عربيات ودوليات >اخبار عربية
الحضور العربي في سوريا يؤسس للتوازن الإقليمي
الخميس 26 12 2024 07:54جنوبيات
بين وقوف نتنياهو على قمة جبل الشيخ ووقوف فيدان على قمة جبل قاسيون المطل على دمشق، يتأكد احتدام الصراع التركي - الإسرائيلي على سوريا الجديدة.
الحضور العربي في سوريا يؤسس للتوازن الإقليمي ويحدّ من اندفاع تركيا وأميركا وإسرائيل
أيمن الصفدي أول وزير خارجية عربي يلتقي قائد المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع. (أ ف ب)
بينما الحكام الجدد لسوريا يوطدون دعائم حكمهم الانتقالي باستكمال التعيينات في المناصب الرئيسية، تبقى التوازنات الإقليمية عاملاً رئيسياً في ترسيخ الاستقرار وتفادي الوصول إلى نقطة الصدام على خلفية البحث عن المصالح.
برز الإثنين تقاطر وفود سعودية وأردنية وقطرية وأول اتصال إماراتي مع دمشق في مرحلة ما بعد بشار الأسد. التوجه العربي إلى سوريا، أتى بعد زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ومن قبل رئيس الاستخبارات ابراهيم كالين.
لا جدال في أن تركيا هي المنتصر الأول في سوريا، تؤكد ذلك التصريحات والمواقف التركية التي تعزو إسقاط حكم الأسد إلى الدعم التركي لفصائل المعارضة المسلحة وبينها "هيئة تحرير الشام".
وفي المقابل، هناك إسرائيل التي وسعت رقعة احتلالها للأراضي السورية فور انهيار النظام السابق، ويقف رئيس وزرائها على قمة جبل الشيخ مؤكداً مواصلة العمل على "تغيير وجه الشرق الأوسط".
وبين وقوف نتنياهو على قمة جبل الشيخ ووقوف فيدان على قمة جبل قاسيون المطل على دمشق، يتأكد احتدام الصراع التركي - الإسرائيلي على سوريا الجديدة.
هنا، يبرز السؤال عن دور العرب مجدداً. في الأعوام السابقة ملأت إيران وروسيا الفراغ العربي، فهل تُترك سوريا مجدداً للنفوذين التركي والإسرائيلي ومن خلفه النفوذ الأميركي؟
حصل في السابق أن تخلى العرب عن العراق، الذي بات ساحة لصراع النفوذين الأميركي والإيراني. وعندما بدأ العرب بالعودة إلى بغداد في الأعوام الأخيرة تغير المشهد، وتمكن العراق من أن يكون لاعباً في التقريب بين إيران ودول الخليج.
سوريا تتقاسمها الآن تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة، وهي دول تطمح إلى وراثة إيران وروسيا، حتى ولو أدى ذلك إلى تغيير في معالم الخريطة السورية.
الحضور العربي في دمشق يمكن أن يحد من اندفاعة القوى الثلاث لجعل سوريا ساحة للنفوذ والصراعات، ويعيد التذكير بأن سوريا هي دولة عربية محورية، وبأن ابتعادها عن الدول العربية تسبب لها في الماضي بالكثير من الأضرار وصولاً إلى الحرب الأهلية في 2011.
ربما تكون سوريا دفعت ثمن علاقاتها الاستراتيجية التي أقامتها مع إيران على مدى 40 عاماً. ولذلك يجب ألا تدفع الآن ثمن اندفاع استراتيجي نحو تركيا، على رغم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن بلاده لا تعتزم أن تشكل "إيران سنّية" في سوريا.
ويقع على عاتق الدول العربية أن تكون حاضرة اليوم في قلب المشهد السوري الانتقالي، وأن لا تترك تركيا تقوم بدور الوصي على دمشق، وأن تلعب دوراً في الضغط على الولايات المتحدة لمنع إسرائيل من اللعب بالجغرافيا السورية باطلاق ذرائع وحجج تتعلق بالأمن.
المستقبل الذي يمكن أن ترسو عليه سوريا، سيؤثر بالجوار العربي القريب والبعيد. ولذلك سوريا هي شأن عربي ومسؤولية عربية. وهناك فرصة نادرة لاستعادة سوريا إلى الحضن العربي والحد من طموحات الآخرين، لا سيما أن العرب يملكون امكانات هائلة لتوظيفها في سوريا الجديدة وفي إعادة الإعمار.
إن انتقال سوريا من مرحلة إلى أخرى، تجعل الحكام الجدد يسيرون على حبل مشدود للتوفيق بين مصالح القوى الإقليمية. ولكن بقدر ما ينظر الخارج إلى النظام الجديد من موقع الاختبار لمعرفة في أي توجه سيسير، تدل تجربة العراق على أن الانسحاب العربي كان سبباً في معاناة العراقيين لسنوات، بينما ساهم انفتاح بغداد على الجوار في ترسيخ الاستقرار والعودة بفوائد سياسية واقتصادية على بغداد، التي باتت محور الاتصالات في الإقليم بالاستناد إلى سياسة متوازنة. وسوريا الجديدة يمكن أن تقوم بالدور ذاته.