عام >عام
هكذا أقفل ميشال عون الخط مع الحريري وجنب لبنان الحرب والهزات
هكذا أقفل ميشال عون الخط مع الحريري وجنب لبنان الحرب والهزات ‎الأربعاء 15 11 2017 08:12
هكذا أقفل ميشال عون الخط مع الحريري وجنب لبنان الحرب والهزات


يوم السبت في 4 تشرين الثاني أقفل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال نعيم عون الخط مع رئيس حكومة لبنان سعد الدين رفيق الحريري الذي اتصل من المملكة العربية السعودية ليقول للرئيس انه سيستقيل وهو "لم يعد يحتمل" وأقفل الخط، جلس عون يفكر مطولا في مكتبه بعد سماع خطاب الحريري المثير للجدل وبيان الإستقالة من السعودية، وتبين للرئيس بعد طول تفكير أن هناك أمورا أكبر من إستقالة الحريري تحاك للبنان.

أتى فورا من يقول للرئيس عون "هيا بنا نقبل الإستقالة ونفتح الإستشارات ونسمي غير الحريري وليبقى في السعودية حيث إستقال، ولنأتِ بحكومة انتخابات وحكومة تكنوقراط"، فنظر الرئيس عون الى هؤلاء وطلب من أحد المقربين منه ان يجلب الهاتف الخاص به مع ارقام قادة الصف الأول للإتصال بهم وقال: "القضية ليست بإستقالة الحريري، فالأمور اكبر من ذلك وأكبر من إستقالة الحريري وأكبر من لبنان، فما يحاك كبير جدا".
وفورا أجرى الرئيس عون مروحة إتصالات مع قادة الصف الأول بدأها من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان في شرم الشيخ، ومن بعد بري بدأ عون برسم المشهد الداخلي لجس النبض ومعرفة كيف يريد الجميع التصرف. ومن بعدها اتصل بقادة الاجهزة الامنية وبالمسؤولين عن القطاع المالي، وطلب التشدد بالأمن ونفي قصة محاولة الإغتيال لانها مركبة وغير صحيحة، وطلب الحفاظ على الليرة اللبنانية بكل ما للبنان من قدرة.
بعد انتهاء الإتصالات السريعة دعا الرئيس كل الأفرقاء اللبنانيين من الكبير الى الصغير من الاحزاب الى الأفراد الى المشاورات، والتقى على مدى يومين متتاليين جميع اللبنانيين، وأطلعهم على واقع وعلى مرحلة لم يمر بها لبنان سابقا، وأطلع البعض على ان هناك مخططا كبيرا جدا يحاك للبنان عبر ضربة ستوجه له تمت حياكتها في الصالونات السوداء التي تحيطها تلال الرمول، وهذا المخطط تحدث عنه جان عزيز مستشار الرئيس واكد انه تم إحباطه.
من بعد جمع اللبنانيين اتجه الرئيس عون الى المجتمع الدولي وإستدعى سفراء مجموعة دعم لبنان، وسفراء كل الدول الكبرى والوسطى والمؤثرة، وأطلعهم على ما يحاك للبنان، وكانت فرنسا أول من تحرك وتوجه رئيسها الى السعودية لإجهاض ما حيك للبنان من هزات كانت ستنطلق وكانت ساعة الصفر على بعد ثوانٍ قليلة.
الرئيس الحريري كان في مكان معزول، مغلوب على أمره، لا يستطيع الصراخ من شباك يسمعه منه الجيران، بل من سيسمعه فقط هم آذان حراس صمٌ. لم يستطع الحريري القول انه محتجز ولم يستطع حتى إرسال رسالة ما الى عون ليقول له "إنتبه فخامة الرئيس يريدون تدمير لبنان ويريدون القضاء على نصف الشعب اللبناني، ويريدون تغييري بإسم آخر عبر نقل ملكية تيار المستقبل مني الى شقيقي بهاء الدين".
وبعدما أطلع عون السفراء على الوضع السياسي اللبناني الداخلي والاوضاع التي يعيشها الحريري وما حيك لتدمير لبنان من حرب ومن عمليات اغتيال تم إجهاض أحدها، اطلعهم أيضا على فشل موضوع تسليم المخيمات الفلسطينية الى محمد دحلان لإشعالها، واطلعهم على انه اوفد اللواء عباس ابراهيم الى الاردن للقاء رئيس السلطة الفلسطينية لإجهاض تحريك اكثر من 10 مخيمات لإشعال الحرب الداخلية والخارجية على لبنان. فخرج السفراء مثقلين بما حملّهم إياه ميشال عون من مسؤولية، وراح كل واحد منهم يطلب من دولته التدخل فورا عبر بيانات او اتصالات او ضغوطات لإنقاذ لبنان من إجتماعات الصالونات السوداء.
الحراك الديبلوماسي للقصر الجمهوري نجح في إجهاض كل المخططات، من إشعال الفتنة والحرب وصولا الى إفشال مخطط إحتجاز الحريري وعزله وصولا الى إحراق فيلم بهاء الحريري. وعندما أدرك الرئيس عون بعد مقابلة الحريري أنه من غير المسموح له ان يعود حاليا الى لبنان وبأن ظروفه صعبة، أوفد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في جولة أوروبية على دول القرار المؤثرة في السياسة العالمية للعمل على تجنيب لبنان ما بقي من المخطط ولإعادة الحريري الى بيروت، لكي يقول من بيروت ما يشاء، والشرط الذي يطرحه الرئيس بأن تعود عائلة الحريري معه الى لبنان.
إذا بعد الحراك الامني المالي السياسي الداخلي، إنتقل الرئيس الى الحراك الديبلوماسي، ومن ثم إستكمل باسيل الحراك بجولة ديبلوماسية واسعة. في وقت يتابع فيه عون الاتصالات مع رؤساء الدول من ماكرون الى اردوغان وصولا الى السفراء في لبنان؛ وفي الداخل، الامور توقفت عند هذا الحد الى حين تحريك الملفات عند وصول الحريري الى لبنان ورسم السياسة اللبنانية المستقبلية، ولو كان الحريري سيأتي قريبا الى لبنان لكان السعوديون سمحوا للصحافيين المرافقين للبطريرك الراعي بحضور اللقاء بينهما، ولكان السعوديون سمحوا للمستقبل بأن تسأل الحريري عن مخطط بهاء الحريري.
الحراك الحالي ينصب على إعادة الحريري الى بيروت، ومن بعدها لكل حادث حديث. والرئيس عون ومنذ اقفال الخط مع الحريري فكر ولم يسمع النصائح وتصرف بإلهامه الخاص وابصر ما يحصل من اليوم الأول وتبين ان نظرته كالعادة صائبة وثاقبة، ولم يسمع النصائح التي كانت ستدمر البلد وكان الجميع من الخارج يريده ان يسير بها. ولولا إدراك ميشال عون ان القصة اكبر مما يحصل لكنّا اليوم نعيش خلف المتاريس او نقف في الطوابير عند المرافأ للهروب بالبواخر نحو قبرص أو نحو أوروبا أو نحو الموت.
منذ يوم السبت في 4 تشرين الثاني لم يحصل اي اتصال بين الرئيسين عون والحريري، ولم تحصل اي محاولات للتواصل من بعبدا ولا من "المعتقل" الحريري السعودي، وبالرغم من الحديث بأن الحريري معه هاتفين فهو لا يمكنه التواصل مع الرئيس الذي اجهض كل المخططات، فإذا كانت عائلته لا يمكنها التحدث معه، فهل سيحق لمن أحرق المخططات بالتواصل معه؟

المصدر : جورج غرّة - ليبانون فايلز