عام >عام
عين الحلوة... «نزوح» المزيد من الارهابيين؟!
عين الحلوة... «نزوح» المزيد من الارهابيين؟! ‎الخميس 2 11 2017 12:20
عين الحلوة... «نزوح» المزيد من الارهابيين؟!

محمود زيات

رشق ناري اُطلق على حي الصفصاف.. تبعه رشق آخر اطلق على حي البركسات، هدَّدا حالة الانفراج الامني التي سادت مع ارتفاع وتيرة الاتصالات اللبنانية الفلسطينية، في ضوء «خبرية» مغادرة المطلوب شادي المولوي المخيم، بالرغم من مسارعة الجهات الفلسطينية الى لملمة الوضع ومحاصرة ما جرى، انسجاما مع ما يُسجل من خطوات انفراجية ومناخات من التعاون والتنسيق بين القيادة السياسية والامنية الفلسطينية والجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية الاخرى، وهي مناخات خفضت من منسوب الهواجس الامنية التي كانت مطروحة قبل «نزوح» ابرز المطلوبين.
الحادث الامني الذي سجل امس الاول وتمت محاصرته، اعقب حالة من الانفراج شهدها المخيم، مع المعلومات التي تحدثت عن مغادرة مجموعة من المطلوبين اللبنانيين وعلى رأسهم شادي المولوي المخيم، ما يخفف من الوطأة التي يحملها ملف المطلوبين، حفل بالاتهامات المتبادلة بين الجماعات الاسلامية المتطرفة من جهة، وحركة «فتح» من جهة ثانية، ودارت حرب اعلامية بين الطرفين اللذين سارعا الى نشر مقاطع فيديو من كاميرات مثبتة في شوارع المخيم، كل مقطع يتهم الفريق الآخر ببدء اطلاق النار، من دون ان يكون للحادث خلفيات، سوى ارتباطه بتداعيات الجولات السابقة من الاشتباكات التي سجلت بين حركة «فتح» والجماعات الاسلامية المتطرفة، التي حصدت قتلى وجرحى واحدثت حالة نزوح جماعي للاجئين الفلسطينيين من سكان المخيم، فضلا عن اضرار مادية في المنازل والمتاجر.
يصف قيادي بارز في حركة «فتح» في مخيم عين الحلوة  المرحلة التي تعمل فيها القيادات الفلسطينية في اطار معالجتها للملف الامني في المخيم، وبخاصة ملف المطلوبين اللبنانيين الذي لجأوا الى المخيم قبل سنوات، هربا من ملاحقات الجيش اللبناني، على خلفية تورطهم في عمليات ارهابية، بـ «مرحلة تفكيك الالغام في المخيم»، وتوقع المزيد من عمليات تسليم لمطلوبين قد نشهدها في الاسابيع المقبلة، وما يشجع على ذلك الاجواء المريحة التي تشهدها العلاقات اللبنانية الفلسطينية، وبخاصة بين القيادات الفلسطينية والجيش اللبناني والامن العام اللبناني الذي لم يغب مديره العام عن ملف الوضع الامني في عين الحلوة، بعد ان نجحت خطوات امنية عدة، بفعل التعاون مع القيادات الفلسطينية، اسهمت في تفكيك شبكات ارهابية متورطة بالعمل لصالح التنظيمات الارهابية التي تقاتل في سوريا والعراق. ويقول القيادي ان الاجواء الايجابية القائمة والاجتماعات والاتصالات التي تعززت مؤخرا بين القيادة الفلسطينية والاجهزة الامنية اللبنانية، مع وعود من جهات حكومية بتقديم  شيء ما على الصعيد الانساني والحياتي، ولو بحدودها الدنيا التي من شأنها ان تضفي على المعالجة الامنية الجارية في المخيم طابعا اجتماعيا ومعيشيا وانسانيا، سيما وان الشكوى الفلسطينية من واقع الخدمات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الانروا» المتقلصة الى حدودها الدنيا تتصاعد، واذا كان مشهد خروج المطلوب شادي المولوي من المخيم، يشكل واحدة من حلقات الافخاخ الامنية في المخيم، الا ان الوضع ما زال يحتاج الى الكثير من الخطوات.. المعادلة في مخيم عين الحلوة باتت واضحة... اي «نزوح» لمطلوبين لبنانيين وفلسطينيين من المخيم، يشكل انجازا في مسيرة ازالة المفخخات الامنية التي يمثلها هؤلاء المطلوبون.
