخلوا القنصلية بالتزامن مع تواجد خاشقجي فيها، مضيفة أنهم عادوا لاحقا إلى البلدان التي قدموا منها، بحسب ما أوردته "وكالة الاناضول".

كما صرّح مصدران أمنيان تركيان أن التقديرات الأولية للشرطة التركية حول قضية اختفاء خاشقجي، تقول إنه قتل في عملية مدبرة داخل قنصلية بلاده بإسطنبول.

وأعلنت السلطات التركية أنها فتحت تحقيقاً رسمياً في قضية اختفاء الصحفي السعودي المعارض، جمال خاشقجي، الذي فقد الاتصال به إثر دخوله قنصلية بلاده بإسطنبول الثلاثاء الماضي.

ويشار إلى أن مصدر مسؤول في القنصلية السعودية في إسطنبول كان قد نفى، فجر الأحد، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية الاتهامات الموجّهة للسعودية بإخفاء خاشقجي.

وكانت "رويترز" نقلت عن مسؤولين تركيين، إن "التقييم الأولي للشرطة التركية هو أن خاشقجي قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول. ونعتقد أن القتل متعمد وأن الجثمان نقل إلى خارج القنصلية". ولم يذكر المصدران كيف يعتقدان أن عملية القتل قد تمت. كما نشرت صحيفة "واشنطن بوست الأميركية تقريرا مماثلاً نقلاً عن مصادر تركية لم تكشف عنها أيضا.

وتحدث مسؤولان كبيران في الإدارة الأميركية بشأن خاشقجي، وقالا إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تقول أي شيء علناً في الوقت الراهن، لكنّ الحكومة الأميركية تعمل بهدوء في قضية الصحفي المفقود عبر عدة وكالات وعلى مستويات الإدارة العليا.

وأفاد المسؤولان بأن الإدارة ليس لديها معلومات يمكن التحقق منها لتأكيد مزاعم الحكومة التركية، لكن الولايات المتحدة تسعى للحصول على إجابات حول مكان خاشقجي،المقيم الدائم في الولايات المتحدة، والتحدث إلى المستويات العليا من الحكومة السعودية، بحسب ما ذكرت "سي أن أن".

بدوره، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن حكومة بلاده تنتظر نتائج التحقيق بقضية اختفاء جمال خاشقجي، مشيراً إلى أنه مازال يحسن "النية" بشأن الأسباب التي أدت لاختفاء الصحفي السعودي، وفقا لوكالة الأناضول التركية.

وقال أردوغان، الأحد، إنه ينتظر نتائج التحقيق بالقضية، ووعد بنشر النتائج أمام العالم مهما كانت، بينما قالت خطيبة خاشقجي بعد نشر تقريري "رويترز" و"واشنطن بوست" إنها تعتقد أن خاشقجي ما زال على قيد الحياة. وأضافت: "جمال لم يُقتل ولا أعتقد أنه قُتل".

وكانت القنصلية السعودية في إسطنبول فتحت أبوابها، السبت، أمام صحفيين من "رويترز"، حيث تجولوا داخل القنصلية وقاموا بتصوير جولتهم. وقال القنصل السعودي لـ"رويترز" إن بلاده تساعد في البحث عن خاشقجي ونفى اختطافه.

*من المسؤول*

هذا السؤال الأهمّ ، من يتحمّل مسؤوليّة هذا الإختفاء، الذي قد لا يقف عند حدّ الاختفاء؟ قيل أنّه قد يكون سيناريو قطري وإيراني محبوك، قيل أيضاً أنّ أصابع الاتهام تتّجه لتركيا، كما وقيل أن السعودية وراء العملية، ناهيك عمن تحدث عن تمثيلية ستتكشف خيوطها عاجلاً أم آجلاً.

المؤسف أنّه ولو تبيّن أن لاعلاقة للسعوديّة بالموضوع، إلّا أنّ المسؤوليّة تتحمّلها هي كونها دفعت بأحد رجال الفكر في بلادها الى الرحيل بعيداً في المجهول حيث تعرّض لما تعرّض له.

المصدر : الديار