عام >عام
النفايات إلى الشارع مجدداً والكوستا برافا لن يقفل!
النفايات إلى الشارع مجدداً والكوستا برافا لن يقفل! ‎الأحد 26 02 2017 10:57
النفايات إلى الشارع مجدداً والكوستا برافا لن يقفل!


كلّ المؤشرات توحي بأنّ أكوام النفايات التي اجتاحت شوارع لبنان بعد إقفال مطمر الناعمة، ستعود لتغزو هذه الشوارع من جديد. فنحن على مسافة حوالي ثلاثة أشهر من تنفيذ القرار القضائي القاضي بإقفال مطمر الكوستا برافا بشكلٍ نهائي، والمعنيون في الحكومة لن يتحسّسوا بعد أنّ الوضع بحاجة إلى اعلان حالة طوارىء بيئية، يتفرغوا من خلالها لإيجاد بديل عن المطمر.

وفي هذا السياق كشفت مصادر مطّلعة أنّ القوى الفاعلة والبلديات في الضاحية الجنوبية لبيروت أبلغت من يعنيهم الأمر أنّها لن تلتزم بالحكم القضائي المتعلق بإقفال مطمر الكوستا برافا، وأنّها لن تقبل بأن تتكدّس النفايات في منطقة الضاحية ساعةً واحدةً، طالما أنّ المعنيين في الحكومة لم يعثروا على البديل، فشارع الضاحية المكتظ لا يحتمل أزمة نفايات لعدة اعتبارات منها الأمني. "ولا نفضح سراً عندما نقول إنّ النفايات تكدّست بالأطنان في شوارع بيروت ومعظم المناطق عند إقفال مطمر الناعمة، باستثناء الضاحية الجنوبية لبيروت، بحيث لم تشهد هذه المنطقة أزمةً مماثلةً، وكانت النفايات تُنقل يومياً من هناك وتُكب خلف حائط المطار، ولا تزال هذه الأطنان مكدّسة منذ ذاك الحين من دون أيّ معالجة، وكانت المسبب الرئيسي لجذب طيور النورس"، بحسب ما أكّد مصدر بيئي يواكب أزمة النفايات ويعمل على تقديم الإقتراحات والمعالجات. "أمّا النفايات التي توضع في مطمر الكوستا برافا فهي موضّبة ولا تجذب الطيور".

تضيف المصادر أنّنا مقبلون على أزمة نفايات كبيرة، فبعد انقضاء مهلة الأشهر القليلة التي منحها القضاء لمطمر الكوستا برافا، أيّ في الأول من حزيران المقبل، ستعود النفايات إلى شوارع بيروت عند بداية فصل الصيف. فالكوستا برافا يواجه مشكلةً قانونيةً تتطلب إقفاله، مقابل واقعٍ يتطلب استمراره، والكارثة أنّ المسؤولين المعنيين في الحكومة لم يباشروا في البحث عن بديل للمطمر.

في خبايا وكواليس الصمت الوزاري حيال كيفية تعامل الحكومة مع أزمة النفايات، يكمن خلافٌ قديمٌ متجددٌ بين التيار الوطني الحر من جهة وتيار المستقبل من جهة ثانية، مفاده أنّ الأول لا يريد لمجلس الإنماء والإعمار أنّ يحتفظ بدوره، ويتمسّك بانتزاع الشق المالي منه وإلحاقه بوزارة البيئة كونها الوزارة المعنية بملف النفايات، والثاني يعتبر أنّ مجلس الإنماء والإعمار خط أحمر، وأدواره غير قابلة للنقاش لا سيّما بما يتعلّق بالقروض الخارجية والإستدانة وكل ما له صلة بالأموال، ويتسلحون بقدرته على التحرك السريع والسرعة في اتخاذ القرارات وتنفيذها، متفلتاً من الروتين الإداري في عمل الوزارات والمؤسسات. وخلف هذا الصراع الخفي تراوح الأزمة مكانها وتتعطّل الخطط، ويدفع اللبنانيون أثمان صراعاتهم.

سألنا عدداً من الخبراء الذين يواكبون الملف ويشاركون في اجتماعات لجنة البيئة عن الحل الذي ستعتمده وزارة البيئة، وتقدّمه للحكومة في هذه الفترة القليلة الفاصلة عن موعد إقفال المطمر، وكان جوابهم: "المشكلة أنّ بعض المحيطين بالوزير من كوكب آخر، وفي لجنة البيئة انتظرنا الوزير للإستماع إلى رؤيته ولكنّه لم يحضر، وأرسل ممثلاً عنه ولم يقدم تصوّراً، وفي الإطار نفسه هناك لجنة وزارية تبحث في الملف، وتتخبط بآراء مختلفة بين من يريد المركزية ومن يرى أنّ الحل في اللامركزية، إضافة إلى العديد من المقاربات المتناقضة. في المقابل الوقت يداهمنا، ويجب أن يباشروا في الحل اليوم قبل الغد، كي لا نصل إلى موعد إقفال المطمر، ونحن لا زلنا في مرحلة مناقشة الاقتراحات".

خبير بيئي رفض الإفصاح عن اسمه شرح صورة التناقض في القرارات، وأعطى مثالاً حول دراسة قام بها مجلس الانماء والاعمار بشأن قيام محرقة بسعة ألفي طن من النفايات، ثم قررت بلدية بيروت أن تنشأ محرقةً وحدها وبمعزل عن هذه المحرقة، وبالتالي بتكلفة إضافية. وسأل في هذه الحال لأيّ بلديات سوف تُنشأ المحرقة التي أنجز المجلس المذكور دراستها؟ طالما أنّ بلدية بيروت تسير بمحرقة بشكل منفرد". وأضاف "نرى تخبطاً وعشوائيةً في التعامل مع الملف، والسبب عدم وضع خطة استراتيجية شاملة لملف النفايات لكلّ لبنان وفق مبررات علمية وتقنية واضحة".

وتابع المصدر البيئي، الخطة الإستراتيجية بحاجة إلى وقت، وما يمكنهم فعله اليوم، تحسين الخطط الطارئة التي وضعتها الحكومة السابقة، كي لا نصل إلى يوم إقفال الكوستا برافا دون بديل، والإنصراف بعدها إلى وضع خطة استراتيجية شاملة، تتحدد بموجبها أدوار السلطات المركزية واللامركزية. ورأى المصدر أنّ الخلافات السياسية تعطل الحلول ويجب على الوزارة المعنية ان تضع خطة استراتيجية مقنعة، وفق أسس عادلة وشاملة لكل لبنان، لها مبرراتها وتفرضها على الجميع.

الحلول موجودة واقترحها الخبراء وقدّموا دراسات بشأنها، كإنشاء معامل لفرز النفايات وإنتاج الكهرباء، فلماذا لا تعتمدها الحكومة؟ يجيب المصدر"بناء المعامل بحاجة الى سنة وثمانية أشهر، إذا ساروا بهذا الحل، عليهم أن يأخذوا قراراً بشأن أيّ نوع من المعامل ، ثم إيجاد الأرض المناسبة، وإنتاج الكهرباء يتطلب وجود هذه المعامل قرب محطات إنتاج الكهرباء، فهل يقبلون في الجية والزهراني ودير عمار؟ بالطبع لا وستقوم القيامة، بالنهاية إمّا في دولة تفرض الحل على الجميع أمّا سنكون أمام سيناريوهات عشناها منذ فترة".

المصدر : لبنان 24