بأقلامهم >بأقلامهم
القلب السليم...
جنوبيات
نغوص في أعماق روحنا لمعرفة أنفسنا وفهم كنهها وأسرارها، فسرّ الوجود ضالة كل انسان في الحياة، هذا السّر يبدو للوهلة الأولى غامضاً ومشوشاً لكن مع مرور الأيام تتضح الرؤية للإنسان، ويبدأ بفهم نفسه وفهم ما حوله، وهذا الفهم الذي يوفر عليه العديد من المشاكل، فالإنسان أكثر آلة معقدة على الأرض ولا يمكن فهم هذه الآلة دون التبحرّ في العلوم والمعارف. كما وأن الإنسان لا يفهم أحياناً الأبعاد لتصرفاته وسلوكياته التي تظهر في المواقف، وحينها يبدأ بالتحليل والبحث، فإما أن يهتدي للطريق الصحيح الآخذ لفهم نفسه وإما أن يدخل في دهاليز لا مخرج منها، فالكثير يعيش على الأرض وهو غير مدرك لحقيقة سلوكياته وتصرفاته. لذا السؤال كيف يمكن الإهتداء للطريق الصحيح لفهم النفس البشرية؟ ولماذا لا يحب الإنسان ذاته ويقدرها التقدير التام؟ هل يستطيع الوقوع في الحب ما لم يحب نفسه اولاً ويقدر ذاته؟
الإنسان آلة معقدة وسلوكياته تعكس مكنوناته ودواخله التي غالبا ما يكون هو نفسه جاهلاً أسبابها وحقيقتها، فنراه غير مدرك حقيقة نفسه ويعيش القلق والخوف، فهو يبحث عن الأمان بشكل مستمر وهذا الأمان لا يمكن الوصول إليه دون اللجوء الى الخالق الذي خلقه ويعرف ماذا يناسبه وما لا يناسبه، في الظاهر يبدو للإنسان أنه يتألم لما وقع معه من أحداث، ويعيش العذاب النفسي والوجع لكن اذا تعمق لحقيقة المجريات، يتضح له انه لا يمكن أن يمنحه الله إلا العطايا التي تتناسب مع قدراته، فإذا نظرنا الى الحظوظ مما حولنا نجد أن كل انسان نال الحظ الذي يتناسب مع مؤهلاته وواقعه، فالتسليم لما يجري هو قمة الوعي والإدراك التي لا يمكن للإنسان الوصول اليه دون الخوض في رحلة سفر طويلة وشاقة فالإصرار والمثابرة والتبحّر في المعارف هي التي تساعده للوصول الى أهدافه المنشودة.
أخيرا حبّ الذات ضمن الحدود اي دون الوقوع في الأنانية الضارّة تساعد الإنسان على إكتشاف ذاته والمضيّ قدماً في تمضية حياته دون إكتساب المزيد من الأشخاص الخطأ، فالرفعة والتعالي عن المشاكل تساعده في الوصول الى السلام الداخلي الذي لا بدّ للوصول اليه بعد رحلته، تلك التي كلفته الكثير من الجهد اي الوصول الى مرحلة التسامح والحب وإزالة الحقد والكراهية من القلب هي التي تقود حتما الى السلام الداخلي التام، فهل وصلنا الى مرتبة القلب السليم؟