عربيات ودوليات >أخبار دولية
بسبب "الحزب" ... هكذا يدفن الاحتلال قتلاه عند الحدود الشمالية!
بسبب "الحزب" ... هكذا يدفن الاحتلال قتلاه عند الحدود الشمالية! ‎الأربعاء 17 01 2024 23:13
بسبب "الحزب" ... هكذا يدفن الاحتلال قتلاه عند الحدود الشمالية!

جنوبيات

عاد التوتر الأمني المتصاعد على جبهة لبنان بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله إلى واجهة السجال في تل أبيب، حيث وُجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الإسرائيلية حمّلتها مسؤولية الإخفاق في استعادة الأمن والأمان، وذلك في ظل استمرار نزوح عشرات آلاف الإسرائيليين من البلدات الحدودية بالجليل الأعلى.

وفي محاولة من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للتخفيف من حدة الانتقادات والاتهامات بالفشل العسكري على الجبهة الشمالية قبالة حزب الله، أنهى الجيش الإسرائيلي مناورة تحاكي شن هجوم واسع على لبنان.

وبموجب المناورة التي استمرت عدة أيام، أجرى جنود الاحتياط من "الكتيبة 5030" في "اللواء 228"، بحضور المراسلين العسكريين من مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية، تمريناً يحاكي هجوماً في لبنان.
 
ويرى المراسلون أن المناورة تحمل في طياتها رسالة مزدوجة للجمهور الإسرائيلي، وكذلك إلى "حزب الله".

وقال قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي اللواء أوري غوردين للجنود أثناء توجيه رسالة إلى حزب الله ان "التمرين جزء من أهمية زيادة جهوزيتنا واستعدادنا لتوسيع القتال والهجوم على لبنان.. نحن أكثر استعداداً لهذا مما كنا عليه في أي وقت مضى، وعلى استعداد للهجوم إذا اضطررنا لذلك".

وأشار غوردين إلى أنه "في السابع من تشرين الأول، خضنا الحرب دفاعاً عن البيت والوطن.. لقد تجند مئات الآلاف من شعب إسرائيل للقيام بهذه المهمة الدفاعية، وحتى الآن، يتم نشر عشرات الآلاف من الجنود للدفاع عن الحدود الشمالية لبلادنا"، حسب ما نقلت عنه صحيفة "يسرائيل هيوم".

وفي رسالة وجهها إلى الإسرائيليين، خاصة سكان البلدات الشمالية الذين ينتقدون أداء الجيش ويتهمون الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو بالفشل، قال غوردين إنه "لا يزال هناك كثير مما يجب التعامل معه، من أجل النجاح في تحقيق النتيجة المرجوة المتمثلة في إبعاد حزب الله عن الحدود وتحسين الوضع الأمني، حتى نتمكن من إعادة سكان الشمال إلى منازلهم".

تصعيد أمني

لكن على أرض الواقع، وخلافاً للمناورات وتصريحات العسكريين، فعندما ظهرت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي عن إطلاق حزب الله قذائف صاروخية على منزل في مستوطنة "كفار يوفال" الحدودية، كاد هاتف أمنون أفراهام (صاحب مزرعة دجاج)، أن يتعطل من كثرة الاتصالات، وقال: "تلقيت مئات المكالمات الهاتفية والرسائل من العائلة والأصدقاء، الذين كانوا قلقين على سلامتي، وكانوا متأكدين من إصابتي".

وسرد أفراهام، في حديثه لصحيفة يديعوت أحرونوت، الأسباب التي دفعته للبقاء في مزرعته رغم تصاعد التوتر الأمني وخطر الإصابة بالصواريخ التي تطلق من لبنان، قائلاً: "يريدون مني أن أغادر، ولكن إذا غادرت، من أين سأغطي 200 ألف شيكل (55 ألف دولار) تكلفة الدواجن والطعام الذي اشتريته لهم؟".

وفي ظل التصعيد الأمني على الحدود مع لبنان وتبادل القصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، فإن أفراهام يغادر باب منزله مرتين في اليوم فقط، وينظر بقلق إلى القرية اللبنانية المطلة عليه، ويركض إلى مزرعة الدجاج القريبة ليجمع البيض.

