بأقلامهم >بأقلامهم
"آه لو تعرفون"؟!



جنوبيات
يا من تملأون أيّامي ضجيجًا جميلًا، يا من تعني ابتسامتكم الحياة وسكونكم سلامًا…
آه لو تعرفون كم أحبّكم يا أولادي!
هذا الحب الذي لا يُكتب على ورقة، ولا يُقاس بكلمات، ولا تحصره لغة.
هو حبٌّ نقيّ، فطريّ، متجذّر، بدأ من اللحظة الأولى التي خفق فيها قلبي على وقع نبضاتكم الصّغيرة، ولم يتوقّف منذ ذلك الحين، ولن يتوقّف ما حييت.
حبٌّ يفوق الوصف!
أنتم لستُم فقط أولادي، أنتم امتدادي، أنفاسي، قلبي الذي يمشي على الأرض.
كلّ هنيهة فرح فيكم تُسعدني أضعافًا، وكلّ لحظة ألم تمرّ بكم تمزّقني بصمت لا ترونه.
أراقبكم تكبرون، فتكبر في قلبي مشاعر مختلطة من الفخر والخوف، من الحبّ والحنين.
كم أتمنّى لو أستطيع أن أقيكم شرور العالم، أن أزرع لكم طريقًا من نور، أن أهبكم قلبي ليحميكم كلّما أظلمت الدّنيا.
إنّها لحظات لا تُنسى في محطّات عمري.
أتذكّر أوّل كلمة نطقتموها، أوّل خطوة مشتها أقدامكم الصّغيرة، أوّل مرّة ركضتم إليّ وقلتم:
"أحبّك يا أبي"، بمقدار حبّكم لوالدتكم الفاضلة.
كانت تلك اللحظات كأنّها رسائل من السّماء، تُخبرني أنّ هذا الحبّ هو أعظم ما يمكن أن أعيشه.
لقد سهرنا (أمّكم وأنا) بجانب أسِرّتكم وأنتم مرضى، وخبّأتُ دموعي حين أخطأتم، ليس غضبًا، بل حرقة على ألّا تُصاب أرواحكم البريئة بأذى.
وكنتُ دومًا أدعو الله أن يحقّق أحلامكم، حتّى لو لم تتحقّق أحلامي.
نعم، إنّه الحبّ الصّامت.
ربّما لا أقولها كثيرًا، ربّما ألهتني الأيّام وأثقلتني المسؤوليّات، فانشغلت عن التّعبير…
لكن صدّقوني، لا تمرّ لحظة إلّا وقلبي يدعو لكم، ويرجو لكم كلّ خير.
أنا لا أحتاج عيدًا لأعبّر لكم، ولا مناسبة لأقولها، لكنّي اليوم أكتبها من أعماقي:
"آه لو تعرفون كم أحبّكم يا أولادي!"
ومن رجاء القلب أقول:
كبرتم، وصارت لكم حياتكم، اهتماماتكم، أحلامكم الخاصّة.
وهذا طبيعيّ، فأنا فخورٌ بكم وفيكم. لكنّني ألفت النّظر إلى مسألة هي في غاية الأهمّيّة:
لا تنسوا قلبًا أحبّكم قبل أن تروْا النّور…
لا تنسوا دفء حضنٍ ما زال يتذكّركم أطفالًا…
يكفيني منكم كلمة، رسالة، لحظة صادقة، فالحبّ لا يشيخ، والقلوب التي أحبّتكم لا تزال تنبض بكم.
وأختم لأقول:
يا أولادي، أنتم المعنى الأجمل في حياتي.
كلّ ما مرّ بي من تعب كان فداءً لراحتكم، وكلّ ما حلمت به كان من أجلكم.
فإن نسيتم يومًا مقدار حبّي، فتذكّروا هذه الكلمات جيدًا:
"آه لو تعرفون كم أحبّكم!"…
لو عرفتم، أكون قد أحسست بعمق أنّ أيّام العمر لم تذهب هدرًا.
وأنا واثق أنّكم تعرفون يا نور العيون.