عربيات ودوليات >أخبار دولية
تحليل مقابلة الحريري في نيويورك تايمز
تحليل مقابلة الحريري في نيويورك تايمز ‎الاثنين 13 11 2017 20:38
تحليل مقابلة الحريري في نيويورك تايمز


قال رئيس الوزراء، سعد الحريري، الذي هزت إقامته الغامضة في المملكة السعودية الشرق الأوسط بأكمله، في مقابلةٍ تلفزيونية مساء أمس الأحد 12 تشرين الثاني، إنَّه يستطيع الحركة في أي وقت، وإنَّه غادر لبنان من أجل حماية نفسه، وسيعود لوطنه "في غضون أيام".

وكانت هذه التصريحات هي الأولى من نوعها ​منذ توجهه بصورةٍ مفاجئة إلى السعودية يوم 3 تشرين الثاني وإعلان استقالته من هناك بعد مرور يومٍ واحد. ويبدو من غير المُرجَّح أن تزيل تعليقاته الالتباس والتوتُّر بشأن ما إن كان قرار استقالته نابعاً من إرادته الشخصية، أم أنَّ الحريري في الواقع قد سقط رهينة للسعوديين، أو ما إن كان قد تعرَّض للضغطِ حتى قدَّمَ استقالته كجزءٍ من إستراتيجية أوسع لتضييق الخناق على خصمهم الإقليميي، إيران.

ومن غير المُرجَّح أن يقتنع الذين تنتابهم شكوك حول وضعه بالمقابلة التي أجرتها الإعلامية بولا يعقوبيان، وهي مذيعة لبنانية تُقدِّم برنامجاً حوارياً موالياً للسعودية، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

ولم يُقدِّم الحريري إجاباتٍ واضحة عن سبب إعلان استقالته من السعودية بدلاً من لبنان، ولم يُقدِّم كذلك أي تفاصيل جديدة حول ما وصفه قبل ثمانية أيام بأنَّه مؤامرةٌ للقضاء على حياته. بدا الحريري شاحباً ومتعباً، وحول عينيه هالاتٌ سوداء، وكانت نظراته مُوجَّهة أغلب المقابلة إلى جانب الغرفة، كما لو كان ينظر إلى شخصٍ آخر.

وعلى الأغلب، لن يقتنع من يخشون أنَّ السعودية تضع الحريري تحت ضغطٍ ما، أو حتى تحتجزه- بمن فيهم المسؤولون اللبنانيون والدبلوماسيون الغربيون وبعض الحلفاء السياسيين للحريري- بأي شيءٍ إلا إذا عاد إلى لبنان.

وما زاد شكوكهم أنَّ استقالة الحريري جاءت في نفس اليوم الذي أشرف فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على اعتقال مئات السعوديين في ما وصفه بأنَّه إجراءاتٌ صارمة ضد الفساد، فيما يصفه منتقدون بأنَّه حملة تطهير.

واعتبر كثيرون أنَّ إعلان الاستقالة هو محاولة سعودية لإسقاط الحكومة الائتلافية التي عمل فيها الحريري مع ممثلي حزب الله حليف لإيران.

ورفضت خمس محطات تلفزيونية لبنانية على الأقل إجراء مقابلة الأحد، قائلة إنَّه ما زال من غير الواضح ما إن كان الحريري قادراً على التحدُّث بحرية.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد قال في وقتٍ سابق إنَّ أي شيء يقوله الحريري من السعودية "لا يعكس الحقيقة، بل هو نتيجة للوضع الغامض والمشكوك فيه الذي يخضع له في المملكة، وبالتالي لا يمكن أن يؤخذ على محملِ الجد".

وقال الحريري لبولا يعقوبيان: "أنا حر، وأستطيع أن أسافر غداً"، غير أنَّه أضاف أنَّ هناك معلوماتٍ وصلته في أثناء وجوده في الرياض وأقنعته بأنَّه بحاجةٍ إلى مراجعة ترتيباته الأمنية قبل عودته إلى لبنان. وقالت السلطات اللبنانية إنَّها لا تملك معلوماتٍ عن أي مؤامرةٍ ضده.

وقال فى خطاب استقالته يوم 4 تشرين الثاني إنَّ هناك تهديداتٍ على حياته وألمح أنَّها آتية من حزب الله، الذي نفى بدوره ادعاءات تورُّطه فى اغتيال والده، رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق. واستشهد الحريري بالتدخُّل الإيراني في لبنان، وهيمنة حزب الله، باعتبارهما سببين آخرين وراء قراره بالتنحي.

لكن في المقابلة، بدا أنَّ الحريري ترك سؤالاً مفتوحاً عما إن كانت استقالته نهائية، وقال إنَّه عند عودته إلى لبنان، سيستقيل شخصياً بالطريقة الدستورية الصحيحة، ولكنَّه سيجري محادثاتٍ مع الزعيم عون أولاً وغيره، وإنَّه قد يبقى في منصبه إذا كان بوسع لبنان اتباع سياسة الحياد في منطقة.

وقال الحريري إنَّ زوجته وأطفاله كانوا في منزل عائلتهم في السعودية، وإنَّه يحمل كلا الجنسيتين، اللبنانية والسعودية، وتجمعه علاقاتٌ جيدة بالملك سلمان وولي العهد.

ويبدو أنَّ لهجته أصبحت أكثر استرضائية تجاه حزب الله من خطاب استقالته الذي تعهَّدَ فيه بـ"قطع أيدي" حلفاء إيران؛ وبدلاً من ذلك، قدَّمَ شكوى أكثر اعتدالاً إلى حدٍّ ما من أنَّ حزب الله لم يفعل المثل عندما قدَّم الحريري تنازلات داخل الحكومة الائتلافية.

ولاحظ أولئك الذين يدرسون مقابلة يوم الأحد للحصول على أي دلائل على نوايا مضيفيه السعوديين أنَّ الحريري أشار إلى وجود مشكلة في تورط حزب الله في اليمن، حيث يقاتل التحالف الذي تقوده السعودية المتمردين المتحالفين مع إيران.

المصدر : وكالات