حياة الموت

وقال أفراهام: "لقد فرضت إسرائيل عليّ وعلى الجميع هذا الوضع"، وأضاف: "الحكومة ترسلنا لنموت، إذ لم تعِد بأي حلول، كما أنها لم تتعهد بدفع كامل التعويضات عن الخسائر للمزارعين جراء التصعيد الأمني على الحدود الشمالية المتواصل منذ أكثر من 3 أشهر".

وتجلى هذا الواقع الذي سرده أفراهام خلال جنازة ميرا وابنها باراك، اللذين قتلا بقذيفة صاروخية مضادة للدبابات أطلقت من الجنوب اللبناني، وتم دفنهما في جنازة صغيرة في كفار يوفال، وأقيمت مراسم الدفن في مكان بعيد عن الحدود اللبنانية، حتى يتمكن أقاربهما من توديعهما من دون خوف.

في البلدات الإسرائيلية الواقعة على الحدود اللبنانية، تقول مراسلة صحيفة "هآرتس" في الشمال عدي هاشموني: "يشعر السكان بالمناطق الحدودية والجليل الأعلى أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله هو الذي يحدد متى وأين يمكنهم دفن أحبائهم، وعدد المشاركين بالجنازة وموعد الدفن".

جنازة سريالية

مع حلول المساء، انتهت مراسم الدفن بعيداً عن الحدود والتوتر الأمني. من جهته، يقول يورام مخلوف (ضابط الأمن في كفار يوفال) وهو يشعر بالإحباط: "لقد انتظرت العائلة المكلومة إذن الجيش بالذهاب إلى المقبرة لدفن أحبائها تحت جنح الظلام، وسمح فقط لـ10 أشخاص مع سترات واقية وخوذ بالدفن".

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن ضابط الأمن قوله إنه "أمر غير مقبول، وحتى لا يتخيله العقل. لا يمكننا حتى إقامة جنازة بشكل صحيح. من المحزن أن تضطر عائلة إلى دفن الأم والابن في مراسم محدودة يحددها لنا نصرالله".

وكانت هذه الجنازة السريالية، بحسب ضابط الأمن الذي قال: "كأنها تذكير بالواقع الذي لا يمكن تصوره للعائلات المكلومة في المستوطنات الحدودية. ففي أصعب أوقاتهم، يُطلب منهم تجميع قواهم واحتواء المخاطر والاصطفاف، وفقاً للقيود الأمنية التي أبعدتهم بالفعل عن منازلهم منذ أشهر".

تهديد أمني

وهذا الواقع الذي يعيشه عشرات الآلاف من سكان المستوطنات الإسرائيلية الحدودية يدلّ على أن "حزب الله" يريد الإبقاء على القطاع الشمالي منطقة قتال نشطة، وذلك وفق قراءة قدمها المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" طال ليف رام، وذلك رغم أن الجيش الإسرائيلي رفع مستوى العمليات العسكرية ضد حزب الله.

وأوضح المراسل العسكري أن إسرائيل استهدفت من تصعيد القصف والغارات على الجنوب اللبناني الإشارة إلى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، بأنها تأخذ في الاعتبار أيضاً إمكانية حدوث مزيد من التصعيد على الساحة اللبنانية قد يؤدي إلى حرب حقيقية على الساحة الشمالية.

وتحت الضغط الشعبي، وفي ظل تشكيك الجمهور الإسرائيلي في تصريحات المستوى السياسي بأن حزب الله بات مردوعاً، لا يستبعد المراسل العسكري أن يوسع الجيش الإسرائيلي عملياته وغاراته بالعمق اللبناني، لافتاً إلى أن إسرائيل لا تستطيع أن تسمح لنفسها بوضع يعيش فيه سكان الحدود الشمالية والجليل الغربي تحت التهديد الأمني المستمر من لبنان.

ويعتقد أن "حزب الله" يسعى إلى تسجيل إنجازات عسكرية في منطقة مزارع شبعا ضد الجيش الإسرائيلي، وذلك في ظل تعثر الوساطة الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية على الحدود في الشمال.
 
ويتوقع المراسل أن ترد إسرائيل وربما بتصعيد مستوى آخر من الهجمات ضد أهداف حزب الله لمنعه من تحقيق أي إنجازات في مزارع شبعا.

المصدر : الجزيرة