بأقلامهم >بأقلامهم
"الأمر الإلهيّ"!
"الأمر الإلهيّ"! ‎السبت 10 02 2024 22:59 القاضي م جمال الحلو
"الأمر الإلهيّ"!

جنوبيات

حدّثني جدّي لوالدي "طيّب الله ثراه" بنفحاته الإيمانيّة وكلماته العطريّة قائلًا:
عندما جاء الأمر لإبليس بالسّجود، كان نظره مقتصرًا على السّجود لسيّدنا آدم فقط، ولم يلتفت للقضيّة الأهمّ والأكبر!
 إنّها قضيّة أمر الله "عزّ وجلّ": {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}.
مرّت عقود وظهر خرّيج آخر من هذه المدرسة، وهو ابن سيّدنا نوح، فقد نظر إلى الطّوفان نظرةً سطحيّة ساذجة، وتعامل معه كأنّه قضيّة مُناخ صعب أو ماء في حالة فيضان فقال:
 {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}.
فالعصمة والنّجاة في نظره هما فقط من الماء، وكان نظر والده سيّدنا نوح أعمق، إذ بيّن له أنّ القضيّة أكبر من مجرّد ماء غامر، بل هي قضيّة أمرٍ إلهيّ:
{قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}، ولم ينتظر الموج انتهاء الحوار بل: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ}.
هذا، ولا تزال تلك المدرسة تُخرِّج الكثيرين حتّى يومنا هذا، ويتّبِعون خُطاهُم. فيقولون:
• الصّلاة مجرّد حركات.
• الحجاب مجرّد غطاء للرأس.
• الحجّ مجرّد طقوس.
• رمضان مجرّد "رِجيم" جيّد.
ونسوا أنّ القضيّة أكبر من ذلك، ولها عدّة أبعاد لا يعرف كنهها إلّا الله والراسخون في العلم.
إنّها قضيّة أمرٍ إلهيّ من الخالق؛ وكي لا تتلوّث بظلال تلك المدرسة (سطحيّة الأبعاد)، انظر أوّلًا إلى من هو الآمر، ثمّ ما هو الأمر.
فالآمِرُ: هو الله الخالق، البارئ، المصوّر.
والأَمـرُ: هو اختبار التّسليم لله الواحد الأحد الفرد الصّمد.
والله عزّ وجلّ لا يأمر خلقه إلّا بما ينفعهم، وبما هو خيرٌ لهم، وهو العليم الحكيم. يعلم السّر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور.
فاعتبروا يا أولي الأبصار...

المصدر : جنوبيات