بأقلامهم >بأقلامهم
"كونوا جميعا ولا تتفرقوا"!



جنوبيات
"يُروى أنَّ المهلَّبَ بن أبي صُفرة لمّا أشرفَ على الوفاة وأحسّ بدنوّ الأجل، استدعى أبناءه السَّبعة على عجل. فلمّا حضروا أمَرَهم بجلب رماحهم مُجتمعة، وطلبَ إليهم أن يكسروها. فلم يقدر أحدٌ منهم على كسرها مجتمعة، فقال لهم:
فرِّقوها، وليتناول كلُّ واحدٍ رمحه فيكسره، فكسروها دونما عناءٍ كبير، وعند ذلك قال لهم:
"اعلموا أنَّ مثَلَكم مَثلُ هذهِ الرِّماح، فما دُمتم مجتمعينَ ومؤتلفينَ يعضدُ بعضُكم بعضًا، لن ينال أحد منكم، وسيحار عدوّكم فيكم، أمّا إذا اختلفتم وتفرّقتم، فإنّهُ يضعفُ أمرُكم، ويتمكَّنُ منكم أعداؤُكم، ويصيبُكم ما أصابَ تلكمُ الرّماح".
ثمّ أردف قائلًا:
"كونوا جميعًا يا بَنِيَّ إذا اعترى خطبٌ، ولا تتفرّقوا آحادًا،
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسُّرًا وإذا افترقن تكسَّرت أفرادًا".
نعم أيّها الأكارم، فكم نحتاجُ اليوم إلى رأبِ الصّدعِ الذي فتَّ عضُدَ الأمّةِ بل وأوهنَ جسدها، حتّى بدت هزيلة، وليس بيدها حيلة.
فأين نحنُ مِن:
بلادُ العُربِ أوطاني
من الشام لبغدانِ
ومن نجدٍ إلى يمنٍ
إلى مصرَ فتطوانِ.
فعساها أن تعود يومًا، وننتهي من التشرذم والفرقة، وتذهب من قلوبنا الحرقة...
ونختم بقول الباري عزّ وجلّ في محكم تنزيله:
واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون.
صدق الله العظيم