مقالات مختارة >مقالات مختارة
المخترة أم المعارك جنوباً
المخترة أم المعارك جنوباً ‎الجمعة 16 05 2025 08:01
المخترة أم المعارك جنوباً

رمال جوني

 

معركة محتدمة تشهدها الانتخابات الاختيارية جنوباً، سابقة من نوعها، لم يكتب في تاريخ انتخابات الجنوب يوماً أن شهد معركة اختيارية. لطالما تركزت وانحصرت المعارك في الانتخابات البلدية، اليوم تحوّلت المخترة "بزنس"، وباتت تدرّ أموالاً طائلة على المختار، ما دفع بكثير من جيل الشباب وحتى السيّدات للتوجّه نحو "المخترة".

في السابق، كان المختار الضابطة العدلية وكان يعتبر "المفتاح الانتخابي"، به ومنه تبدأ المعركة البلدية، وكان يقوم بمعاملات الناس "بالمجان" وقيمته كانت "أكبر من رئيس بلدية".

اليوم، تغيّرت وتبدّلت الأدوار، لم يعد المختار "سيد القرى" وبات همّ كثيرين من المخاتير "تحقيق أرباح" قد تصل إلى حدود الـ "2000 دولار شهرياً" وهذا ما دفع كثراً للترشح.

لا تدخل المجالس الاختيارية ضمن صفقة تقاسم البلديات بين "حزب اللّه" وحركة "أمل" التي حصلت عام 2004 وما زالت سارية المفعول حتى اليوم، وتركت "المخترة" للعائلات.

فقرى النبطية اليوم تتحضّر لمعارك اختيارية طاحنة، في سيناي التي فازت بلديتها بالتزكية، ومن المتوقع أن تكرّ سبحة التزكيات جنوباً، لتنحصر المعركة البلدية في عدد متوسط من القرى، المعركة الاختيارية قائمة، وسجل ارتفاع أعداد المرشحين في كل بلدة وصل إلى حدود الـ 10 يتنافسون على 4 أو ثلاثة مقاعد اختيارية.

هذا المسار الجديد من المعركة ترك إرباكاً للأحزاب، إذ وجدت أنفسها في مواجهة العائلات، والعائلات في مواجهة بعضها البعض.

ودفعت الأعداد الكبيرة للمرشحين للمنصب والذين بلغ عددهم 380 مرشحاً في كل بلدة تقريباً 10 مرشحين، إلى تحويل الأنظار كلّها من معركة البلديات الحزبية، إلى معركة المخاتير العائلية.

فالمخترة لم تدخل ضمن صفقة تقاسم البلديات، بقيت مستقلة، وهذا شجّع الشباب للترشح في حي البياض في النبطية حيث يتنافس 18 مرشحاً على ثلاثة مقاعد اختيارية. وفي حيّ السراي أيضاً، بلغ عدد المتنافسين 18 مرشحاً لأربعة مقاعد،  والحال نفسه ينسحب على الدوير حيث المعركة الاختيارية "ولعانة" بحسب توصيف أبناء البلدة الذين يقفون حائرين في اختيار مختار الحي.

أما في كفررمان فيتنافس 10 مخاتير للحصول على 4 مقاعد. ويصف المراقبون المعركة بكسر العظم بين مخاتير قدامى وآخرين حديثي العهد.

لم تدخل معركة المخاتير ضمن "بازار" الثنائي "بلدية إلك وبلدية إلي"، أبقى الاثنان على باب المخترة مفتوحاً أمام من يحبّ خوض غمار التجربة، غير أن مراقبين يقولون إن "الثنائي يلعب بالمخترة أيضاً، ويحرك المرشحين كحجر الشطرنج"، ويذهب آخرون إلى القول "إن معركة الاختياري بديل البلدية التي باتت طبختها شبه منجزة نحو التزكية في عدد كبير من القرى، نظراً إلى قلة عدد المرشحين من ناحية وإفلاس البلديات من ناحية أخرى".

أما المخترة، فهي مشتعلة لكونها تحوّلت فرصة عمل لكلّ مختار، لم تعد فقط "برستيج" كالماضي، ومحصورة بكبار السن، بل غدت مربحة بعد الانهيار المالي والرسوم التي يضعها عدد كبير من المخاتير على أي معاملة، وهذا فتح شهية الشباب للدخول إلى عالم المخترة.

بعد أقل من 10 أيام على موعد الاستحقاق البلدي والاختياري في محافظة النبطية والجنوب، تبدو صور المخاتير الأكثر انتشاراً. غالبية الصور لشباب في مقتبل العمر، كل واحد ينظر للمخترة من ناحية، القاسم المشترك "الربحية".

عادة، ما كانت تشتعل قرى الجنوب بالحماوة الانتخابية البلدية، ويخرج الزفت الأسود إلى طرقات القرى ليزيل بعضاً من حفر الفشل الإنمائي للأحزاب، هذه المرة المشهد مختلف كلياً، السباق ينحصر بالمخاتير الذين يتحرّكون بشكل منفرد، قلّة انضوت في لوائح "الثنائي" والبقية تبذل جهوداً جبارة لإقناع المواطن لانتزاع صوته.

هذا المشهد قسّم العائلات، حوّلها إلى عائلات متنازعة، حتى أنه في بعض القرى يوجد مرشحون أخوة ضد بعضهم، وهو ما تقول عنه مصادر مواكبة "الفشل الحزبي في إدارة البلدات. إذ فشلت في إقناع الناس بالترشح للبلديات وفشلت في الحدّ من معركة مخاتير قد تعود بمفاعيل سيئة على القرى".

في السابق، كان المختار "رجل البلدة الأول" والمفتاح الانتخابي الذي تدخل عبره الأحزاب والعائلات إلى البلدية، غيّرت الأحوال واقع المخترة، ودفعته الظروف المعيشية وانهيار العملة ليصبح "بزنس"، وسمحت الدولة بذلك فهو لا يتقاضى راتباً، يعتمد على نشاطه ومجهوده الشخصي في إنجاز المعاملات، بحسب مصادر متابعة "ينتج المختار بين 1500 و2000 دولار شهرياً حسب ما ينجز من معاملات، وهي تحوّلت وظيفة له، بعد أن كانت "وجاهة".

المصدر : نداء الوطن