في زيارته الأخيرة إلى دبي، التقى حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري مسؤولة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغاييف، التي أبلغته أنها ستزور لبنان قريباً. يُنقل عن منصوري أن الانطباع الذي تولّد لديه من اللقاء يشير، بما لا يرقى إليه شك، إلى أن حصول لبنان على التمويل من صندوق النقد والدول المانحة لن يكون سهلاً كما يُروّج له، بل سيرتبط بخطوات وإجراءات محدّدة زمنياً وموضوعياً.

وهذه الخطوات تتزامن، بحسب المطّلعين، مع ضغوط سياسية مرتقبة عنوانها "التطبيع" و"نزع السلاح". سيتم الربط بين إعادة الإعمار ونزع السلاح على قاعدة الضرورة الملحّة لإطلاق عجلة ما يُسمّى بـ"إصلاح".

البنك الدولي سيتولّى إدارة الصندوق، وصندوق النقد الدولي سيتولّى الخطوات المطلوبة في المالية العامة والكهرباء والاتصالات والجمارك والمرافئ وغيرها.

أما التمويل، فما زال مجهول المصدر. حتى الآن، لم تظهر أي مؤشرات جديّة من الحكومة بشأن تمويل إعادة الإعمار. باستثناء خطوة تلزيم رفع الأنقاض في الضاحية الجنوبية وبعض التعويضات البسيطة التي يقوم بها مجلس الجنوب، فإن العمل الأساسي يقوم به حزب الله، سواء لجهة الإحصاء أو التعويض أو الترميم الإنشائي.

وقد سدّد الحزب حتى الآن 650 مليون دولار على الإيواء والترميم. ومن هذا المبلغ، هناك 250 مليون دولار دفعها الحزب بعد الحملة التي أثيرت من قبل الإسرائيليين وخضع لها لبنان الرسمي على مطار بيروت.

تقول مصادر مطّلعة إن الاجتماع الذي عُقد بين وزير المال ياسين جابر ومسؤولي البنك الدولي خلص إلى اتفاق على إنشاء "الصندوق" الشفّاف، الذي سيضخ فيه البنك قرضاً بقيمة 250 مليون دولار من أجل جذب هبات من مانحين دوليين آخرين بقيمة مليار دولار. وتؤكد المصادر أن ممثلي البنك الدولي طلبوا الإسراع بالإجراءات المطلوبة حتى يتم إقرار الصندوق في اجتماع المجلس التنفيذي للبنك الدولي في 25 آذار المقبل.

إذاً، شفافية الصندوق التي وردت في البيان الوزاري ترتبط حصراً بإدارته من قبل البنك الدولي. وبحسب المطّلعين، أبلغ وزير المال أن الصندوق سيُنفق الأموال على مرحلتين؛ الأولى تتعلق بالبنى التحتية في المناطق المتضررة بالإضافة إلى رفع الأنقاض وبعض التعويضات الصغرى، والثانية تتصل بإعادة إعمار ما تهدّم. المرحلة الأولى تتطلب أن يظهر لبنان التزامه بـ"إصلاحات"، أما المرحلة الثانية فستكون أعمق ارتباطاً بالإصلاحات الجذرية.