} معالجة جوهرية لملف الوجود الفلسطيني في لبنان متى؟ }
وتسأل اوساط قيادية فلسطينية .. اذا كانت التعقيدات السياسية القائمة في الساحة السياسية في لبنان، انعكست على الواقع الحكومي، لجهة الانقسام حول ملف العلاقات اللبنانية ـ السورية، وتمنٌّع رئيس الحكومة سعد الحريري وفريقه الحكومي والسياسي من اجراء اي نوع من الاتصالات على المستوى الحكومي مع السلطات السورية، للبحث في سبل عودة النازحين السوريين، فما الذي يمنع قيام الحكومة باجراء حوار لبناني ـ فلسطيني لمعالجة كافة الملفات، ومنها الملف الامني في المخيمات، وبخاصة مخيم عين الحلوة، ولماذا تهرب الحكومة اللبنانية من مسؤولياتها؟، سيما وان هناك هيئة حكومية تُعنى بملف الوجود الفلسطيني في لبنان، وترى ان التأسيس لحوار يضع كافة القضايا المتعلقة بالفلسطينيين المقيمين في لبنان على مشرحة الحلول، ومن ضمنه الحلول الامنية، وما هي العوامل التي تحول دون ان تتمكن الجهات الرسمية اللبنانية من فتح ملف المخيمات، ووفق رؤية مشتركة وضمن خطين متوازيين، التوافق على صيغة تزيل الاثقال الامنية التي تظلل المخيمات، من خلال تفعيل الاجهزة الامنية والعسكرية الفلسطينية داخل المخيمات لتتولى حفظ الامن وحمايته من اي محاولة جديدة لايواء مطلوبين في داخله، والاستجابة للمطالب الحياتية لالاف اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات بما يضمن لهم حياة كريمة، وتلفت الى ان الوصول الى ذلك يتطلب قرارا سياسيا جريئا، يطوي صفحات التوتر الامني ويستأصل مسبباته، فالمصلحة  المشتركة تقتضي معالجة شاملة ضمن سلة واحدة تجمع الملفات الامنية والاجتماعية في رؤية تضمن افضل العلاقات وتوفر المناخات الامنية التي تعيد للمخيمات هويتها الفلسطينية، بعيدا عن اي تداعيات وفدت من خارجها وتعقدت اكثر من الحرب التي اندلعت في سوريا قبل اكثر من ست سنوات، بات يستحق الملف الفلسطيني الغارق في المستنقعات الامنية، والحافل بالصراعات الداخلية والتعقيدات الاقليمية والنسيان الدولي في تقديم ادنى مقومات الحياة، بعد عجز المؤسسات التابعة للامم المتحدة من تلبية الحاجات الضرورية لاكثر من نصف مليون لاجىء فلسطيني، تستعد «رحلة» لجوئهم تدشين عامها السبعين.
يُقِر قياديون فلسطينيون في مخيم معين الحلوة، ان مرحلة ما بعد معارك الجرود التي خاضها الجيش اللبناني و«»حزب الله» في جرود السلسلة الشرقية للبنان، والتي ادت الى تصفية الكانتونات التي كانت تقيمها التنظيمات الارهابية، تختلف كليا عن مرحلة ما كان سائدا قبلها، وتسلك القيادات السياسية والامنية الفلسطينية طريق التعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني الذي ابدى مرونة واضحة في التعامل مع ملفات المخيم، وهي مرونة عكست ارتياحا لدى مختلف الاوساط القيادية الفلسطينية الذين يُجمعون اليوم، واكثر من اي وقت مضى، على ضرورة الدخول في معالجة جدية لملف المطلوبين، وتحصين الخطط الامنية التي تكفل امن المخيم وعدم تحويله الى ملاذ آمن للهاربين من ملاحقات الجيش اللبناني والقضاء، وهذا يصب في مصلحة للفلسطينيين وامن مخيماتهم قبل اللبنانيين، وان كان الاجماع الفلسطيني متحمس لمعالجة امنية مرنة يسعى الجميع الى توفير ظروفها، بعيدا عن الحل العسكري التي يحمل سكان المخيم اعباء امنية وحياتية مكلفة، من دون ان ينسى هؤلاء «الطموح» الفلسطيني بمعالجة الحقوق المدنية والاجتماعية والمعيشية للفلسطينيين المقيمين في المخيمات.

المصدر : الديار