بأقلامهم >بأقلامهم
التمثيل.. بين الكفاءة والانغلاق المؤسسي
التمثيل.. بين الكفاءة والانغلاق المؤسسي ‎الاثنين 23 06 2025 16:19 هبه بيضون
التمثيل.. بين الكفاءة والانغلاق المؤسسي

جنوبيات

في ظلّ التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد  السياسي في منطقتنا، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في مفهوم التمثيل السياسي والدبلوماسي، بعيداً عن التصنيفات الضيقة والانتماءات الفرعية. إنّ التمثيل الفعّال لا يرتبط بعمر أو خلفية اجتماعية أو مسار وظيفي تقليدي، بل يستند إلى مدى قدرة الفرد على الإسهام في صنع القرار وتمثيل مصالح شعبه بصدق وكفاءة.

لقد آن الأوان لتبنّي مقاربة جديدة تضع الجدارة في مقدمة الاعتبارات، وتمنح الفرصة لكل من يمتلك الرؤية والإرادة والخبرة، دون الحاجة إلى المرور الحتمي عبر بيروقراطية الوظيفة العامة أو التدرج المؤسسي التقليدي. فليس من المنطقي أن تبقى المواقع السياسية محصورة بأشخاص داخل المنظومة فحسب، بينما هناك من هم خارجها يملكون من الفكر والاستعداد والخبرة ما يؤهّلهم للمشاركة بفاعلية أكبر.

كما إنّ فتح المجال أمام الكفاءات غير النمطية ليس مجرد إنصاف فردي، بل هو استثمار مؤسسي طويل الأمد.

فالأنظمة التي تُعيد إنتاج نفس المسارات المغلقة تُخاطر بالجمود وفقدان ثقة الناس، بينما تلك التي تنفتح على طاقات متنوعة وتحتضن رؤى جديدة، تُثبت قدرتها على التكيّف والاستمرار. إنّ دمج أصوات خارج القوالب التقليدية في مواقع القرار لا يُهدّد الاستقرار، بل يعكس التنوع الحقيقي للمجتمع الذي تُفترض خدمته.

إذاً، التمثيل السياسي والدبلوماسي، ليس حكراً على المسميات، أو امتداداً تلقائياً لمسار وظيفي، بل مسؤولية تُناط بمن يملك أدواتها ولديه رغبة صادقة في أداء الأمانة، وينبغي أن يكون الرهان على من يفكر ويعمل من أجل المصلحة العامة، لا على من يشغل موقعاً شكلياً فقط.

الكفاءة الحقيقية لا تُصنع فقط في المكاتب والدوائر الرسمية، بل كثيراً ما تتشكل في الميدان، بين الناس، وعبر التجارب الذاتية والمبادرات المستقلة. لذا، أصبح من الضروري أن تُفتح الأبواب أمام هذه الكفاءات، وأن نُعيد النظر في آلية الاختيار، بحيث تشمل وتُثمَّن القدرات الواقعية لا المسارات الشكلية فقط.

المصدر : جنوبيات