مقالات مختارة >مقالات مختارة
الرئيس بري: "أثبتنا في بيروت أننا ثنائي وطني"..
الرئيس بري: "أثبتنا في بيروت أننا ثنائي وطني".. ‎الثلاثاء 20 05 2025 07:54
الرئيس بري: "أثبتنا في بيروت أننا ثنائي وطني"..

غادة حلاوي

 

غادة حلاوي

نجحت القوى السياسية في إخراج الانتخابات البلدية من طابعها العائلي التنموي، وحوّلتها إلى استحقاق سياسي بامتياز، له دلالاته التي لا يمكن إلا البناء عليها في الانتخابات النيابية المقبلة. وقد خاضتها جميع القوى، من موقعها كأحزاب أو تيارات سياسية، على أنها تمهيد للانتخابات النيابية.

وإذا كانت المرحلة الرابعة في الجنوب تُعد تحصيل حاصل لصالح الثنائي، فإن للانتخابات البلدية ونتائجها في بيروت والبقاع قراءتها المختلفة، خصوصاً أنها أعقبت الحرب الإسرائيلية على لبنان، والهجمة السياسية التي يتعرض لها حزب الله نتيجة حرب الإسناد، التي خلّفت خراباً كبيراً في البلاد. ورغم كل المواقف السياسية المناهضة لسياسته، فإن حزب الله وحركة أمل لم يتأثرا، وحافظا على حضورهما الشعبي ذاته. وقد قرأ الثنائي نتيجة بيروت على هذا النحو، وخرج منها ليقول إن الصوت الشيعي بقي هو المرجّح في العاصمة، وشكّل الرافعة للتنوع، في نتيجة قد يُبنى عليها في الانتخابات النيابية.

ارتياح بري
وقد ولّدت نتائج بيروت البلدية ارتياحاً لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ إن الانتخابات، بالأجواء التي شهدتها، وما انتهت إليه، أثبتت أن الثنائي ليس مجرد ثنائي شيعي، بل هو ثنائي وطني بامتياز. وقال في حديث إلى "المدن": "قمنا بواجباتنا في الانتخابات البلدية في بيروت، وأمّنا التوازن، إلى درجة أنه لا يجوز الاستمرار في توصيفنا كثنائي شيعي، بل نحن ثنائي وطني".

ليست خطوة عابرة، في خلفياتها السياسية داخلياً وخارجياً، أن يُؤمِّن الثنائي المناصفة في التمثيل الطائفي للعاصمة، وينقلها إلى بر الأمان، بعد تجربة طرابلس المريرة.

وبينما تتطلب أرقام المسيحيين قراءة سياسية مغايرة، فإن المزاج المسيحي، الذي ظهر في الانتخابات الماضية وكان أقرب إلى الثورة، قد تبدّل اليوم، بدليل فشل قوى التغيير في بيروت، بينما تقاسم التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية التمثيل المسيحي في العاصمة. ولأول مرة، يزداد القلق المسيحي بشأن الحضور في بيروت، ويعكس امتعاضاً من كونه العنصر الأضعف في المعادلة.

البقاع قال كلمته
للمرة الأولى أيضاً، تجري الانتخابات البلدية في ظل غياب تيار المستقبل كلياً عن الساحة السنية، ويكون تآلف الأحزاب ضمانة للمناصفة، لا وجوده. ولم يكن عزوف السنة مرتبطاً فقط بغياب المستقبل، بل بات واضحاً أن السعودية أصبحت المرجعية السياسية الأساسية للطائفة، بدليل موقع فؤاد مخزومي في المعادلة البيروتية.

أجرى مخزومي عملية احتساب دقيقة للأصوات عشية الانتخابات، وكان طموحه أن يشكّل حالة بديلة عن المستقبل. لكنه، رغم الدعم السعودي، لم تسعفه الأرقام ليكون ركيزة يُبنى عليها في الانتخابات النيابية، مقارنة بالأحباش والجماعة الإسلامية وحتى تيار المستقبل، بعدما فاز المرشح المحسوب عليه بنسبة وازنة من الأصوات، بما لا يدع مجالاً للشك أن مناصري المستقبل صبّوا أصواتهم لصالحه.

لم تُفرز الانتخابات البلدية قوى سياسية جديدة من خارج السياق المتعارف عليه، وأثبت المجتمع المدني ضعفه البنيوي، كما التغييريين في بيروت، على الرغم من ارتفاع لهجة خطابهم في مواجهة حزب الله بعد الحرب.

أما في انتخابات البقاع، فقد عبّرت عن نفسها بوضوح في صناديق الاقتراع. وقال رئيس المجلس: "البقاع بات يتحدث عن نفسه، إذ إن كل القرى والبلدات قالت كلمتها لصالح الثنائي الوطني".

في قراءة أولية للثنائي، كان واضحاً أن جمهور البقاع، وتحديداً في بعلبك-الهرمل، "بقي ثابتاً على نهج المقاومة والالتزام باللوائح التي قدّمتها قيادة الثنائي. وحتى اللوائح المعارضة لم تخرج عن إطار بيئة المقاومة، ما يثبت أن خيار المقاومة متجذّر بقوة لدى هذا الجمهور".

خصوصية زحلة
أما زحلة، فلها خصوصيتها. ولا يرى الثنائي أنها تشكّل دليلاً على تراجعه، لأن اللائحة التي واجهت القوات اللبنانية تشكّلت من تحالف الكتائب مع أسعد زغيب، فيما غاب التيار الوطني الحر عن المواجهة. ولم يُسجَّل الصوت الشيعي حضوره كاملاً هناك، رغم أنه صبّ ككتلة متماسكة، وإن بنسبة لا تعكس حجمه الحقيقي. وقد أدّى سوء التقدير في الحسابات إلى فوز القوات اللبنانية، ما استدعى استنفار التيار الوطني لإجراء مراجعة للخلل، وسط تشتت باقي القوى.

على صعيد حزب الله، شكّلت الانتخابات البلدية مؤشراً حاسماً على مدى تجذّر خيار المقاومة، وأن الجمهور الشيعي منضبط تحت سقف الولاء للثنائي الشيعي أمل-حزب الله. وهذا مؤشر واضح ومؤكد، وسط شعور متزايد لدى هذا الجمهور بخطورة المرحلة، وضرورة التكاتف والانضباط.

وبالنسبة إلى باقي القوى، قد لا تكون النتائج مؤشراً حاسماً، بسبب الانقسامات المسيحية التي قد تعيد الاصطفافات. أما الجمهور الشيعي، فسيصبّ بالقوة نفسها في الانتخابات النيابية. وبالتالي، يمكن اعتبار نتائج البلديات عيّنة دقيقة للانتخابات النيابية، لأنها استحقاق سياسي بامتياز.

تحالف الأضداد
يخالف رئيس المجلس من يقول إن الانتخابات البلدية ستعيد خلط الأوراق أو تشكّل صورة مستقبلية للانتخابات النيابية بعد عام. ففي تقديره، المؤشرات ستختلف، إذ قال: "في بيروت جمعنا الأضداد، أما في الانتخابات النيابية فسيختلف المشهد، وسيتفرقون حُكماً"، في إشارة ضمنية إلى التحالف المؤقت مع القوات اللبنانية.

أما في الجنوب، فـ"العين تبقى على إسرائيل خشية ارتكابها حماقة جديدة". فالانتخابات هناك تشكل تحدياً بذاته، وهو ما يدركه بري جيداً، إذ قال: "في الجنوب، سنذهب إلى الانتخابات في كل الأحوال، وسنخوضها مهما كلف الأمر"، كاشفاً أن الجهود مع حزب الله تنصبّ على تحقيق التوافق، وأضاف: "الأجواء ستكون بغالبيتها توافقية، وقد عملنا على تحقيق ذلك".

المصدر : المدن